العنوسة مشكلة الرجل !



رحاب الهندي
2008 / 6 / 12

من المضحكات المبكيات في عالمنا نصف العاقل ونصف المجنون هذه الاصوات الكثيرة من الرجال الذين يصرخون ويتألمون من أجل المرأة التي لم تتزوج ويطلقون عليها عانساً!
ويلقون باللوم على النساء في تعصبها ورفضها حين يفكر زوجها بالارتباط ثانية، لان الزواج الثاني والثالث قد يحل مشكلة العنوسة التي تفاقمت بالعراق ووصلت الى رقم كبير وبتعداد اربعة ملايين فتاة حسب تقرير احدهم! ومما يثير الضحك والبكاء معاً ان الواقع في مجتمعنا يقول ايضا ان هناك نسبة لابأس بها من الزواج الثاني للرجل. لكنه لم يتزوج ليحاول حل مشكلة العوانس التي تؤرقه بل اختار فتاة لم تتجاوز الثامنة عشر! وهم أنفسهم يطالبون النساء بالسماح لازواجهم الزواج ثانية! هذا التناقض في شخصية الرجل هو من اهم مشاكلنا العصرية والتي تختصر بأنه يقول ملا يفعل. وغالباً يعتقد( طبقا للموروث الاجتماعي) ان المرأة تنتهي حياتها البيولوجية بانتهاء العقد الثالث او اكثر بقليل، وان حيويتها كأنثى تختفي و... و.. !
مبررات بلا منطق ومطالبة المرأة بالموافقة على الزواج الثاني ليس احتراما وحبا للمرأة ولا محاولة للتخفيف من مشكلة العنوسة ولكن لاغراض شخصية بحته. من المصادفات ان هذا الموضوع نوقش اكثر من مرة في جلسات تضم كثيراً من الرجال بعضهم متزوج مرتين وثلاث وحين اسأل الواحد منهم بصراحة هل تزوجت فتاة تعدت الثلاثين؟ فانه ينتفض وكأن المسألة تعدو جريمة قائلا: لا، انا زوجتي الثانية صغيرة! وبالطبع هو تعدى الاربعين!! احدهم كان اكثر جرأة وصراحة حين قلت لهم انتم الرجال تناقضون انفسكم وغالباً يتزوج الرجل فتاة اصغر منه بكثير، نوعاً من التحدي لنفسه اولا وبأنه قادر على احتوائها عقليا وجنسياً!
قال هذا الرجل: لست ممن تتحدثين عنهم انا احب احدى زميلاتي وقد تجاوزت الثلاثين وهي اكبر مني، لكنها ترفض الارتباط بي!!
نموذج او نموذجين من هذا النوع قد يحدثان في إطار مجتمع كبير، لانستطيع أنكاره لكن ماذا عن النسبة الغالبة! تقول احدى الفتيات التي تجاوزت الثلاثين ضاحكة:
تقدم لخطبتي الكثيرون ورفضتهم لان السبب كان مادياً، يبحثون عن امرأة تعمل، لاعن امرأة تحبهم ويحبونها! اعترافات كثيرة لفتيات تجاوزن الثلاثين ولم يتزوجن نكتشف منها ان هناك خللاً في نظرة الفتاة او المتقدم لها للزواج. فتقتنع بان تبقى على حالها افضل الف مرة من ارتباط يؤدي بها الى مشاكل متعددة!
في نقاش آخر مع مجموعة من الرجال سألتهم سؤالا مباشراً: انتم تحاولون طرح حل لمشكلة العوانس النساء ، وهنا في العراق عوانس من الرجال بنسبة كبيرة. لماذا لاتفكرون في حلها؟
احدى الاجابات كانت من الصراحة والطرافة الغريبة انقلها هنا قال المتحدث: الرجل العانس لايملك مشكلة هو صاحب قرار، ثم ان لديه حرية التحرك واقامة العلاقات المختلفة، ولا اعتقد انه يواجه مشكلة ما. اما الفتيات فهن( خطية) !
وحين سألته هل انت متزوج ضحك قائلا: لا. عمره تعدى السادسة والثلاثين ، قلت له: اذن انت عانس، ازدادت ضحكته قائلا: لا انا حر. مأساتنا اننا نناقش مشاكلنا بوجوه متعددة ونختار مايناسبنا مطالبين الاخرين بحلها، فهذا الرجل الذي كان متحمساً لحل مشكلة العنوسة وهو متزوج من ثلاث نساء، لم يختار احدهن من مرحلة العنوسة!! والاخر حذا حذوه.. غالبيتهم يختارون تلك الفتيات الطامعات بالمركز او المال وقلة منهن تحت شعار انا احببته!!
لو بحثنا بدقه وأكثر تعقلا عن كل مشاكل حياتنا الاجتماعية لوجدنا في مخزونها هذا الكم الهائل من المغالطات والاخطاء في اختيار شريك الحياة او في اختيار الحرية للرجل العانس!
وتبقى حل مشكلة الفتاة العانس التي يرفع شعارها بعض الرجال المتزوجون ( من غير عوانس ) مشكلة بلا حل !!