عفوا لتاء التأنيث



سهيلة بورزق
2008 / 5 / 26

عليك أن تكون أحمقَ كي تصدقك جميع النساء وإلا ستنتحر بطيئاً، ولن تجد من تغريك برضاها عليك.
حكمة الحماقة لدى الرّجال العرب متأصلة في شخصيتهم منذ الأزل، وشخصياً ما زلت أشكِّك في قدرة الذكر على استيعاب وجوده. فالعالم كله يحكمه الرجال من غربه إلى شماله، ومن جنوبه إلى شرقه، لكن المعادلة لدينا نحن العرب تختلف في كون ملوكنا وأمرائنا من جنس بشري مشكوك في حسّهم الإنساني تجاه كل شيء.
كيف تريدونني أن أغفر لرجل يجعل من زوجته خادمة له ولأولاده وأهله وأقربائه وهو مقتنع تمام الاقتناع بأن الذي تقوم به -هذه المغلوبة على أمرها- هو من صميم مسؤولياتها.
أعيش هنا في أمريكا منذ سنوات، اكتشفت أن الرجل العربي المتزوج من غير المرأة العربية إنسان جد مختلف، فهو الحبيب والزوج والأب والخادمة -مع اعتذاري لتاء التأنيث- التي لا تهدأ إلا إذا تأكدت أن أمريكا كلها راضية عنها.
لماذا المرأة عندنا لا تزال تشعر بالغبن رغم مرور أحقاب من الزمن على العبودية؟ لماذا لا يزال داخلها ينزف رغم الشهادات العلمية التي تتحصل عليها بامتياز وفي جميع التخصصات؟.
هذا الكائن الرقيق الذي تُغتصب حقوقه الإنسانية باسم لاهوت التقاليد هو منبع الجمال في عيوننا، قد لا تستوعبون كلامي بالشكل الذي يرضي ذكورتكم العقيمة، لكنني مُغتَصَبة الحقوق أيضاً وغاضبة من عمقي الذي لم يستطع التحرر من عقدة تنظيف حمامات المنزل أربع مرات في الأسبوع وزوجي يشاهد برنامجاً على قناة الـ(سي.إن.إن). أعترف لكم بأنني جد متعبة من الحديث عن المرأة العربية، والمرأة هنا في أمريكا تحتفل بزواجها من خادمة -عفواً لتاء التأنيث مرة أخرى- نازحة من عالم الظلام اسمها الرجل العربي.
تلك هي المفارقة التي صدمتني وأنا أستمع إلى صديق عربي شاب يتحدث بفخر عن علاقته الزوجية الناجحة مع أمريكية في الخمسين من عمرها، ويذكر لي أنه أخذ دروساً في الطبخ حتى يرضيها، ومعلوماتي تقول إنه باع البيت الذي يؤوي زوجته المراهقة وابنه في بلده العربي كي يحقق لهما المستقبل هنا، لكنه تحوّل إلى قطع غيار نادرة.
إذن على كلّ رجل عربي مقدم على الزواج أن يتقدم بطلب التأهيل الإنساني من أمريكية أو فرنسية أو روسية أو ألمانية أو من أية جنسية غير عربية، ثم يعود بشهادة الدكتوراه موقعة وموثقة تثبت أنه صالح للاستعمال.
إذن فلتستعد النساء العربيات لاستقبال الفرسان الذين سيخضعون لعدة عمليات تجميل على مستوى الأخلاق والسلوك والصدق وخدمة الخمس نجوم وسأكون أولهن.