سيدة مصرية : ديار الكفر احسن من ديار المسلمين



ابراهيم علاء الدين
2008 / 6 / 20

التقيت بالصدفة بسيدة مصرية في السفارة المصرية بالكويت وكانت متذمرة جدا ومتبرمة وتكاد تختنق الكلمات في حلقها وهي تقول "اروح فين الساعات الثلاثة دي انا يا دوب قدرت اوصل ، دي الدنيا حر قوي".
سالتها عن سبب تذمرها فقالت " جيت اعمل لعيالي فيزا عشان يروحوا معايا مصر لقيت الزحمة دي وقدمت المعاملة بعد ساعتين من وصولي وبيقول لي الموظف ارجعي بعد 3 ساعات او تعالي بكره" طيب انا اروح فين الثلاث ساعات دي".
قلت لها ولماذا اولادك يحتاجون لفيزا لزيارة مصر ؟
قالت : لان ابوهم سوري وجنسياتهم سورية.
قلت : ولماذا لا تعملي لهم معاملة للحصول على الجنسية المصرية
قالت : ما ينفعش يا بيه ممنوع علىالست المصرية ، قال ايه الاولاد بيتبعوا ابوهم!!!
واضافت الست المصرية "لو الاولاد اتولدوا بامريكا لاخدوا الجنسية فورا، وقال ايه بيقولوا بلاد كفار !! لأ وبيلعونهم في الجوامع طيب والله ان بلاد الكفار احسن من بلادنا".
توقفت طويلا امام هذه المعاناة التي تعاني منها ملايين السيدات في بلاد العرب بلاد الاسلام والايمان بلاد الخليفة، بلاد "لا فرق بين عربي واعجمي الا بالتقوى".
ورددت مع السيدة الغلبانه .. والله بلاد الكفار احسن من بلادنا .
فقوانين الاحوال الشخصية في بلاد المسلمين العربية تحرم على المراة اعطاء جنسيتها لاطفالها، وتقول الاحصاءات في مصر ان هناك ما يقرب من مليوني طفل من ام مصرية ممنوعون من الحصول على جنسية امهم ، وتفاقم المشكلة عندما يفترق الزوجان اما بموت الزوج او بالطلاق وتضطر الام لرعاية ابنائها في وطنها ، مما يجبرها القانون على الحصول على اذن بالاقامة يتجدد سنويا او كل بضعة اعوام.
والمشكلة الاكر انهم لا يستطيعون دخول مدارس الحكومة او الاستفادة من قوانين الضمان الاجتماعي او الرعاية الصحية او اي ميزة يحصل عليها اقرانهم ممن ابائهم يحملون جنسية ذاك الوطن.
وتتفاقم المشكلة عندما يكبر الاولاد ويصبحوا في سن العمل ، فالقانون يمنع عليهم العمل لانهم بنظره اجانب لا يحق لهم العمل الا كمستثمرين ، يعني على الام عندما تلد طفلا من اب من غير جنسيتها ان تلد معه ملايين الدولارات حتى يستثمرهم عندما يكبر.
ففي الكويت مثلا يمكن ان يولد الانسان ويكبر ويتتزوج من كويتية (مواطنة درجة اولى) ويخلف صبيانا وبنات ويكبر ابنائه ويتزوجون ويخلفون ويتجاوز عمره الخمسين واذا انتهت اقامته يطردوه خارج البلد طرد الكلاب اذا لم يخرج بنفسه قبل ان تنتهي اقامته.
وكذا الامر في كل دول الخليج مهما طالت فترة الاقامة هناك فلا بد ان يتوفر في كل وقت كفيل يعطيه الحق بالاقامة لذى انتشرت ظاهرة ما تسمى ب (تجارة الاقامات) لتجد المواطن المصري الصعيدي في الكويت يعمل في مهن حقيرة فقط ليتمكن من توفير قيمة الاقامة وسداد الدين المبلغ الذي استدانه ليدفع قيمة تذكرة السفرالتي جاء بها الى الكويت.
وهكذا الامر مع كافة الجنسيات الاخرى ، مما ادى الى وجود الاف الشركات الوهمية التي تحقق ارباحا طائلة من وراء تجارة الاقامات.
