بالعبث والغباء يقتلون النساء



رمضان عبد الرحمن علي
2008 / 6 / 30

لكي نعلم لا بد أن نبحث ونجتهد، ونفرق بين الحق والباطل وقتل النساء عبث، تحت عنوان قتل النساء يغسل شرف العائلات ظناً ممن يقتلون النساء في جرائم الشرف أنهم بذلك على حق، وبالرغم أن الإسلام العظيم جاء لكي يعزز دور النساء ويحررهن من العبودية والقتل العشوائي وما كان يفعل من ظلم للنساء في عصر الجاهلية، قال تعالى عنهم:
((وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ)) سورة النحل آية 58.

ولكن الفرق بين من كانوا يقتلون النساء أو الأطفال من الإناث في ذلك العصر لأنهم عصر جاهلية كما قال عنهم المولى عز وجل، أما بعد نزول القرآن وما وضحه لنا رب العزة عن كيفية التعامل مع النساء وعن حقوقهن الشرعية فإذا أخطأ أحد بعد هذه التشريعات يكون ظالم لنفسه، وسوف أتحدث عن موضوع ربما يكون غائب عن الكثير من الناس في جرائم الشرف وما يحدث فيها من لبس بين الحق والباطل، يقول تعالى:
((الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ* الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا
زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ))
سورة النور الآيات 2 + 3.

أي أن الزانية لا ينكحها إلا زانٍ، أي الزناة لدى المجتمع يطبق عليهم شرع الله بالجلد وحرم ذلك على المؤمنين، ولكن إذا أخطأت أو أخطأ المؤمن بهذه الجريمة لا يحاسب مثل الزناة في المجتمع، يقول تعالى عن المؤمنين بهذا الموضوع:
((وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً *
إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً))
سورة الفرقان الآيات 68 + 69 + 70.

ونلاحظ هنا من قول الله لعباده حتى لا ييأس المؤمن ولا المؤمنة من رحمة الله ويبادر إلى التوبة إلى الله ويعملون الصالحات إذا أخطأوا وأن الله يقبل التوبة من عباده إذا تابوا وأنابوا إلى الله بإخلاص سوف يتوب عليهم، هذا هو الفرق بين الحق والباطل، حتى أن الباطل الذي يتعامل به معظم الناس لا يطبق إلا على النساء وخاصة في جرائم الشرف، حيث أن المولى عز وجل يقبل التوبة ممن يرتكب هذه الجريمة ولكن الجاهلين لا يتقبلون التوبة من أحد، يقول تعالى:
((وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً)) سورة النساء آية 15.

ولم تقل الآية اجلدوهن أو أقتلوهن، فمن يفعل غير نص الآية يكون تعدى حدوده مع الله، وقد بين لنا رب العزة عن الذي يقتل مؤمناً متعمداً يكون مصيره جهنم وبئس المصير، يقول تعالى:
((وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً)) سورة النساء آية 93.

النكبة الكبرى عند الكثير من الناس حين يبتليهم الله بأي شيء وعلى سبيل المثال إذا كان الابتلاء في النساء ولكي يرضي الناس بدون تفكير يقدمون على قتل من فعلت هذه الجريمة من النساء، وبذلك يكونوا عصوا الله كما أمر به أن يطبق في مثل هذه الحالات، وأن نوعية الابتلاءات أو المصائب تختلف من شخص لآخر كما قال المولى عز وجل:
((الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ)) سورة البقرة آية 156.

فالذي يصبر ويتقبل ما قد قدره الله له يكون بذلك قد نجح في اختبار الحياة الدنيا ويكون في الآخرة من الفائزين، والذي يستكبر على أمر الله ويقوم بقتل من أعطاهم الله الفرصة أن يتوبوا إليه أو يجعل لهم سبيل أو يتوفاهم الله فباعتقادي أن قتل النساء عبث في جرائم الشرف لا علاقة له بدين الله، وبالرغم من المأساة التي تحدث في المجتمعات الإسلامية تجاه هذا الموضوع وظلمهم للنساء الكثير من رجال الدين لم يقدموا على توضيح هذه المسألة ويبينوا حقائق هذا الأمر للناس كما يجب أن يكون، ولكن يبدو أن النساء في المجتمعات الإسلامية كتب عليهن أن يدفعن الثمن بذنب أو بدون ذنب، وأعتقد بما أن الله عز وجل أعطى فرصة للناس أن يتوبوا إذا وقعوا في هذه الجريمة ثم يقتل بعضهم البعض عبثاً، لقد قال تعالى:
((وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً * وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ تَوَّاباً رَّحِيماً)) سورة النساء 15 + 16.

فهل هناك آراء لأي بشر بعد قول الله؟!.. فطاعة أوامر الله لا تطبق في شيء ونترك شيء وإنما تطبق في كل شيء حتى نصبح مطيعين لله وإلا سوف نصبح مثل ما فعلوا بنوا إسرائيل من قبل، يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض، وأكبر دليل عند أغلبية المسلمين أنهم لا يطبقون أوامر الله إلى الآن ما يحدث أيضاً في قضايا طلاق النساء، نفس الشيء يقول المولى عز وجل:
((الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)) سورة البقرة آية 229.

فهل تطبق الناس ما جاءت به الآية الكريمة وما يجب أن تتعامل به تجاه النساء في أمر الطلاق؟!... أم أن الكثيرون يأخذهم الكبرياء والتعنت والغرور وبالقول سوف أربي فلانة أو أتركها لتصبح كبيت الوقف لكي يسترجع ولو جزء مما أنفقه عليها ليأخذ دور البطولة أمام الناس ويخسر أمام الله، أي يفعلون عكس ما أمر به الله؟!.. بقول تعالى:
((وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)) سورة البقرة آية 237.

وما تضج به المحاكم في قضايا الطلاق شاهدة على العصر في ظلم النساء، فهل سيأتي اليوم أن تأخذ المرأة حقوقها كما شرع الله لها؟!.. وفي النهاية أقول، قد أكون مصيب أو مخطئ في هذا الموضوع.