حواء البرلمانية والمهمات الصعبة



خضير حسين السعداوي
2008 / 6 / 26

التجربة البرلمانية في العراق تجربة فتية وخاصة في مجال دخول المرأة إلى المعترك السياسي كنائبة في البرلمان إذ لم يسجل التاريخ السياسي المعاصر للعراق منذ تأسيس الدولة العراقية العام 1921 دخول المرأة الحياة النيابية اللهم إلا بشكل غير حقيقي و غير فعال في عهد النظام السابق وبقي المعترك السياسي طيلة هذه الفترة للرجل هو يفكر ويقرر نيابة عن حواء يعطيها حريتها أو لا ، يسمح لها في العمل أولا ولم تظهر

طيلة هذه الفترة منظمات نسائية تأخذ على عاتقها المطالبة بحقوق المرأة في العراق ، وحتى المنظمات التي

ظهرت للوجود بعد ثورة 14 تموز العام 1958 فهي منظمات هزيلة واغلبها تدار من قبل أحزاب وتيارات تأثرت بالفكر الغربي أصدمت بالأعراف والقيم السائدة في المجتمع والموروث العشائري في النظر إلى المرأة إلى أنها كائن ضعيف لا يصلح لها إلا البيت وتربية الأطفال عدا المرأة في الريف والتي حتمت عليها الظروف الاقتصادية العمل في الحقل أو رعي الحيوانات......

هذه الحالة أوجدت في العراق كما تراكميا من التخلف في صفوف المرأة العراقية و لا تزال ، فبقيت الأرقام مخيفه في مجال الأمية والبطالة وبقيت الأعراف والتقاليد الاجتماعية تأخذ مأخذها من المرأة فلا زالت النهوة والزواج بالإكراه والطلاق التعسفي وإجبارها على ترك الدراسة بعد إكمالها الدراسة الابتدائية والزواج المبكر كل هذه التراكمات تجعل من تمثل المرأة في البرلمان مهمتها عسيرة وصعبة وأمام تحديات كبيرة خاصة إذا كانت البرلمانية تجهل عن علم أو غير علم هذه التراكمات علما أن اغلب البرلمانيات واللاتي يمثلن النسبة في تمثيل المرأة في البرلمان الحالي هن من سكنت المدن ومن عائلات مترفة لم يمسها الضر الطبقي أو الاجتماعي ولم تعان مما تعاني منه المرأة في الريف ولم تدخل إلى البرلمان امرأة من الريف على تماس بمعاناة بنات جنسها اكتوت بنار العوز المادي والأعراف الاجتماعية السائدة والتي تحط من كرامة المرأة ....

إن دخول حواء البرلمان شيء حسن بل هو حق طبيعي تفرضه حركة التطور في المجتمعات العالمية ونحن جزء منها وقد كفل الدستور العراقي نسبة من النساء في التشكيلة البرلمانية وهي نسبة جيده قياسا إلى البلدان المجاورة .....

إن ما أريد أن أقوله إن من تمثل المرأة في البرلمان حاليا يجب أن لا تكون مجرد رقم لإكمال النصاب القانوني و ما هو موقفها كبرلمانية ،هل ستمثل وجهة نظر الكتلة أو الحزب الذي رشحها إلى البرلمان أم تمثل أبناء جنسها من النساء ، وهل هي على دراية إن أكثر من تمثلهن اميات وعاطلات عن العمل ونحن في الألفية الثالثة ، وهل يعلمن من يمثلن حواء العراقية في البرلمان أن المرأة لا يسمح لها إكمال الدراسة المتوسطة والإعدادية وإنما تقتصر على الدراسة الابتدائية وبعدها تصبح زوجة لأحد أقاربها ولو بالإكراه وخاصة في الريف ، هل تعلم من تمثل حواء العراقية في البرلمان إن حالات النهوة لاتزال تمارس ضد المرأة ،هل تعلم من تمثل حواء العراقية في البرلمان عدد الأرامل في المناطق التي تمثلهن ،هل تعلم من تمثل حواء حالات الطلاق التعسفي والبحث عن النفقة لها ولأطفالها في أروقة المحاكم ،هل نزلت إحدى البرلمانيات إلى الشارع في منطقتها وتعرفت على أم لأربعة أيتام تعيش على بيع الملابس المستخدمة أو بيع الشاي على قارعة الطريق وهي متشحة بالسواد ، وهل دخلت إحدى البرلمانيات إلى إحدى المحاكم الشرعية للتعرف عن قرب لمشاكل الطلاق والتي تستشري هذه الأيام ، هل عاشت يوما في الريف لتطلع عن قرب على حواء في الريف وهي تكدح نهارا في الحقل وترجع إلى البيت لتدير شؤون البيت كأم تربي الأطفال وتسهر في الليل، هل سالت حواء

البرلمانية نفسها ماذا قدمت لبنات جنسها طيلة جلوسها على كرسي البرلمان . الذي نامله من حواء البرلمانية أن تكون عن قرب وتنزل عن البرج العاجي والثراء الذي وفره كرسي البرلمان لها،.....

أمام هذه الأسئلة أقول إن مهمتكن أيتها البرلمانيات صعبة ،( الله يكون في عونكن) ولكن طالما نؤمن إنكن صاحبات رسالة مقدسة في الدفاع عن هذا المخلوق الرائع الذي عانى طيلة العقود الماضية ولازال نأمل أن يكون انحيازكن إلى حواء أولا و أخيرا من خلال مايلي

1-مساعدة المرأة في الريف خاصة على الاستمرار بالدراسة من خلال فرض رواتب شهرية لكل فتاة تستمر على الدراسة في المتوسطة أو الثانوية تشجيعا لاستمرارهن على الدراسة 2- فتح مراكز محو الأمية للنساء في القرى والأرياف وإعطاء مخصصات مالية لمن تلتحق بهذه المراكز

3- فك الازدواج في المدارس المختلطة في الريف لتشجيع العوائل للسماح لبناتهن الاستمرار في الدراسة

4-إعطاء أفضلية في التعيين لأبناء العوائل الريفية ممن لديها طالبات مستمرات على الدراسة في المدارس المتوسطة والإعدادية

5-إيجاد مراكز للتطوير الريفي خاص بالمرأة يقوم بفتح الدورات في الخياطة والتمريض والحاسوب وإعطاء رواتب للمنتسبات إلى هذه المراكز

6- الاتصال بالمنظمات النسائية العالمية لتقديم العون والمساعدة والخبرة اللازمة

7-إصدار التشريعات التي تمنع الزواج بالإكراه وحالات النهوة والتقاليد التي تتعارض مع كرامة المرأة

إن هذه الامور ليس صعبة التحقيق طالما نتطلع إلى بناء دولة القانون تعمل على احترام الإنسان انطلاقا من قوله تعالى (( وكرمنا بني ادم