ثقافة العنف ضد المراة في العراق .....ظاهرة ام واقعة ؟؟



نبراس المعموري
2008 / 7 / 6

لايقتصر العنف ضد المراة على ثقافة او منطقة معينة او بلد معين كما انه لايقتصر على فئات نسائية معينة داخل المجتمع ذلك ان جذور العنف تكمن في التفاوت القديم في علاقات القوة بين الرجل والمراة وفي استمرار التمييز ضد المراة، ورغم ان معظم المجتمعات تحظر هذا العنف الا انه في واقع الامر يتم التستر عليه او التغاضي عنه ضمنيا في اكثر الاحيان
وتتعرض النساء في جميع انحاء العراق لشتى انواع العنف بشكل يومي بسبب الاوضاع السياسية وارتفاع وتيرة العنف العام ومن المعروف انه كلما ازدادت الصراعات في الدولة فانه يزداد معها العنف الاسري ضد المراة وياتي ذلك نتيجة لما يتعرض له الرجل يوميا من صنوف التهديد بالموت ولهذا الموضوع نتائجه السلبية ينعكس على تصرفاته اليومية فيعاد انتاج العنف الذي يتعرض له على من امامه وفي البيت تحديدا لذا تكون الضحية في المرتبة الاولى هي المراة ويساعد على امتداد وتوسع مسالة العنف ضد المراة

الاطار القانوني : من يطلع على الاوضاع الاجتماعية داخل الاسرة العراقية يتضح له مدى انتشار اساليب العنف خصوصا وفق الاطر القانونية الموجودة فالثغرات التي تتغلغل في القانون العراقي وعدم وجود نص واضح لحماية حقوق المراة من حيث الضرب والتجاوز الحاصل في المحيط الاسري توفر غطاء يحمي كل انواع العنف وقد لوحظ ان عدد النساء اللاتي يتعرضن للضرب والهجر في تزايد مستمر وان حالات الطلاق في في ارتفاع بنسبة تتراوح مابين 50 الى 60 % من الزيجات اي ما يقارب اكثر من 5 ملايين امراة مطلقة


التشدد الديني : يساهم التشدد بشكل كبير في ازدياد نسبة العنف خصوصا انه اصبح ظاهرة منتشرة بشكل كبير في المجتمع العراقي بعد احداث 2003 ليكون بالتالي عائقا كبيرا امام تحرك المراة وتقييد حريتها خصوصا فيما يتعلق بمسالة الحجاب الذي اصبح اجباريا وليس اختياريا ، ان ارهاب النساء بتهديدهن لاجبارهن على ارتداء الحجاب اخذ يطال حتى الموظفات الرفيعات المستوى في بعض الوزارات وهناك عدة حالات رصدت تمثلت بالتهديد بالفصل او استخدام العنف في حال عدم ارتداء الحجاب وقد حدثت على شاكلتها الكثير من التجاوزات في البصرة ضد النساء وتعرضت الطالبات الى التهديد والاهانة ونشر لافتات تحذر من عدم ارتداء الحجاب والاسوء من ذلك ان الاجواء المتشددة في البصرة اخذت بالتوسع لتنتقل الى بغداد وخصوصا في المناطق الشعبية حيث اعلن قبل ايام وبالتحديد في منطقة حي العامل من قبل بعض الجماعات المهيمنة في المنطقة تحذيرا وتوعد باستخدام العنف ضد كل امراة لاترتدي الحجاب ؟؟؟؟
وقد روت لي احدى النساء بانها اثرت البقاء في البيت على الخروج لعدم تلبيتها طلب بعض الجهات لارتداء الحجاب .
ان تحول العنف القائم على اساس النوع الى ظاهرة يومية ادى الى تقييد حرية حركة النساء خارج بيوتهن ومن الوصول الى الخدمات الصحية ومتابعة الدراسة والمشاركة في الحياة العامة .

اختطاف النساء:
تشكل هذه المسالة في العراق من اكبر القضايا التي تبث الرعب في الاسر وغالبا ما يكون الخطف على ايدي عصابات بهدف الفدية لمعرفة الخاطفين بان اهل الضحية لن يترددوا بدفع الفدية مهما كلف الثمن وقد يكون احيانا سبب الخطف دافع سياسي وسبب عدم وجود احصائيات دقيقة عن عدد المخطوفات يرافقه عدم قيام ذوي الضحايا بتسجيل الحوادث في مراكز الشرطة واعتماد الاهل على انفسهم في التعامل مع الخاطفين ويمكن القول ان عدد النساء اللاتي خطفن ( المسجلات فقط ) لغاية عام 2007 ثلاثة اللاف امراة وقد كشفت التحقيقات وبالذات قي شرطة كركوك بوجود عصابة مؤلفة من 6 اشخاص وينتمون الى عائلة واحدة تختص بالخطف لغرض بيع الضحايا من نساء واطفال لاغراض الدعارة وغيرها من العصابات التي تعمل على نفس الشاكلة وفي مناطق عدة ، عمليات التهديد وانتهاك الحريات التي تتعرض لها المراة ساعد على ان ينشط تجار الرقيق الابيض من خلال استغلال حالة الفقر والبطالة تحت غطاء عروض وهمية للعمل خارج العراق ويتقن هؤلاء التجار لعبتهم من خلال استحصالهم على مبالغ كبيرة مقابل عقود العمل في الدول الخليج وهي عقود وهمية اذ ما كتب شيئ وماتراه المراة هناك شيئ اخر حيث تم اجبارهن على بيع اجسادهن في الفنادق والملاهي وقد سجلت حالات كثيرة وكانت من بينها 1500 فتاة عراقية سجلت بانها مفقودة في حين لوحظ ان هذه النسوة موجودات في بلد عربي اخر ويتم استغلالهن مع نساء من اصول متعددة في تجارة الجنس المنظم ، ان حالة الفوضى وانعدام الاستقرار يجعل عملية مراقبة ومحاسبة تجارة الرقيق الابيض شبه مستحيلة

