بعد غضبة نساء العراق : ومضى عهد الفحولة



حميد كشكولي
2004 / 1 / 17

نقلت صحيفة سويدية بعد العملية  الإرهابية التي تعرض لها  برجا وول ستريت في  نيويورك  عن اسامة بن لادن قولا له ضد العالم الغربي بأنهم – أي الغربيون-  " يريدون تجريدنا من رجولتنا" . إن ابن لادن يعبر بصدق عن إرادة الإسلام السياسي و الذكوريين المتجحفلين معه  باستعباد المرأة و حبسها في الحرم و ابقائها أسيرة في طاعة  "بعلها" ، أداةَ مقدسة لاشباع غريزته الجنسية الحيوانية . و إن القوى الرجعية لا تفّوت اية فرصة لتمرير مخططاتها ، و تلجأ إلى كل أساليب الكذب و الخداع و نكث الوعود في سبيل أخذ الزمام و ممارسة سلطتها السوداء. و هؤلاء الفحوليون لا يتنازلون  عن مغانمهم من الحريم و الجنس  عن طيب خاطر، و سيبدون أقصى جهودهم للاحتفاظ بها. 
إن غضبة النساء و معهن كل أحرار العراق و العالم  في مظاهراتهن الإحتجاجية على قرار الغاء القانون المدني فيما يتعلق بشؤون المرأة و العائلة ، و احلال قانون رجعي طائفي بدلا عنه ، اوقعت الاسلام السياسي في حيرة و يأس من أن يعود يوما يطبق شريعة استعباد المرأة في العراق.
أن سن هذا القانون العبودي من قبل اسلاميي مجلس الحكم مستغلين فترة غياب العلمانيين و انشغالهم بأمور أخرى ، لم يكن ابن ساعته ، بل كانوا يخططون لتمريره قبل سقوط النظام البعثي . ففي مؤتمر لندن لبحث تداعيات سقوط النظام بحرب أمريكية ، طرح الأستاذ كنعان مكية أفكاره و تصوراته عن المجتمع المدني في عراق ما بعد البعث ، منها قوانين تضمن مساواة المرأة مع الرجل ، فانبرى له الاسلاميون أسرى ذكوريتهم  مهاجمينه بلا هوادة حتي تم غلق الملف الذي يبحث في هذا الموضوع الحيوي.
لقد انتزعت المرأة العراقية  بنضالها و معها كل التقدميين  و بتضحياتها الجسام  الكثير من حقوقها ومنها القانون المدني الذي ينظم حياة المرأة والاسرة و أنه   لا يمكن لأحد ما أن يعود بعقارب الساعة الى الوراء و احلال قانون رجعي ظلامي محله . و ان مظاهرات نسائنا جعلت القوى الرجعية تتيقن من أنها قد أصبحت خارج العصر، أن سعيها للإستمرار في الحفاظ على شرائع الجاهلية التي تبرر النظرة الدونية للمرأة قد فشل و قد اصبح في حكم مزبلة التاريخ . و اليوم ليس أمامهم إلا البحث عن تبريرات للهزيمة في كتب التراث الديني .. مثلا أن يقتنعوا بأن الزمان قد تغير و أنهم و أفكارهم  لا بد أن يتغيروا. عليهم اليوم البحث عن تبريرات يستقونها من نصوص الدين لمساواة المرأة و الرجل ، وأن يبرروا تبؤ المرأة لأي مركز سياسي و اجتماعي في البلاد ، وإلا لا يمكنهم ايجاد أسباب لبقائهم  و توفير متطلبات الاستمرار في الحياة.
عليهم اليوم أن يفسروا نصوصا بشكل مغاير يسمح لهم بفسحة من التلائم مع الحياة العصرية ، مثلما أذعن رجال الدين في الغرب لشروط التمدن و اصبحوا لا يشكلون عراقيل امام تقدم مجتمعاتهم .
إن عزيمة النساء العراقيات و كفاحهن أثبتت أنهن يتحركن في طليعة النضال في  سبيل ليس تحرير أنفسهن فحسب بل تحرير الرجال أيضا و ارساء اسس   المجتمع المدني و دولة القانون.
إن المجتمع العراقي بعد سقوط النظام البعثي و الاحتلال يعاني من مشاكل عديدة ،  كان الاجدر باعضاء المجلس ايجاد حلول لها ، لا إثارة مشكلة كبيرة تثقل كاهل مجتمعنا بأعباء أضافية . كان عليهم أن يضعوا مشكلة البطالة التي نسبتها الكارثية % 70 ،  في أوليات قضاياهم التي تستحق البحث و ايجاد حلول مرضية لها. كان عليهم التفكير في تحسين الوضع الصحي للمواطنين باصلاح المستشفيات و استقدام الاطباء اليها و الادوية .
إن المرأة تواجه ايضا النظرة الدونية نفسها من ر جعيين  يدّعون العلمانية و التمدن و أني على يقين بأنهم يؤيدون ضمنا أي قانون يحد من حرية المرأة و ينتهك كرامتها .  و هؤلاء يرتكبون جرائم فظيعة ضد النساء . و شهدنا العديد منهم ارتكب قتل الشرف  ضد بناتهم .
 فالذكورية تجمع الاسلام السياسي و الرجعية القبائلية و الطائفية في حلف غير مقدس ضد المرأة . فالرجعيون القوميون و الطائفيون لكي يصونوا رجولتهم و فحولتهم ، ليس أمامهم إلا صب الماء في طاحونة الرجعية الدينية ، و ايجاد تبريرات متبادلة  لسياساتهم   المعادية للمرأة ، من قتل الشرف و الاجحاف بحقها في المساواة و التمتع بحريتها كإنسان.
إن تصاعد نضال المرأة في سبيل حقوقها و إقامة دولة الحريات و القانون يجبر الإدارة الأمريكية الحاكمة على القبول بمطاليب الشعب العراقي  و عدم الاستماع للقوى المعادية لمصالحهم ، و يجعلها  تدرك أن العراق ليس بالحجاز . و أن على فلول المقاومة العراقية الإرهابية أن تدرك بأن نساء العراق لن يقبلن بها ، وقد جربن حكم البعث لعشرات من السنين ذاقن خلالها الأمرين و ترملن و ثكلن بأبنائهن و عذبن أشد العذاب. و الكل يعلم أن النظام البعثي كان يسن القانون بالشكل الذي يساعده على الاستمرار في كرسي الحكم بغض النظر عن رجعية و تقدمية ذلك القانون.  و هذا النظام أعاد العمل بقانون العشائر الرجعي و سن قانون قتل الشرف بتخفيف الحكم عن الجاني حين يقتل امرأة قريبة منه بمجرد الشبهة باقامة علاقات جنسية غير مشروعة .
و أخيرا ليس لي إلا أحيي نساءنا و أعلن تضامني الكامل معهن في نضالهن العنيد ضد الرجعية و المقاومة الوطنية الإرهابية  .. و  أخاطبهن  : لقد جعلتن حقا  كيدهم في تضليل.