فشل المرأة الكويتية في الانتخابات.. هل هو تكريس لظاهرة خليجية؟



مهدي حسانين
2008 / 6 / 25

عادت المرأة الكويتية يوم 20يونيو2006 خالية الوفاض، من الفوز بأي مقعد أو حتى مزاحمة الرجال في تحقيق ما كانت ترنو إليه من أن تعتلي مكانتها البرلمانية، فمن بين 27 مرشحة يمثلن 11% من إجمالي المرشحين البالغ عددهم 253 مرشحًا، حصلت السيدة "ليلى الراشد" عن دائرة "علي صباح السالم" على المركز الرابع والدكتورة "رولا دشتي"، على 1539 صوتًا حلت بها في المركز الخامس بدائرة "العديلية" بينما جاءت معظم المرشحات الأخريات في المركز الأخير أو قبل الأخير ولم يتجاوز عدد الأصوات التي حصلت عليها المرشحات 9 آلاف صوت من 380 ألف صوت تقريبًا أي 2.5% فقط من الأصوات، علمًا بأن عدد الناخبات بلغ 195 ألفًا يمثلن تقريبًا 57.2% من إجمالي عدد الناخبين المسجلين(1). مما يستدعي التساؤل بشأن ما إذا كان الفشل حالة كويتية أم ظاهرة خليجية بوجه عام؟
عانت المرأة الكويتية كثيرًا، من أجل الحصول على كافة حقوقها السياسية من تصويت وترشح، حيث قصرت المادة الأولى من قانون الانتخاب رقم (35) لسنة 1962م حق الانتخاب والترشح على الذكور دون الإناث، وعلى الرغم من مساندة الحكومة للمرأة التي تمثلت في إعلان الأمير يوم 16 مايو عام 1999 رغبته في تمكين المرأة من ممارسة حقها السياسي في التصويت والترشح، وإلحاق هذه الرغبة بمرسوم قانون يحمل نفس المطلب من تعديل المادة الأولى لقانون الانتخاب، إلا أنه تم عرقلة هذا المرسوم من قبل مجلس الأمة، على أساس أن صدوره جاء أثناء فترة الحل الدستوري للمجلس، مع عدم توافر شرط الضرورة وفقًا للمادة(17) من الدستور الكويتي(2).
وفي يوم 29نوفمبر1999 تقدم خمسة نواب بمشروع قانون طالبوا خلاله بتعديل المادة ذاتها، ولكن قوبل بالرفض، الأمر الذي أثار حفيظة النساء والجمعيات النسائية، وقدمن بذلك طعنًا للمحكمة الدستورية العليا ضد وزير الداخلية ورئيس مجلس الأمة بعدم دستورية قرار الرفض، ولكن رفضت المحكمة الطعن المقدم لأسباب شكلية في طريقة رفع الدعوى، وتابعت لجان المجلس المختلفة ممارسة دورها السابق في إحباط محاولات التعديل، ففي 9 مارس سنة 2002 عملت على إسقاط أصواتها في المحاولة رقم (12) من سلسلة المحاولات النيابية لتعديل المادة نفسها، وفي 16مايو 2004 أقر مجلس الوزراء الكويتي مشروع قانون يتيح للمرأة التصويت والترشح في الانتخابات البرلمانية، ورفعه إلى الأمير لإحالته إلى مجلس الأمة وذلك سعيًا من الحكومة لتأكيد دور المرأة في المجتمع، ورغبتها في توسيع المشاركة السياسية، ولكن ظل البرلمان خلالها منقسمًا حول مسألة حق المرأة في التصويت والانتخاب، ولم يتخذ قرارًا، مما دفع أغلب المراقبين إلى القول باستحالة خروج مشروع قانون يمنح المرأة حق التمثيل في المجلس النيابي ترشيحًا وانتخابًا وتعيينًا(3)، إلى أن جاء قرار مجلس الأمة في 16 مايو 2005 بعد جهد كبير بين العمل المؤسسي الرسمي ومؤسسات المجتمع المدني، ليمنح المرأة قانونًا تاريخيًا من الحق في التصويت والترشح في انتخابات المجالس النيابية والبلدية، بعد موافقة 35 نائبًا من أصل 59 حضروا التصويت، بينما رفضه 23 عضوًا وامتنع عضو واحدًا عن التصويت (4)، وبذلك طوت المرأة الكويتية صفحة نضال استمرت لأكثر من أربعين عامًا تحاول خلالها الحصول على حقوقها السياسية.
