الحجاب ... النقاب ...



محمد كليبي
2008 / 6 / 9

أولا : أتفق مع الكاتبة الرائعة "وجيهة الحويدر" - والتي نشترك معا في كون مجتمعينا السعودي واليمني من أكثر المجتمعات تخلفا وبخاصة فيما يتعلق بالمرأة - أتفق معها في قولها , في أحد اللقاءات التلفزيونية , بأن الحجاب مرتبط بالبيئة الصحراوية في الجزيرة العربية وأنه كان موجودا قبل الدين المحمدي . ولكني أضيف أن محمدا أقر هذا الوضع فأصبح جزءا لا يتجزأ من الدين . فمن المعروف في الفقه والشريعة المحمدية أن ما أقره الدين مما كان في الجاهلية ! فهو من الدين . ويؤيد هذا الرأي الكثير من الآراء القائلة بأن الحجاب واجب ديني , ويؤكده كذلك اجماع فقهاء الدين -عدا جمال البنا و حسن الترابي مؤخرا . وبالتالي فالمشكلة / الاشكالية في الدين وليست في التفسير المتطرف والأصولي للدين كما يحاول بعض المثقفين ! ادعاء ذلك , وكأنهم بذلك يدافعون عن الدين , العدو الأول للمرأة . فالأصولية والتطرف وحتى الارهاب الاسلامي/المحمدي يستند دائما الى الدين . فالدين قابل لكل التفسيرات والتأويلات و" الغايات " . واذا فلا سبيل لنا الا محاربة الدين والقضاء عليه أو تحييده ولو استغرق ذلك قرونا ؟؟؟

ثانيا: مثلما أنني لا أؤمن ولا أقر التطرف والتعصب الديني الذي يفرض الحجاب والنقاب و...على المرأة . فانني بالمقابل أرفض التطرف العلماني الذي يفرض السفور , لأنني لا أؤمن الا بالحرية ولا أقدس الا الحرية , والحرية الفردية بالذات , وهذه الحرية تشمل حرية الفرد - ذكرا وأنثى -في لبس ما يشاء بغض النظر عن قناعة الآخرين , المهم الا يكون مجبرا على ذلك , فالحرية فوق كل اعتبار . ولذلك فأنا لست مع ما يحدث في تونس وتركيا وحتى فرنسا ضد المحجبات .
فالمرأة ليست " ملكية " , لا للاصوليين اللاهوتيين ولا للعلمانيين لكي يتبادلان الوصاية عليها . المرأة انسان , وانسان حر - كما نناضل - قبل كل شيء .
ثالثا: بالاستناد الى التحليل الموضوعي للأوضاع الاجتماعية العربية عامة ووضع المرأة خاصة , في الوقت الحاضر مقارنة بفترة الستينات والسبعينات...أي فترة المد الاشتراكي . وهذا ينطبق على جميع الدول العربية بما فيها اليمن , نجد أن فترة الستينات والسبعينات أكثر انفتاحا وحرية للمرأة اليمنية والعربية . فأنا أتذكر أنه أثناء طفولتي لم تكن في قريتي أي امرأة منقبة , أما اليوم فان جميع نساء القرية - واليمن عامة ريفا و حضرا - من سن العاشرة تقريبا فما فوق , مغلفات ! ومتشحات بالسواد بكامل أجسادهن . وهذا طبعا ناتج عن تمدد الاسلام السياسي في اليمن والمنطقة .

رابعا: لا يمكن أن ننسى دور " الرجل العربي " وعلاقته بحرية أو عدم حرية المرأة العربية , فعقلية الرجل تنعكس ايجابا أو سلبا على وضع المرأة ودرجة انفتاحها وتحررها من عدمه .

و لدي تجربة شخصية في هذا الجانب : فقد تعرفت على شابة متعلمة ومثقفة ومنفتحة , ولكنها منقبة ( اجتماعيا وليس قناعة ) . وكان الاتفاق بيننا أن تتخلى - بقناعتها - عن النقاب بعد الزواج كحد أقصى اذا ما رفضت أسرتها / أبوها ذلك في فترة الخطوبة . وفعلا تمت الخطوبة وتخلت عن النقاب , وأصبحت حرة . ولكن عندما فشلت الخطوبة لأسباب مادية بحتة , وانفصلنا رسميا , مع استمرار علاقتنا كأصدقاء (( أجبرها أبوها ))!!؟؟ على العودة لارتداء النقاب , فيما أسميه أنا "العودة الى القطيع " .

فالرجل هو صاحب القرار في حياة المرأة اليمنية . وهي لا تملك من أمرها شيء !!!!؟؟؟؟؟



خلاصة : الحجاب والنقاب وما شابه ذلك ظاهرة اجتماعية ثقافية فكرية مغلفة و مدعومة من الدين


* كاتب علماني يمني