وتسائل ملايين النساء العربيات لماذا ابن الرجل يحصل على الجنسية تلقائيا والمراة ممنوعة من حصول ابنائها على جنسيتها ، اليس في ذلك اقسى درجات التمييز ضد المراة ، مم الخوف من اعطاء ابناء المواطنة العربية جنسية وطن امهم ؟ هل الخوف من الولاء لغير الوطن ؟؟ الا يتناقض هذا الامر مع سماح جميع الدول العربية تقريبا لمواطنيها بالحصول على جنسية بلد اخر ان استطاعوا ، كم من مليون عربي وعربية يحملون جنسيات اوروبية وامريكية وكندية واسترالية وامريكية لاتينية ، ومع ذلك يحتفظون بجنسيتهم الاصلية؟
ما هذا التناقض ؟ الذي لا يفسره الا شيء واحد وهو فقط التمييز ضد المراة؟
بالطبع فان قوانين الاحوال الشخصية في بلاد العرب المسلمين مستمده من الشريعة الاسلامية ، وهذه الشريعة تقول ان المراة ليست كالرجل قيمة وحقوقا , فهي خلقت من ضلع الرجل (زورا وبهتانا) قول الله عز وجل (وخلقنا لكم ازواجا من انفسكم" لا تعني ان المراة خلقت من من الرجل بل من نفس تكوين الرجل اي نفس الشيء فكما خلق ادم خلق حواء، وهذا المعنى قال به الشيخ القرضاوي في احدى حلقات برنامج الشريعة والحياة.
اذن التمييز ليس من الدين بل من العرف القبلي البدوي الموغل في البدائية والتخلف ، فمجتمع الرجال هو نتاج مرحلة بدائية – مرحلة الرعي والغزو – ولكما مضت البشرية نحو المزيد من الحضارة كلما حازت المراة على بعض حقوقها المستلبة.
والا كيف تمكن السيناتور اوباما من التنافس على منصب الرئيس في الولايات المتحدة الامريكية وهو الكيني الاصل كما قال الرئيس القذافي، وكيف تمكن ساركوزي من احتلال الشانزلزيه رئيسا لفرنسا النوروهو من اصول اسيوية لولا ان تلك البلدان آمنت بالنظام الديمقراطي .
وكيف وصل الى مقعد رئاسة الجمهورية في امريكا اللاتينية خمسة رؤساء اصولهم سورية ولبنانية، ويصبح رجل اصله يمني من تولي منصب وزير الخارجية في ماليزيا (المسلمة).
وكيف اصبح كبير موظفي البيت الابيض في عهد كلينتون اصله لبناني ، والقائمة طويلة جدا في شتى انحاء العالم ، فيما الام العربية لا يحق لها ان تعطي ابنائها جنسيتتها.؟
وما زال البعض منا يلعن ديار الكفر ويتهم اهلها بالزندقة والفجور وان مصيرهم جهنم وبئس المصير، ويدعون عليهم بالمساجد والمنابر ويحرم المخرف بن باز السلام على النصراني واليهودي والعمل معهم او مصادقتهم، ويطالب الارهاب الدولي اسامة بن لادن وصبيه الظواهري بقتال الكفار، ويضع حزب التحرير شعارا على موقعه الالكتروني يقول ان خيول الاسلام ستبول في الفاتيكان.
فلتحكموا العقل اذا كان عندكم عقل اصلا.
اما السيدة المصرية فلا عزاء لها مثلها مثل ملايين "الماجدات" العربيات ، فلطالما ظل الفكر المتخلف يعشعش في ثنايا حياة امة العرب ستظل مضطهدة محرومة من ابسط حقوقها.
لكن هذا الوضع الماساوي لا بد وان يتغير وهذا يتطلب المزيد من الجهد من كل من يؤمن بالديمقراطية سبيلا لبناء الدول والارتقاء بالشعوب ، وفي ذلك مسؤولية كبرى على كل من يضع نفسه في مواقع المفكرين والكتتاب والادباء والشعراء والمشتغلين بالسياسة والى جانبهم التجار ورجال الاعمال وتلاميذ المدارس، كل فئات المجتمع مطالبة بالنضال لتعزيز المنهج الديمقراطي والسلوك الديمقراطي واخلاق الديمقراطية ، لانه بدونها لا يمكن للمراة ان تنال حقوقها ولا يمكن القضاء على الفقر والامية والجهل والمرض والتمييز الا بالديمقراطية والعلم والوعي.
فمن غير المعقول في عصر وصل به الانسان الى المريخ، ان تظل شعوبنا ترتع في ثقافة ماض بدائي متخلف مليء بالجن والعفاريت وقارئة الكف والفنجان. وانتظار خليفة حزب التحرير الذي لن ياتي ابدا ان شاء الله.