علمًا بأن حصولها على حق المشاركة السياسية لم يأت من فراغ ولكن من منطلق إيمان الحكومة وقوى داخل نسيج المجتمع الكويتي بأهمية دور المرأة التي أثبت مكانتها وقدرتها في كافة المجالات، والذي يتبين من خلال المؤشرات التالية:
- على مستوى التعليم:
حققت المرأة الكويتية نجاحات واضحة، فمنذ الاستقلال وصدور أول دستور في 11 نوفمبر عام 1962، والتي نصت المادة (40) منه على أن : "التعليم حق للكويتيين تكفله الدولة وفقاً للقانون، ويضع القانون الخطة اللازمة للقضاء على الأمية"، كما ينص الدستور الكويتي بشكل عام على "مساواة المرأة بالرجل في الحقوق والواجبات"، وأن "التعليم ركن أساسي لتقدم المجتمع تكفله الدولة وترعاه"؛ بدأت المرأة الكويتية نهضتها التعليمية والتي تعتبر بحق من أولى الدول الخليجية اهتماما بتعليم المرأة، فحسب إحصائية صادرة عن إدارة التخطيط لعام 2000م، وصل عدد المدارس التابعة للتعليم الحكومي العام 613 مدرسة، منها 149 لرياض أطفال، و91 مدرسة ابتدائية للبنين والبنات، مقابل 78 مدرسة متوسطة للبنين و86 للبنات، و60 مدرسة ثانوية للبنين مقابل 58 للبنات، وعلى صعيد التعليم الجامعي تعد الكويت من أولى دول الخليج في إرسال البعثات التعليمية للفتيات إلى إنجلترا وأمريكا لتلقي التعليم في عام 1952(5)، حتى بلغت نسبة حاملات الشهادات الجامعية 45%، من إجمالي الحاصلين على شهادات جامعية، والذي أثر بالإيجاب على خريطة الحياة المدنية الكويتية بمختلف قطاعاتها، فبمخرجات التعليم هذه ارتفع نصيب المرأة في كافة المجالات.
- على مستوى العمل:
لعبت المرأة دورًا متميزًا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال تواجدها في مجالات العمل المختلفة، إذ تشير الإحصاءات إلى ارتفاع نسبة المشاركة في الوظائف العامة الحكومية وهي الوظائف التي تصل نسبة مساهمة المواطنين فيها إلى 89.7% من إجمالي قوة العمل الوطنية في القطاع الحكومي عام 2003، وقد شكلت المرأة من هذه النسبة 49.37% أي النصف تقريبًا، كما شكلن نسبة جيدة من الوظائف الإدارية والإشرافية، فسجلت المرأة نسبة عالية في وزارة التعليم العالي ووصلت إلى 66.2% وفي وزارة التخطيط وصلت إلى 63.3% وفي وزارة الصحة 56.2% وفي ديوان الخدمة المدنية إلى 55.4% كما استوعب القطاع الخاص 6.7% من جملة قوة العمل الوطنية في نهاية عام 2003، كما بلغت أعداد الإناث المقيدات في الوظائف الحكومية عام 2004 (756.79)، وزادت نسبة الآتي يشغلن وظائف قيادية في عام 2005 إلى (54) قيادية (6).
ولا يمكن إغفال التطور الملحوظ لسيدات الأعمال الكويتيات، ففي عام 1965 كانت نسبة مساهمتهن لا تتعدى 2.5% من إجمالي القوى العاملة الكويتية، وتطورت إلى 3% عام 1970، ثم 9% عام 1975، إلى أن بلغت 25.7% عام 1985، ثم ارتفعت ثانيًا إلى 33% عام 1999، كما أن هناك تزايدًا ملحوظًا للمرأة الكويتية في قطاع البنوك والاستثمار، حيث بلغت نسبة الأشغال السنوية 6.4% من قوة العمل المصرفية عام 2002(7).
