الفاعل والمفعول به ... إنتقالا من علم النحو إلى النشاط الجنسي البشري


أمنية طلعت
2008 / 4 / 24

في علم النحو، ندرس منذ طفولتنا أن الفاعل مرفوع بالضمة والمفعول به منصوب بالفتحة... لكن هذه القاعدة النحوية انتقلت بشكل أو بآخر لنستخدمها في وصف النشاط الجنسي بين الرجل والمرأة، فالرجل فاعل، أما المرأة فهي ( لا حول ولا قوة إلا بالله) مفعول بها!
نتعامل جميعا مع هذه القاعدة على أنها نص إلهي، وأمر طبيعي نشأ من طبيعة المرأة والرجل التي خلقنا الله عليها، فالرجل هو الذي يقوم بكل الفعل الجنسي، بينما المرأة ترقد على ظهرها في حالة تلقي سلبي.... أعترف تماما أن غالبية النساء في مجتمعنا العربي تربين على أن الجنس فعل مقزز وأنه شأن من شؤون الرجال، ونحن النساء علينا أن نقبل بهذا الفعل حتى نرضي ذكرنا الغضنفر ونحصل على النسل الذي سيضمن لنا حياة زوجية مستدامة مع فحل الفحول.
لكن السؤال الحقيقي هو: هل الرجل فاعل والمرأة مفعول به فعلا؟ هل النشاط الجنسي البشري موجب يمثله الرجل وسالب تمثله المرأة؟ هل الرجل مرسل والمرأة مجرد مستقبل؟
يعلل الكثير من الرجال هذا الأمر لتخفيف حدة الصدمة لدى بعض النساء النسويات أو كما تم التعارف علي تسميتهن (الفيمنست) بقولهم: إن هذا الأمر مسألة تعود إلى طبيعة الرجال والنساء التي جبلنا عليها الله، لأن الرجل يمتلك عضواً ذكرياً في حين تفتقد المرأة لذلك العضو ولا تفعل سوى أن تتلقاه داخل مهبلها صامتة أو سعيدة ربما، أما البعض الآخر فيقول: أن هذا بسبب كون الرجل هو الذي يقوم بالفعل الحركي في الجنس بينما ترقد المرأة على ظهرها منتظرة نشاط الذكر الحركي الذي سيتم معه الفعل الجنسي كاملاً ... أعترف للمرة الثانية بأن نساء العرب لا يعلمن من شأن الجنس سوى ذلك المشهد، وإذا ما قامت بأي حركة تفاعلية زائدة عما هو مقرر في أدبيات الجنس العربي الأنثوي الصامت، فسوف يتم رميها بالعهر وسوف يتم طردها من فراش الزوجية الآمن إلى قارعة الطريق مع العاهرات من مثيلاتها...لكن، لماذا لا نتحدث بشكل علمي قليلا؟
ربما أسس فرويد لفكرة الفاعل والمفعول بنظريته الخاصة بافتقاد المرأة للعضو الذكري، عندما قال ان المرأة الطبيعية في أصلها ذكر ولكن مبتورة العضو، لذلك فهي تعيش حياتها كلها تبحث عن العضو المفقود بلا جدوى مما يجعلها تعيش محبطة مستسلمة لقدرها المحتوم، وبالتالي خاضعة للرجل فتعيش تحته في كافة مواقف الحياة بما فيها الجنس. وهنا نلاحظ مدى تقارب وجهتي النظر فالمرأة تعيش محبطة لافتقادها عضو الذكر الناقص وبالتالي تكون مفعول بها من قبل ذلك العضو الذي تبحث عنه طوال العمر بلا جدوى.
لكن مع كامل احترامنا وأسفنا لفرويد لم يؤيد العلم نظريته النفسية التي بنى عليها سبب إصابة عدد كبير من النساء بالعصاب، دون أن يفكر للحظة أنه ربما كانت قسوة المجتمع على المرأة منذ نشأتها هي سبب ذلك، فالعلم كما اكتشف كل من ماسترز وجونسون أن النساء بطبيعتهن قادرات في حالة حدوث الإثارة الجنسية الكاملة أن يصلن إلى الأورجازم أكثر من مرة بل مرات متعددة قد تصل إلى ست مرات أو أكثر خلال العملية الجنسية الواحدة، ووجد أنها قد تصل أحيانا إلى خمسين مرة أو أكثر إذا ما استمرت الإثارة للمنطقة البظرية واستطاعت المرأة أن تتحكم في توترها الجنسي وتحتفظ بمدد أطول من الإثارة. أما العالمة شيرفي فقد إكتشفت أن قدرة المرأة الجنسية دائرية لا محدودة ينتج عنها حالة مزدوجة متناقضة وهي عدم الاشباع الجنسي مع وجود قمة الإشباع الجنسي.
