نداء إلى نساء العراق لا قهر ولا وصاية للمرأة بعد اليوم



أشرف عبد القادر
2004 / 1 / 31

  استبشرنا خيراً برحيل الطاغية الدموي صدام حسين ونظامه، لكن ما حدث من مجلس الحكم من ردة إلى الوراء بإلغاء قوانين الأحوال الشخصية عكر علينا صفو فرحتنا، ففي الوقت الذي تنفتح فيه السعودية على حقوق المرأة نري عراق ما بعد صدام ينغلق على هذه الحقوق ليرمي بالمرأة العراقية في جحيم كالجحيم الذي رمي فيه الخميني المرأة الإيرانية التي تجلد 75 جلدة إذا أساءت ارتداء الحجاب. فالشرق الأوسط يمر الآن بمرحلة تغيير شاملة وكاملة على جميع الأصعدة، والعراق رائده ومنطلقه، لذلك ينظر الجميع إلى تجربة العراق باهتمام بالغ، ويريد المتأسلمون لأمريكا أن تفشل في تحقيق الأمن في العراق وإرساء أسس الديمقراطية والتعددية الحزبية وحقوق المرأة ومساواتها بالرجل، لأن نجاح هذه المهمة في عراق ما بعد صدام يعني إمكانية تطبيقها على كل دول المنطقة، لذلك تعمل خفافيش الظلام على وئد كل أمل لإنقاذ العراق والشرق الأوسط من أفكارهم الهدامة ومن مشروعهم الظلامي، الذي يريدون به للعراق أن تكون أفغانستان أخرى ويلعبون هم فيها دور طالبان. لكن هيهات ، فالمتأسلمون يرقصون الآن رقصة المذبوح، والتي ستكون _بإذن الله _ رقصتهم الأخيرة على الساحة المحلية والعالمية، فلقد افتضح أمرهم وبانت خبيئتهم ، واكتشفت الشعوب العربية مرادهم الأصلي وهو الحكم والسلطة للعودة بنا من القرن الحادي والعشرين إلى القرن السابع، وبعدها فالعصا لمن عصي ، إنهم لا يملون من ممارسة لعبتهم المفضلة وهي خلط الدين بالسياسة، وهما الضدان اللذان لا يجتمعان إلا ليفسد أحدهما الآخر، فالدين له رجاله ومؤسساته البعيدة عن السياسة، والسياسة لها رجالها المحنكون الذين يجيدون فن الكر والفر باعتبارها فن الممكن.
فماذا يريد المتأسلمون من نساء العراق؟!
انهم يستغلون حالة عدم استتباب الأمن التي مازالت سائدة في العراق ويريدون العودة بالعراق وبنسائها إلى العصور الوسطي كما فعل الخميني في إيران، حيث عصور الحريم والعبودية ، يريدون للمرأة العراقية أن تفقد بعض حقوقها التي حصلت عليها خلال قرن من الزمان ودفعت ثمنها غالياً من دموعها ودمها، فعلي مجلس الحكم ألا يتخذ أي قرار مصيري يخص مستقبل العراق ، لأن ذلك سيكون مهمة الحكومة المنتخبة التي ستتشكل وستضع دستوراً للعراق الجديد، فمهمة مجلس الحكم  الانتقالي هي حفظ الأمن فقط في هذه الفترة الانتقالية.
وأنتن يا نساء العراق، يا نساء أرض الأمجاد، قفن صامدات أمام جحافل التأسلم الذكورية ضدكن، فلستن وحدكن المقصودات بهذه الهجمة البطريقية، بل إن كل نساء العرب والمسلمين مقصودات أيضاً، فما سيجرى عليكن سيجري على كل نساء العرب ، لقد خاف خفافيش الظلام من أن تنلن مزيداً من الحقوق في العراق الجديد، فاعلمن أن الفرصة مواتية _ كما لم تكن مواتية من قبل _ لنيل حقوقكن كاملة غير منقوصة، فتظاهرن، واعتصمن وألبن عليهم كل الجمعيات النسائية العالمية وحقوق الإنسان، واعلمن أن حقوقكن لن يأتي بها لكن إلا أنتن أنفسكن وعلى رأس هذه الحقوق ألا تبقي المرأة قاصرة مدي الحياة كما يشاء لها المتأسلمون أعداء المرأة والحياة معاً ، بل عليها أن تسترد أهليتها القانونية لتكون مساوية للرجل كأسنان المشط .
فعلى السيدة نسرين البرواني وزيرة الأشغال العامة أن تقود حملتكن لنيل حقوقكن ، ارفضن القهر والذل ولا تقبلن بدستور لا يكرس حقوقكن التي ضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومؤتمر بكين والوثائق الدولية الأخرى،وعلى الأقل كالحقوق التي ظفرت بها المرأة التونسية منذ العام 1956 والتي ظفرت بها المرأة المغربية منذ أكتوبر الماضي، فعار على عراق ما بعد صدام أن يكون وضع المرأة فيه دون وضع المرأة في تونس والمغرب، اعترضن على عدم مساواتكن في الإرث والشهادة ، فأنتن شقائق الرجال لكن ما لهم وعليكن ما عليهم، فناضلن بإصرار لتمثيلكن في البرلمان بنسبة تتناسب مع أهميتكن الاجتماعية والعددية.
وأنتن يا نساء العرب، لا تدعن نساء العراق وحدهن، اخرجن في مظاهرات تضامن من كل عاصمة عربية من المحيط إلى الخليج معلنين رفضكن لبقائكن قاصرات مدي الحياة مطالبين مساوتكن بالمرأة العالمية التي غدت مساوية للرجل حتى في بلدان إفريقيا، فكفاكن قهراً للذات و آن الأوان لبزوغ فجر الحرية لنيل حقوقكن، فتظاهرن واعتصمن واصمدن في سبيل قضيتكن العادلة وليكن شعاركن" لا قهر ولا وصاية للمرأة بعد اليوم".