- على مستوى المجتمع المدني:
عمدت المرأة الكويتية إلى تكوين الجمعيات الأهلية المهنية والثقافية بالإضافة إلى الجمعيات الإنسانية المتخصصة والبالغ عددها خمس جمعيات نسائية أقدمها الجمعية الثقافية والاجتماعية التي تأست عام1963، كما تم إشهار الاتحاد النسائي الكويتي في عام1994، وقد تحدد الهدف من هذه المؤسسات في تنمية وعي المرأة الكويتية بقضايا مجتمعها والعمل على تعزيز دورها في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، بالإضافة لذلك كان للمرأة الكويتية نصيب وافر في تأسيس عدد كبير من جمعيات النفع العام البالغ عددها أكثر من (50) جمعية، ومن هذه الجمعيات على سبيل المثال لا الحصر: "الجمعية الكويتية للتعليم الخاص"؛ "جمعية بيادر للسلام"؛ "جمعية التمريض الكويتية"؛ "جمعية المرشدات الكويتية"؛ "جمعية الرعاية الإسلامية"؛ "نادي الفتاة الكويتية"؛ "الجمعية الكويتية للمعوقين" (8). فضلاً عن إقامتها للعديد من دور الحضانة والمشروعات التنموية لحماية الأمومة والطفولة مساهمة منها في توفير الفرص المناسبة للأمهات العاملات لتنشئة أطفالهن تنشئة سوية، وبلغ إجمالي دور الحضانة الخاصة بالأطفال 31دار حضانة.
- على مستوى مواقع صنع القرار:
شهدت دولة الكويت في الآونة الأخيرة، سعيًا دءوبًا نحو تمكين المرأة في مواقع صنع القرار، فعملت الحكومة على رفع نسبة تواجدها في المناصب القيادية، حتى وصلت إلى 11% عام 2002، ففي27أبريل2002 تم تعيين "نبيلة العنجرى" وكيلاً مساعدًا لشئون السياحة في وزارة الإعلام الكويتية لتصبح أول كويتية تشغل هذا المنصب، وفي مارس2003 عُينت "غادة العيسى" كأول امرأة مديرًا عامًا لشركة "المصالح الكويتية" للاستثمار المالي، حيث اعتبر تعيينها سابقة في الوسط الاقتصادي كأول امرأة كويتية تشغل هذا المنصب، وفي يونيو2005 عينت الحكومة سيدتين عضوتين في هيئة المجالس البلدية (مجلس واحد مركزي) الذي اختير عشرة من أعضائه الـ16 بواسطة الانتخاب، والسيدتان هما "فاطمة الصباح" مساعدة وكيل الديوان الأميري، والمهندسة "فوزية البحر". كما وافق مجلس الأمة في 19ديسمبر2005 على زيادة عدد سكرتارية النواب إلى 7 بدلا من 5 شريطة أن تكون سيدتان من ضمن السبع.
وفي سابقة تعد الأولى من نوعها في الكويت تم تعيين الدكتورة " معصومة المبارك" وزيرة للتخطيط والتنمية الإدارية باعتباره أول تطبيق عملي لقانون منح المرأة الكويتية حقوقها السياسية، ويذكر أن تعيين الدكتورة المبارك وزيرة في حكومة الشيخ صباح الأحمد جاء بعد بضعة أيام من تعيين سيدتين في عضوية المجلس البلدي، وعلى المستوى الدولي تولت المرأة الكويتية مناصب عدة مثل اختيار "نبيلة الملا" في 17/1/2004 لمنصب السفير الدائم لدى الأمم المتحدة وهي سفيرة ‏الكويت سابقًا لدى استراليا وسفيرة غير مقيمة لدى هنغاريا وسلوفاكيا وسلوفينيا.