وقد اكتشف الرجل تلك القدرة الجنسية المهولة لدى المرأة مع مرور الوقت وبداية تطور الوعي البشري، إضافة إلى امتلاكها لميزة الحمل والإنجاب، مما يجعلها تمتلك خيوط اللعبة الكونية في يديها ففكر في وسائل متعددة لقمعها والحد من طاقتها الجنسية، فخرجت علينا عمليات الختان التي تمثل بترا لعضو المرأة الجنسي الذي يساوي تماما بتر العضو الذكري لدى الرجل، لتبقى مجرد وعاءً لصب منيه فيه مما يأتي بالأطفال والأطفال فقط! كذلك اخترعوا أمورا عدة غير الختان في الثقافات العالمية القديمة مثل حزام العفة الصيني والتدبيس، فقد كانت بعض الشعوب القديمة تدبس أعضاء الأنثى الجنسية حتي فتحة الرحم ولا تترك سوى فتحة صغيرة تسمح بنزول دم الحيض، ولا تفك تلك الدبابيس إلا عند زواج المرأة فإذا ما مات او رحل زوجها او طلقها عادوا إلى تدبيسها مرة أخرى.
ومع تطور البشرية وازياد مساحة احترام الجنس البشري لبعضه، اخترع الرجال أساليب أخرى أقل عنفاً، حيث ألبس المرأة حزام عفة من نوع أخلاقي، فتم نشر قيمة الفاعل والمفعول به، وإقناع المرأة منذ طفولتها أنها بلا رغبة جنسية وأن الجنس رجل ورجل فقط، وأنه علينا نحن النساء أن نقبل بتلك الرغبة الذكورية فقط من أجل الحفاظ على الزوج والإنجاب الذي هو قمة الفعل البشري الأنثوي والخدمة الجليلة التي خلق الله المرأة من أجلها!
سيداتي سادتي .... الجنس ليس فاعلا ولا مفعولا به، إنه اثنين من الفاعلين واثنين من المفعول بهما، إنه نشاط بشري راقي يقوم على إشباع غريزة أساسية خلقنا الله بها، تماما مثل لذة الطعام والشراب وتلك الراحة التي تعترينا بعد القيام بعملية الإخراج. الجنس حاجة ضرورية للبشرية، فدعونا لا نحددها في الذكر، ولا نتفلسف ونقول أن الرجل هو الفاعل لأنه الذي يرسل، فكل من الرجل والمرأة مرسل ومستقبل، وفي عيادات الرشاقة العالمية الآن، ينصح الخبراء زائدين الوزن، بأن يتبعوا حمية غذائية ويمارسوا الرياضة ويمارسوا الجنس، لأن ممارسة الجنس تساعد الإنسان سواء كان رجلا أم امرأة على فقد من 250 إلى 300 سعر حراري، ومن هذا المنطلق، فإن العملية الجنسية السوية يبذل فيها كل من الرجل والمرأة نفس المجهود البدني الذي يساعد كليهما على فقد هذه الكمية من السعرات الحرارية.
الجنس نشاط بشري لا يقتصر على الذكور، يلعب فيه كل من الرجل والمرأة الأسوياء المتحررين من المفاهيم الخاطئة، دور الفاعل ودور المفعول به في نفس الوقت، فكل منهما يحدث له انتصاب في عضوه الجنسي ( العضو الذكري والبظر عند المرأة) ومع الوصول للذروة ( الأورجازم) كليهما يقوم بعملية القذف ...وإن كنا سنختار فاعلا أقوى في العملية الجنسية أو عنصرا أكثر قدرة وأكثر استمرارية فوفقا للعلم وليس الخزعبلات الذكورية، ستكون المرأة هي الفاعل والرجل هو المفعول به.