حقوق المرأة العراقية



عصام البغدادي
2004 / 1 / 15

يبدو جلياً من محاولة بعض أعضاء مجلس الحكم تمرير قرار بالغاء قانون الاحوال المدنية ، التفكير الباطني المستتر والنوايا المبيتة للاجهاز على حقوق المرأة العراقية والعودة القهقرى الى السلوك الرجعي في التعامل معا ومع حقوقها ، المرأة  العراقية التى عانت خلال العقود الماضية اشد معاناة ، لا اتردد بالقول انها كانت أكثر جسامة من معاناة الرجل العراقي ، ان عدم احترام أعضاء المجلس اساسا لنسبة تمثيل المرأة العراقية منذ تشكيله، وعدم منحها الفرص الكافية لإبداء ارائها ، ومحاولة التقليل من شأنها وكما صرحت به علانية بعض أعضاء المجلس من النساء ، يشكل دليلاً قاطعاً لايقبل اي التباس ، بمدى قصور النظرة لدى أعضاء المجلس لدور المرأة العراقية المستقبلي في أعادة تربية الجيل القادم وادائها المسؤولية الملقاة على عاتقها بامانة واخلاص ، فكيف يمكن اعادة تنشئة وتربية وتقويم الجيل  الحالي من الاطفال من سن 6-18 سنة اذا اراد المجلس عض وهضم جزء او كل من حقوق الام والاخت والزوجة والابنة؟؟
ان محاولة التمرير هذه التى تصدى لها الحاكم الاميركي ، تشكل بادرة خطيرة لتكريس النعرات الطائفية ، وهو سباق خفى بين الاجنحة السياسية لتحقيق مكاسب للنهج الذى تتبعه، وبهذه المحاولة نستكشف مافي نفوسهم وافكارهم لكي نكون اكثر تماسكاً وثباتاً للخطوات التى قد يقدم البعض عليها عندما يكون هناك دستور وحكومة ثابتة.
لقد كنا وكان الكثير من ابناء الشعب العراقي برجاله ونسائه ينتظر من مجلس الحكم افكارا وقرارات اكثر منطقية وجدية وليست تشريعات مبتسرة وغير كفوءة ، فقد اتسم الكثير من قرارته بالسطحية أزاء العديد من المسائل المختلفة وانها ليست سوى قرارات غير مدروسة بروية وتعمق ، او مرفوعة من قبل لجان اكاديمية مختصة . ويبدو ان المجلس الحالي يريد تكرار تجربة مجلس قيادة البعث المنحل بالتسابق لاصدار القرارات الفورية والمزاجية او التى كانت تخدم فئات وشرائح محدودة ، ومفاجأة الشعب بها من خلال اسلوب الاعلان وتوقيته.
ان أمام المجلس قضايا اكبر اهمية في الجانب الاقتصادي والامنى والسياسى ،أما في القضايا الاجتماعية ، فعليه التروي لحين تشكيل حكومة وطنية واعلان دستور للعراق يصوت عليه ويقبله الشعب العراقي، لان البناء الاجتماعي هو السقف الذى يستند على اركان الاستقرار السياسى والامنى والاقتصادي ، حيث تصبح لدى القائمين عليه تصورات وافكار ومشاريع تربوية سليمة قائمة على حسن التخطيط ووضوح معالمه ، وليس على اجراءات وقرارات ارتجالية قابلة للتغيير والنقض.
 ولا أدري لماذا يهرب المجلس من كل تلك الاولويات لينقض على الجوانب التى لايمكن لخمسة وعشرين عضوا تقريرها ( فيما لو سنحت لهم الفرصة للاجتماع بكامل عضويتهم) ؟؟ ، اليست هذه ايضا محاولة لقطع الطريق على الاختصاصيين من التربويين ورجال القضاء والقانون لكي لا يؤدون  دورهم المطلوب حينما يحين وقته؟؟؟ أم هي مكافأة يريدون تقديمها للمرأة العراقية بعد أن تخلصت من معاناة البطش والحروب والفقر الاقتصادي والانهيار الاجتماعي ( والحمد لله انها تخلصت من ذلك ليس بفضل أعضاء المجلس الحاكم) لكي تقع ضحية مرة أخرى في دوامة حقوقها التى يحاول البعض سرقتها علناً وفى وضح النهار.

وبذلك لا يكون هناك كبير فرق بين هذه الطريقة التى يرومون معالجة الامور بها عن الطريقة الصدامية السابقة التى كانت تجري وفق المزاجية الفردية والعقلية العشائرية  المغلقة والمتخلفة.