وهو الحال الذي لا تختلف عنه كثيرًا باقي الدول الخليجية، إذ حققت كل من المرأة البحرينية والقطرية والسعودية والإماراتية والعمانية نجاحات مماثلة في مختلف قطاعات الحياة المدنية، كما تشابهن أيضًا مع بعضهن البعض في حالات الإخفاق الانتخابي الذي أصبح - على حد تعبير بعض المحللين - سمة خليجية، ففي مبادرة جديدة لسلطنة عمان, صدر النظام الأساسي للسلطنة عام 1996 واعُتبر بمثابة أول دستور للبلاد, والذي أعطى المرأة حق التصويت والترشح لعضوية المجلس في ست ولايات من ولايات السلطنة, بعد أن كانت قاصرة على ولاية مسقط, كما أعطى المرأة عددًا من المقاعد بالتعيين في المجالس البلدية، وقد ضم المجلس خلال فترته الثانية (1994ـ1997) وهي الفترة الأولى التي شهدت مشاركة المرأة في المجلس، امرأتين ضمن أعضاء المجلس في ولايات محافظة مسقط، وهما نفس المرأتين اللتين فازتا بانتخابات المجلس خلال الفترة الثالثة (1998ـ2000)، وفي الفترة الرابعة للمجلس (2000-2003) أقرت السلطنة قوانين انتخابية جديدة سمحت بمشاركة أكبر للمرأة في عملية التصويت، بلغت بموجبها نسبة مشاركتها حوالي ثلاثة أمثال المعدل في انتخابات الفترة الثالثة، فقد أصبحت نسبتها 30% من إجمالي تعداد المواطنين المدعوين للتصويت، بينما لم تتجاوز نسبة الـ10% من عدد الناخبين خلال الانتخابات 1998، وكان من الطبيعي أن تكون دلالة هذا هي إفساح المجال لمزيد من التمثيل النسائي داخل مجلس الشورى بعد أن ظل طوال الفترتين الثانية والثالثة، محصورًا في عضويتين فقط عن ولايتين من الولايات الست لمحافظة مسقط.
وعلى الرغم من فوز المرأة العمانية في انتخابات مجلس الشورى الفترة الخامسة (2004- 2006) التي جرت يوم 4 أكتوبر عام 2003, إلا أن البعض اعتبره فوزًا "منقوص" نظرًا لأن المرأة العمانية من أول نساء الخليج مشاركة في العمل السياسي وقد مرت بأكثر من تجربة انتخابية.
وفي نفس السياق مرت المرأة القطرية بتجارب إخفاق مستمرة فمنذ أن أصدر أمير دولة قطر في 18يوليو1998 مرسومًا رقم 18 لسنة 1998 والخاص بنظام الترشح والانتخاب للمواطنين القطريين لعضوية المجلس البلدي المركزي، والذي نص على منح حق الانتخاب لكل قطري أو قطرية بالغ من العمر 18 سنة ميلادية، لم تتشجع سوى ست سيدات على الترشح لانتخابات المجلس التي أجريت في مارس 1999 مقابل 219 مرشحًا بنسبة 2.6% من جملة المرشحين، ورغم أن نسبة الناخبات كانت 45% مقارنة بنسبة الناخبين من الرجال إلا أنها محاولة باءت بالفشل، فيما اعتبرها البعض خطوة خاضتها المرأة القطرية رغم حداثة تجربتها في العمل السياسي نحو إدماجها في عملية العمل السياسي المشترك، وتابعت المرأة القطرية نشاطها السياسي في أبريل 2003 حيث خاضت الانتخابات للمرة الثانية فمن بين 84 مرشحًا امرأة واحدة بنسبة 1% من جملة المرشحين وعلى الرغم من حصولها على المقعد البلدي آنذاك إلا أنها فازت بالتزكية رغم نسبة الحضور الكبيرة من قبل الناخبات(9).
كما مرت المرأة البحرينية بحالة إخفاق مماثلة عام 2002 رغم أن البحرين من أولى الدول الخليجية التي منحت المرأة حق الانتخاب والترشح، لاسيما بعد التعديلات الدستورية التي صدرت في فبراير 2002، والتي جاءت تلبية لمطلب شعبي ظهر في نتائج الاستفتاء، الذي وافق خلاله 98% من الشعب البحريني علي التعديلات المقترحة، والتي نصت المادة الخامسة منه على أن "الدولة تكفل التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها في المجتمع، ومساواتها بالرجال في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية".
وقد أفرز التطبيق العملي لهذه المادة العديد من النساء اللائي خضن التجربة الانتخابية البلدية والانتخابية كمرشحات لأول مرة في انتخابات عام 2002، وكادت كل من "فوزية "الرويعي" و"لطيفة القعود" أن تفوزا بمقعدين في مجلس النواب، وحصلت د."أمل الزياني" والمحامية "فاطمة الحواج" على المركز الثاني بعد المرشح الفائز، ورغم محدودية نسبة مشاركتها كمرشحة، فعدد النساء البحرينيات اللواتي تقدمن بالترشح لعضوية البرلمان البحريني السابق ثماني مرشحات من أصل (177) مرشحا يتنافسون على (40) مقعدًا، إلا أنه في عالم الانتخاب يعتبر فشلاً لعدم حصولها على المقعد البرلماني.
