تعاظم دور المرأة في الحياة السياسية



نجاح العلي
2008 / 7 / 27

منذ سقوط النظام السابق وحتى اليوم وانا مهتم بمتابعة الشؤون النسائية السياسية والاجتماعية والمهنية وسنحت لي الفرصة لالتقاء وحوار نخبة من النساء العراقيات اللاتي تبوأن مناصب رفيعة في الدولة سواء في البرلمان ام المؤسسات الحكومية ام المهنية ام الجمعيات، واستشفيت من هذه التجربة الميدانية في العمل الصحفي ان هناك رغبة حقيقية كانت مكبوتة واطلقت في الوقت الحاضر، بضرورة ارساء مفاهيم جديدة في ظل النظام الديمقراطي الذي تم تبنيه في العراق والتعددية السياسية وانتشار الجمعيات والمنظمات التي تعنى بشؤون المرأة، الا ان هنالك بعض الثغرات في طرح المطالب المتعلقة بحقوق المرأة فضلا عن افتقار هذه المنظمات الى القاعدة الشعبية حتى على مستوى النساء انفسهم فكيف الحال مع معقل الرجال الذي يتحكم بالقرارات والتشريعات السياسية والدستورية، رغم هذا كله فقد تعاظم دور المرأة في الحياة السياسية في العالم وفي الوطن العربي والعراق رغم بقاء الوضع الاجتماعي والأسري المتردي كما هو. ففي العراق ارتفعت نسبة تمثيل المرأة في البرلمان العراقي، وهي وفق ما مثبت في الدستور العراقي الجديد لاتقل عن 25% من مجموع مقاعد مجلس النواب العراقي البالغة 275 مقعدا اي ما يعادل 66 مقعدا للمرأة وهي نسبة ليست هينة ويمكن ان تشكل ثقلا كبيرا في صنع القرارات مقارنة مع نسبها في دول العالم، ففي كندا تشكل النساء 20% من مجلس العموم وتشكل النساء نسبة 16% في الكونغرس الامريكي، بينما تبلغ نسبتهن في البرلمان الفرنسي 8ر12% وفي المانية بنسبة 6ر31% . واعلى نسبة للنساء في البرلمان توجد في الدول الاسكندنافية فتبلغ في بلجيكا على سبيل المثال 35% وتعد هذه الدول رائدة من حيث المساواة بين الرجال والنساء وفيها احزاب سياسية خاصة فقط بالنساء. اما العالم العربي فقد شهد هو ايضا تبوؤ المرأة مناصب مهمة ففي سوريا وفي اول سابقة تم تعيين امرأة بمنصب نائب رئيس الجمهورية، وحصلت النساء في الكويت على حق الاقتراع ترشيحا وتصويتا واختيرت معصومة مبارك كأول وزيرة في تاريخ البلاد رغم تحفظ بعض الإسلاميين، وحظيت ثلاث نساء بعضوية مجلس وزراء سلطنة عمان، وفي قطر هناك وزيرة واثنتان في البحرين، وفي الامارات العربية المتحدة تم تعيين وزيرة ثانية في التغيير الحكومي وان هناك المزيد من النساء يحصلن على المقاعد البرلمانية في المغرب وتونس والاردن، اما في اليمن ذات المجتمع القبلي الرجولي فقد رشحت امرأتان نفسهما لرئاسة الحكومة. اما على مستوى العالم فقد ارتفع عدد النساء اللائي يتولين السلطة في بلادهن حيث انتخب الليبراليون ايلين جونسون سيرليف 67 سنة كاول رئيسة لليبريا وفي قارة افريقيا، وكذلك فوز ميشيل باشليه بمنصب الرئاسة في تشيلي، والاقتصادية البارعة انغيلا ميركل كمستشارة لالمانيا، كذلك تجدر الاشارة الى التجربة السابقة في الهند وباكستان حيث تولت امرأتان رئاسة الوزراء هما انديرا غاندي وبناظير بوتو والاخيرة كانت اول رئيسة وزراء لدولة مسلمة هي باكستان، وتعد هاتان الدولتان من المجتمعات الشرقية الرجولية حيث لم يغير تبوؤ هذه المناصب في هاتين الدولتين الى تغيير الواقع المزري للمرأة التي سلبت من ابسط حقوقها ناهيك عن الممارسات المأساوية كجرائم الشرف التي تطبق على النساء حصرا دون الرجال وكذلك الزواج القسري الذي يعد نوعا من انواع الاغتصاب. ان تولي المرأة شؤون البلاد وارتفاع نسبة تمثيلها في البرلمان لايعني بجميع الأحوال انعدام المساواة وانتهاك حقوق المرأة والأمثلة على ذلك كثيرة ففي راوندا تشكل النساء نصف اعضاء البرلمان لكن مازالت المرأة الراوندية تعيش حالة مأساوية في ظل الممارسات القسرية والاغتصاب والعنف والسخرة، بل ان بعض الحيوانات في هذا البلد الفقير مع الأسف الشديد لها من الاهمية اكثر من المرأة. وهذا الامر لايقتصر على المجتمعات الشرقية او المجتمعات في الدول النامية بل يشمل حتى المجتمعات الغربية لكن بنسب متفاوتة، فقد اشارت تشيري زوجة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير عند زيارتها لاحدى دول الشرق الاوسط انه لم يصل اي بلد في العالم الى مساواة حقيقية بين الجنسين. ما اود الاشارة اليه هنا وتأكيده ان المجتمع العراقي مجتمع شرقي رجولي ذو مسحة اسلامية، والحقوق التي تم تثبيتها في الدستور لايمكن تحقيقها على ارض الواقع ما لم تكن هناك نهضة اجتماعية من خلال عقد الجمعيات والمؤتمرات والندوات واللقاءات، والتأكيد على هذه الحقوق وترسيخها في وسائل التعليم في المدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية وفي طرق التنشئة والتربية الحديثة وقبل الشروع بالتحدث عن تثبيت الحقوق السياسية للمرأة يجب التأكيد على الحقوق الاجتماعية التي ستنعكس إيجابا على مجمل مناحي الحياة في حال تحقيقها.

اعلامي واكاديمي