المرأة العاملة المعوقة آخر من يوظف وأول من يفصل



سحر مهدي الياسري
2008 / 6 / 27

تعمل حاليا مديرة لمركز الدفاع عن حقوق المرأة العاملة في العراق وعضوة مؤسسة في المنظمة العربية الافريقية الدولية لحقوق المعاقين , بالاضافة الى عملها الاصلي كمحامية وكاتبة أجرته الصحفية وفاء المهنا من جريدة الاقتصادية السعودية
من خلال الدراسة التي أجريتيها عن وضع المرأة العاملة المعوقة ذكرتي أن تمييزا ضد هولاء النسوة بوصفهن آخر من يوظف وأول من يفصل ؟
التمييز ضد المعاقات له تاريخ طويل في مختلف إنحاء العالم أما بحكم القانون أو بحكم الواقع وهو تمييز يشمل إشكال مختلفة تتراوح بين التمييز الشنيع مثل إنكار الفرص التعليمية الى أشكال التمييز الاكثر دقة وهو الفصل والعزل بفعل حواجز طبيعية وإجتماعية مفروضة ومجال العمل هو أكثر المجالات التي يظهر فيها التمييز بارزا ومستمرا في معظم بلدان العالم حيث يبلغ معدل البطالة ثلاث مرات أكثر من بين غير المعوقات وكثيرا ما يستخدمن في وظائف قليلة الاجور وقليلة الضمان الاجتماعي والقانوني
.تميل غالبية المعاقات الى التركز في مهن وصناعات تتميز بأنخفاض حواجز الدخول اليها أو في وظائف محجوزة لهم وأكثر الخيارات شيوعا هو العمل في وحدات عائلية صغيرة وغير نظامية في الزراعة وقطاع الخدمات وكثيرا ما تعطى المعوقات مهام يدوية وغير ذات مهارة وأقل أجرا أو أن ينتمون الى مجموعة من العمال الذين يوصفون بأنهم (أخر من يوظف وأول من يفصل) ويعتبر المعوقون الاكثر تضررا من آثار الانكماش وأعادة هيكلة الاقتصاد أو الازمات وينتج أرتفاع نسبة البطالة بينهم بسبب التمييز في التدريب والتعليم الى حد كبير فكثيرا ما لايكون النظام التعليمي مهيئا لتلبية أحتياجات المعاقين .
هل ترين أن فرض تعيين نسبة معينة من المعاقات في أماكن العمل يعتبر حل لهذه المشكلة؟
جزء من الحل فرض كوتا في أماكن العمل لصالح المعاقات و حقهن بالحصول على فرص عادلة ومتساوية مع النساء العاديات طالما كن مؤهلات لذلك, بالاضافة الى حلول اخرى منها توفير شروط عمل مناسبة حتى يستطعن الاستمرار وكسب لقمة العيش بأحترام دون المساس بكرامتهن بوجود تشريعات عمل تكفل لهن اختيار العمل المناسب دون تمييز بسبب الاعاقة ويجب ان تتناول هذه التشريعات وضع هولاء النسوة بشكل خاص لانهن يعانين من تهميش مزودج كنساء ومعوقات فلابد من وجود نص خاص يتعلق بهن
ويجب أن لاتتبنى تشريعات العمل فكرة المشاغل المحمية بل ان تؤمن الدولة للعمل للمرأة ذات الاعاقة في المكان الذي يفترض فيه العمل لولا وجود الاعاقة وتوفير حماية تشريعية واضحة في قوانين العمل لتشجيع أصحاب العمل في القطاع الخاص على توظيف المرأة ذات الاعاقة مثل الحوافز بالاعفاءات من الضرائب وأقساط الضمان الاجتماعي وقروض مصرفية بدون فوائد أو فوائد قليلة وأن يتم التركيز على عمل النساء ذوات الاعاقة بنصوص قانونية مستقلة ,وإجراء تعديلات قانونية تحظر التمييز بسبب الاعاقة بشكل مباشر او غير مباشر,و ألغاء أي تمييز في القوانين الادارية والتشريعية والسياسية والقضائية التي تفرض شروط جسدية معينة لاشغال الوظائف العامة
ومن الحلول أيضا تتضمن خطوات تمكين متعددة منها منها توفير تدريب وتأهيل متقدم على التكنلوجيا المعلومات والاتصالات المتطورة في مراكز متخصصة وأن تهتم الدولة بتخصيص جزء من الميزانية لتمويل برامج تدريب وتعليم وتأهيل النساء ذوات الاعاقة, المشاركةالفعالة في الوصول الى الموارد والتعليم والخدمات , , التعاون مطلوب جدا بين منظمات الدفاع عن حقوق المرأة المعوقة والمنظمات النسوية لتوحيد السياسات فيما يتعلق بالمرأة ذات الاعاقة, , أدخال تعديلات في بيئات العمل تلائم وضعهن الصحي وتمكنهن من العمل بطريقة مريحة ,