ومن خلال صور الإخفاق المتوالية التي بدت واضحة في معظم الدول الخليجية التي خاضت المرأة خلالها التجربة الانتخابية بكافة صورها، رغم محاولات المنظمات الحكومية والجمعيات النسائية والأهلية التي بذلت جهودًا كبيرة لتنظيم حملات واسعة من أجل رفع الوعي الانتخابي وثقافة المشاركة السياسية للمرأة بكل الوسائل الممكنة حتى تضمن تصعيد وتفعيل قدرتها على المشاركة في ذلك المعترك الانتخابي، يبدو أن الأجواء والنتائج لم تكن في صالح المرأة، حيث واجهت المرأة صعوبات وعواقب كثيرة في مسيرتها النضالية/ الانتخابية ومن أهم تلك العواقب:
1 – سيطرة النظام الأبوي المطلق الذي تطغي عليه الصبغة القبلية، من رفض تواجد النساء في السلطات التشريعية أو حتى القيام بأي دور سياسي لها، ويعتبر هذا التحدي من أخطر التحديات التي تواجه المرأة الخليجية في ميدان العمل السياسي، لاسيما أن السيطرة الذكورية هي أساس معظم المجتمعات الخليجية، معتبرين أن ميدان العمل السياسي حكر على الرجل دون المرأة، فرغم وصولها إلى مستوى عال من التعليم والدراسة لا يزال المجتمع يقلل من شأنها بدرجة كبيرة في هذا المجال؛ ففكرة تقبل مشاركتها في الساحة السياسية لم تكتمل بعد فتقوقع المرأة داخل البيت والمطبخ وطاعة الزوج وتربية الأطفال لحقب من الزمن مازالت هي الصورة السائدة للمرأة عند الرجل الخليجي بوجه عام.
2- عدم مساندة المرأة بالقدر الكافي وعدم تهيئتها لخوض المعركة الانتخابية من قبل السلطات الحاكمة أو من قبل المنظمات النسوية والحركات الإصلاحية داخل المجتمعات الخليجية، فإن القرارات الحكومية بإشراك المرأة في هذا الميدان الصعب، تبدو قرارات ""ديكورية" لا تصاحبها بمساندة حقيقية لاسيما وأن المرأة وليدة في هذا المجال ذي السيطرة الذكورية، فقلة الوعي الانتخابي وانعدام الخبرة في مجال تنظيم الحملات الدعائية المضادة أو القادرة على لفت انتباه الناخب إلى ما تطرحه المرأة من مشاريع أو برامج سياسية أو اجتماعية, يتطلب وقفة من الجهات المختصة سواء الحكومية أو غيرها خاصة وهي على مشارف خوض المعركة الانتخابية في كل من البحرين وقطر.
3 - دور الصحافة والإعلام في الدول الخليجية والتي لوحظ تحيزها بشكل كبير للمرشح الرجل عبر معظم التجارب الانتخابية السابقة، فتقوم بنشر الأفكار المضادة للمرأة وتعزيز فشلها وعدم قدرتها في النجاح وكسب الأصوات والعمل على إحباط المرأة نفسيا عبر عدد كبير من المقالات والمقابلات والحوارات التي تنشر خلال فترة الدعاية الانتخابية والتي كانت ترسخ التمييز الجنسي حتى عند النساء أنفسهن بحيث يحاربن بعضهن البعض وهو ما لوحظ عبر الانتخابات الكويتية من قيامهن بخدمة مصلحة التيارات الأخرى التي ترسخ عبودية وتبعية النساء، وبالتالي يجب على وسائل الإعلام أن تلعب دورًا في دعم مشاركة المرأة ترشحًا وتصويتًا، من خلال إبراز النماذج الإيجابية لعمل المرأة في شتى ميادين العمل العام, وتقليص الفجوة القائمة في الصحافة والإعلام التي تكاد تبتلع قضايا المرأة الأساسية, وإطلاق أي مبادرة تخدم قضيتها، وأي معالجة تنتصر لحقوقها، ومواجهة أية أفكار أو تصورات تعيق حركتها.
