سقراط والسيوطي على هامش فتوى ومعالجة أسرية...1



فاتن نور
2008 / 8 / 12

انه لمن المؤسف والمخجل ونحن في الألفية الثالثة أن نبصر الرجل مازال يرفع السوط بوجه امرأة،والمرأة مازالت تسأل عن شرعية السوط ،والفقهاء مازالوا يقدمون السوط للرجل بكل يسر،ويبررون له رفعه،ويلزمون المرأة بالإنحناء وبكامل كرامتها!،والمؤسسة المقدسة مازالت مقدسة بتواترالترهيب بالسوط وضرورات الإنحناء!...

.. الفتوى التي انا بصددها هي فتوى أتاحت إجبار الزوجة على مشاهدة الافلام الاباحية او الصور قبل المعاشرة،وهي من ضمن مجموعة من الفتاوى الغبية التي يطلقها الفقهاء كلما اجتهدوا،كفتوى رضاع الكبير وفتوى تحريم التعري في سريرالزوجية وإبطال الزواج بعد عري،وفتوى تحريم الزواج من الإسرائيليات المقيمات في اسرائيل (ومنهن كتابيات مجنسات) وغيرها من الفتاوى التي لا تستحضر غير الجهل والإساءة الفعلية لعقل المسلم ولدينه...
نعم..هنالك مَن فُصل على أثر فتواه.. ولكن.. ماذا عن تشخيص الخلل في البنية الفقهية والمشتغلين بين ركائزها لدرء خطر الفتاوى الغبية التي تتدحرج وعلى سطوح ملساء في اكثرالأحيان..

لَََِم يلجأ الفقيه الى اطلاق فتوى تعمم،انطلاقا من حالات استثنائية مجرورة بظروفها الخاصة،ولا يلجأ الى نصيحة،ولِم هذا الهوس في الإكثار من المحرمات والقيود بين الزوجين والتي قد تقود الى مأزق..وكم نحن بحاجة الى الفقه العقلي لتنقيح الفقه النقلي الذكوري..هل يشعر الفقيه بالعقم الفقهي اذا لم تنزل من صلبه فتوى وإن كانت مشوهة بأكثر من علة...

..فتوى إجبار الزوجة،لا تقر تكرار الإجبار واباحة المحرم لأن في ذلك معصية للخالق!..وهي واردة من باب ..اخف الضررين ..
فقه ..اخف الضررين.. يقارن بين حالتين ويتدارس ايهما اخف ضررا لتحليله او اباحته لدرء خطر..

ساطرح مثالين عن فقه الأخف ضررا...
..رأس طاغية ام شعب يكابد الظلم.. اخف الضررين هنا هو مكابدة الظلم ولإشعارغير معلوم،والتعليل وحسب إجماع الفقهاء كما اعلم،هو لحقن الدماء اولا،وثانيا.. الطاغية مسلم والمسلم ينصح ولا يجوز الجهاد ضده..ومجتمعاتنا تعج بجهاد المسلم ضد المسلم،والفقه يبرر ويعلل دموية الجهاد وضروراته!...

..زوج ينزل الى معصية ويجبر زوجته على النزول معه..توعية الزوج ونصحه ام الحفاظ على اسرته المسلمة بالمعصية والإكراه!.. الشطر الثاني هو اخف الضررين وحسب الفتوى،..هكذا تشجع الأسر المسلمة فقهيا على الخروج عن طاعة الرب (بينما تشجع على الإنصياع لطاعة طاغوت).. والضرورة هي رغبة الزوج في الدخول الى عالم..البورنوغرافي...

وكان سقراط الحكيم قد افتى وقبل بزوغ نسل الفقهاء الجليل اذ قال.. اذا اقبلت الحكمة،خدمت شهوات العقول..واذا ادبرت،خدمت العقول الشهوات...
وسُئل ذات مرة عن سبب اختياره أحكم الحكماء في اليونان ..أجاب بتواضع وحكمة.. ربما لأنني الرجل الوحيد الذي يعرف أنه لا يعرف شيئاً على الاطلاق!
ولو سُئل فقيه مفصول عن سبب فصله قد يجيب بإستعلاء وكبرياء هذا لأني افقه الفقهاء في المعرفة الدينية فطردت حسدا....

لنبقى على متن الفتوى وقد اخترتها من باب المثال لا الحصر فكل الفتاوى تستوجب التشريح.. ولعله من الجميل أن نفكك المتن ونتسائل،فالفقيه ينسى عادة تفكيك فتواه قبل إطلاقها ولا بد من فقيه آخر يذكره! ..(رابط الفتوى مدرج في مؤخرة الصفحة)..