القوات المتعددة الجنسيات:
يساهم وجود القوات المتعددة الجنسيات على ارض العراق في انتهاك حقوق وحريات المراة العراقية خصوصا الحالات التي رصدت وكشف عنها و التي اثارت جدلا واسعا و مخاوف العديد من النسوة في العراق وفي استطلاع حكومي نفذه الجهاز المركزي للاحصاء في وزارة التخطيط يبين ان 52% من النساء في بغداد يعتبرن ان المجرمين والقوات الامريكية يشكلون خطرا حقيقيا على حياتهن اما النساء في الانبار وصلاح الدين اعتبرن القوات الامريكية اكبر خطر على حياتهن واعتبرت نساء ميسان بنسة 91% منهن ان المجرمين هم مصدر التهديد الوحيد للمراة.

ومع تزايد اعداد القتلى في صفوف المدنيين فان عدد النساء الضحايا تزايد هذا العام مترافقا مع ازدياد السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة لتاخذ اشكال العنف اطارا جديد ففي من جانب قلة نسبة القتل على الهوية وهذا ما جعل بشائر الخطة الامنية وتحسن الوضع الامني ياخذ جانبا ايجابيا لكن الجانب الاخر هو استهداف المدنيين وبشكل جماعي وكبير اخذ يتسع واغلب الضحايا من النساء والاطفال ويمكن القول ان حوالي 5-6 نساء يقتلن في العراق يوميا . وبعيدا عن العمليات العسكرية والجماعات المسلحة والقتل العشوائي ما زالت النساء تقتل تحت ما مسمى ( الدفاع عن الشرف ) وقد ساعد ضعف القانون والنظام في العراق الى تفشي هذه الظاهرة ولجوء الناس الى حل الامور بانفسهم حيث ان قانون العقوبات العراقي يعد قتل النساء دفاعا عن الشرف ظرفا مخففا فالمادة 409 تنص على معاقبة من تثبت ادانته بمثل هذه الجرائم بالسجن لمدة اقصاها ثلاث سنوات بينما تم التعديل على هذا القانون في اقليم كردستان بحيث عدة جرائم الشرف جرائم عادية ويلاحظ ان ظاهرة القتل على الشرف تشكل ظاهرة واضحة في كردستان العراق وبحسب مسح قامت به منظمة( تمكين المراة) في منطقة كردستان فانه كل يومين يوجد ثلاث نساء يحاولن الانتحار وفي كل اسبوع تموت 3 منهن حرقا ويرجع سبب محاولة الانتحار او الموت حرقا 95 % منها تعود لاسباب عائلية وخلافات اجتماعية مع الاب او الاخ او الزوج.

الارامل :
انتشار النزاع المسلح وتصاعد موجة العنف في العراق ادى الى زيادة عدد الارامل وزوجات المفقودين حيث وصل عددهن الى 8 ملايين ارملة وهذا اثر كثيرا على حياتهن وتغيير ادوارهن الاجتماعية والاقتصادية والقيام باعمال شاقة بما فيها تحمل اثار التهجير بعد قتل معيل الاسرة والنيل من الامان الشخصي والهوية خصوصا ان مايقاب 73% من الاسر تعيلها ارامل وتعاني الكثير من الارامل من صعوبة المعيشة اذا ما علمن ان الراتب المخصص للارامل لايتوافق مع المستوى المعيشي المرتفع

ان من يتابع يوم كامل في حياة امراة عراقية يتضح له جليا مدى صعوبة الواقع الذي تعيش فيه وبات من الضروري ان تلتفت الانظار لها خصوصا انها اصبحت في ظل الوضع الراهن من اكثر السيدات اللاتي يعشن وضعا مأساويا في العالم وهذا يعتبر خرقا واضحا لحقوق الانسان وما تضمنه الدستور والقانون الدولي فدولة القانون التي يراد تحقيقها لابد ان تكون منصفة لما تعانيه المراة العراقية وهي الجزء المهم والاكبر في المجتمع العراقي