4- المرأة نفسها التي غالبًا ما تذهب إلى صناديق الاقتراع لانتخاب الرجل وليس المرأة، فعلى الرغم من نسب الحضور في اللجان الانتخابية التي قد تفوق الرجال في بعض الأحيان وهو الأمر الواضح في أغلب التجارب الانتخابية، ففي مملكة البحرين كانت نسبة مشاركة المرأة في الجولة الأولى من انتخابات البلدية 51% ونسبة مشاركتها في الجولة الثانية 55%، وفي الانتخابات النيابية كانت نسبة مشاركة الرجال 52.6% مقابل 47.4% من النساء، وفي سلطنة عمان بلغ عدد الناخبات 100 ألف بنسبة 38.2% من مجموع 262 ألف ناخب مقابل 61.8%، وفي قطر كانت نسبة مشاركة المرأة في انتخابات عام 1999م 77.4% من إجمالي عدد الناخبات مقابل 81.5% للرجال(10)، إلا أنها لا تنتخب المرأة الأمر الذي أرجعه البعض إلى طبيعة المرأة نفسها من انعدام ثقة المرأة في المرأة والذي ينبع من التربية الأولية لهن حتى وصلت لديهن قناعة بأن المرأة لا تصلح لمثل هذا الدور، ناهيك عن السيطرة الذكورية على إرادة المرأة من سياسة التوجيه والأمر والتهديد.
ولكن مع كل العواقب والصعوبات التي واجهت المرأة في خوض التجربة الانتخابية وشيوع ثقافة -عدم الفوز- التي أصبحت نذير شؤم عند النساء المقبلات على الانتخابات في مختلف الأقطار الخليجية لاسيما المرأة البحرينية والقطرية، لكنها استطاعت كسر حاجز أمام وجودها السياسي على المجتمع الخليجي ككل، فارتفاع عدد المرشحات الكويتيات وعدد المرشحات عبر التجارب السابقة في مختلف الدول الخليجية يعتبر بمثابة مؤشر إيجابي نحو تغير توازنات المجتمعات الخليجية باتجاه التمدن والتحضر وتقبل فكرة تواجد المرأة في المعركة السياسية التي كانت محتكرة على الرجال فقط، كما أن إخفاق المرأة سواء في الكويت أو في البحرين عام 2002 وقطر، لا يعني بالضرورة أن طريق الوصول إلى البرلمان أصبح مغلقا أمامها فالظروف التي حالت دون نجاحها في تجربتها الأولى قابلة للتغير في التجارب المقبلة، ثم أن هذه المشاركة يجب أن تكون بمثابة محطة اختبار يجب على المرأة أن تستفيد منها لتعزيز حظوظها في المعارك الانتخابية القادمة، لاسيما وأن حصول المرأة على حق الانتخاب والترشح في معظم الدول العربية جاء متأخرًا خاصة في دول الخليج العربي، كما أن قصر المدة التي مارست فيها المرأة هذا الحق السياسي له أثر في عدم نجاحها إلى جانب عدم قدرتها على إدارة حملتها الانتخابية علاوة على عدم تقبل المواطنين، رجالا ونساء حتى الآن، وجود المرأة في المحفل السياسي.

المصادر
(1) أخبار الخليج، 6/7/2006
(2) ورقة عمل د. معصومة المبارك وزيرة التخطيط الكويتي "ندوة المرأة والسياسة ودورها في التنمية" في الفترة من 21- 23 ابريل 2002م" ص8.
(3) الرأي العام الكويتية، مايو 2004.
(4) "أحمد منيسى" كراسات استراتيجية، ‏العدد 34 ‏: 28 مايو 2005، ، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام ص17.
(5) الشرق الأوسط، 28/9/2005
(6) موقع مركز المرأة بلجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا "إسكوا".
Htt://www.escwa.org.ib/arabic/divisions/cfw/main.htmi
(7) أخبار الخليج، 25ابريل 2006.
(8) موقع المرأة الكويتية 2005م (مسيرة، تحدي،انجاز).
http://www.kwomen.com/terms.asp
(9) سماء سليمان، المشاركة السياسية للمرأة الخليجية: البحرين دراسة حالة، مجلة شؤون خليجية عدد (39) ص74.
المصدر: مجلة شؤون خليجية
مركز الخليج للبحوث والدراسات