- ما الخطر وما الضرورة التي تبيح معصية!..والزوجة المشتكية لم ترفض المعاشرة بل رفضت مشاهدة الصورالجنسية قبل المعاشرة..
لربما هنالك حالة استثنائية حرجة تستوجب معصية الخالق لمرة.. او بضع مرات!، وحسب رؤية الفقيه الدكتور رئيس لجنة الفتوى بالأزهر..
ماهي تلك الحالة الحرجة..عدم توافق رغبة في مشاهدة صور..!

- هل يقارن هذا الفقه بين حالتين او حاجتين من حاجات البشر،ام بين حالة او حاجة اجتماعية.. وبين معصية الخالق!.. ويجد أن المعصية تدرء الخطر احيانا!..
آوليست المقارنة واجبة داخل نطاق طاعة الرب!..

- المعصية هي معصية وترتبط بنوع الفعل وليس بتكراره.. كيف ربط الفقيه المجتهد المعصية بالتكرار..

- المعصية احيانا قد تصان بها عفة!.. ما حجم الخيبة هنا والجهل بماهية العفة..وكم تسع عفة المسلم من المعاصي والإكراه!..

- الرجل غير مطالب بالتفوق على سفور رغباته وعلى سادية الإكراه وبشاعته للحفاظ على الأسرة..حتى لو كان في الإكراه معصية للخالق وامتهان للزوجة..
هل مازلنا نتحدث عن اسرة مسلمة ورباط مقدس!، وهل بات طريق المعاصي والإكراه انجع الطرق واقصرها للحفاظ على الأسرة المسلمة!
وكم هشة اسرة تتفكك او تنحرف برفض الزوجة،الأم/ وتحت اقدامها الجنة،النزول الى معصية!..وما حجم زوج يرهب زوجته بالطلاق لسبب كهذا..
كيف ستكون اجيال الغد بمربيات يجبرن على المعاصي.. وآباء يحرضون عليها.. وفقهاء يشرعون لها..
لو كانت المرأة هي المطالبة والزوج رافض لهذا،لكان قد حق عليها التأديب والردع بسلطة الضرب او بسلطة الهجر!..من يؤدب الزوج داخل الأسرة..سلطة المال!!
وتبقى المرأة.. هي الإناء الوحيد الباقي لدينا لنفرغ به مثالياتنا..وحسب مقولة الفقيه غوته...

هذا غليظ وبشع امام منظومة تعج بقيمة الأخلاق والعبادة وطاعة الرب، ثم تنزلق منها إجتهادات فقهية تبرر معصية،قلة خلق،وعسرعبادة..
.. ولا ضرورة حقيقية منظورة في الأفق غير حقيقة الفقه الذكوري وبراعته في التسطيح والتسفيه،وبالتضخيم والتهويل..وتلك براعة يقودها الجهل وقصر النظر او سطوة التجهيل والوصاية ..

بلغة المعرفة الاسلامية كما افهمها..معصية الخالق غير واردة الاّ اذا كانت حياة المسلم في خطر حقيقي، كأن تكون حياته او حياة اهله مهددة بالزوال، فهو يرتكب المعصية ظاهريا، قولا او فعلا ، مكرها لدرء الخطر والإبقاء على اهله او نفسه حيا.. بينما يستغفر ربه سرا ويتوجع،ولا يستثنى حتى الكفر في هذه الحالة وكما حدثنا التاريخ.. ولا سبيل لأختيارالتلذذ والتمتع بمعصية إلا اذا كنا نتحدث عن عالم الكفار!
من المسؤول عن تثقيف شبابنا ليدركوا المقومات السليمة لقيام اسرة،والمقومات الأنسانية للحفاظ عليها..اذا كانت السلطة الدينية تشي بحاجتها للإصلاح والتقويم...
ولعلي اسأل في سياق الحديث عن الضرورات واخف الضررين...
هل المرأة ضرورة لهذا الكون!.. وما اخف الضررين..الإطاحة بها كأنسان له قيمة ام الإطاحة بنفايات معرفية تبخس تلك القيمة..

وحكى سقراط ،وحسب تعبيرالإمام الجليل جلال الدين السيوطي.....
...من هنا سيبدأ الجزء التالي وعلى متنه معالجة اسرية لحالة مثل حالة تلك المرأة المشتكية لفقيه...

رابط الفتوى..
http://www.gn4me.com/mamnoo3/article.jsp?ID=14596&order=1