هل أستطاع العالم الغربي إعطاء المرأة المعوقة حقوقها؟
حدث في العالم الغربي تطور علمي كبير في مجال المساعدة للمعوقين على المستوى التقني وخصوصا في مجالي الطب وتكنولوجيا الاتصال، أصبح أسرع من إمكانية تتبعه وربما يتعجب الكثيرون حين يقرءون عن التقدم المذهل في هذه المجالات و الذي يتنبأ بإمكانيات واقعية لإزالة الكثير من الحواجز التي تحول بين المعاقين والتمتع بحياة طبيعية، فالصم على سبيل المثال يمكنهم ألان متابعة المواد التلفزيونية التي تترجم مواده تكنولوجيا ومباشرة من خلال جهاز صغير يوضع داخل التلفزيون ناهيك عن التقدم الكبير في علاج الكثير من حالات الصم عن طريق إعادة الاتصال بين الإذن الوسطى و مركز السمع بالمخ وفى مجال المكفوفين فهناك الآن أجهزة الكمبيوتر ووسائل الاتصال مثل التليفونات المحمولة الخاصة بهم ... وأدت هذه التطورات التقنية مع عدة أسباب أخرى منها نشاط حركة المعاقين في الكثير من دول العالم إلى تطوير النظرية الاجتماعية للإعاقة، وهى النظرية التي تبنتها الاتفاقية الجديدة، فقد برهنت التطورات العلمية على الإمكانيات والمواهب الكامنة لدى الأشخاص ذوى الإعاقة كما أوضحت من جهة أخرى أن المعاناة من الحواجز البيئية ليست قدرا محتوما، بل حرمان من حقوق إنسانية وإهدار لكرامة ملايين البشر.و يتخذ التشريع في الكثير من الأحيان كأداة لتغيير أفكار وعادات رجعية، والدفع نحو تبنى أفكار أكثر تقدما, وقد ساهمت مواثيق حقوق الإنسان الغربية وأخرها الاتفاقية الدوليةلحقوق المعاقين والتي دخلت حيز التنفيذ هذا العام في الدفع نحو ذلك في الكثير من التشريعات الخاصة بالمعاقين والنساء خاصة وإصباغ حماية قانونية خاصة للنساء ذوات الاحتياجات الخاصة الفرق بيننا والعالم الغربي في تطبيق القوانين وأحترامها من السلطات التي تنفذها وتطبقها على أرض الواقع ,أكيد المرأة المعوقة في العالم الغربي تعيش وضعا أفضل بكثير من النساء ذوات الاحتياجات الخاصة من ناحية التطور العلمي الذي يمنحها فرصا افضل للعيش وتشريعات تحمي حقوقها في حين لازالت دول عربية واسلامية كثيرة لاتملك تشريعات مستقلة للمعاقين تحمي حقوقهم وبالذات النساء والاطفال, وكذلك ضعف دور المجتمع المدني لدينا عنه في العالم الغربي فيما يتعلق بقضايا المعاقين, بالاضافة الى عدم توفير بيئات مساعدة للمعاقات كأستخدام التكنلوجيا المتطورة في عالمنا العربي مما يتركهن فريسة للعجز
هل تحتاج المرأة الموظفة المعاقة فقط للمساواة مع الموظفة السليمة أم تحتاج الى إعطائها ميزات وظروف عمل أفضل كالتقاعد المبكر أو إجازات مرضية أو أضطرارية أكثر ؟
اكيد تحتاج المرأة العاملة المعوقة الى تشريعا ت عمل تأخذ وضعهن الصحي بنظر الاعتبار فيما يتعلق بالتقاعد المبكر والاجازات المرضية ربما ستكون هذه التدابير التشريعية معوقة للمرأة في الحصول على فرص عمل بالذات في القطاع الخاص , ويمكن مساعدة المعاقات لكي يبدئن أنشطة مدرة للدخل عن طريق منحهن القروض بشروط وفوائد ميسرة ,و تشجيع أصحاب العمل على المبادرة و الطوعية لتشغيل العاملات المعاقات عن طريق منحهم بعض الامتيازات كأعفائهم من استقطاعات الضمان .