طبقية العنف ضد المرأة



احمد عبد الستار
2008 / 8 / 23

مع انتصار أسلوب التملك الخاص على المشاعة البدائية و الملكيات المشتركة,فأن هذا التطور يؤشر على انه بدأ تاريخ العبودية والاستغلال الطبقي , واضطهاد المرأة وإلحاقها ضمن إطار أملاك الرجل , هذا المنعطف الحاسم في تاريخ الإنسانية قد خلق بدوره الأنظمة الحقوقية والدينية والفكرية وآلة الدولة, من الحاجة إلى لجم التناحرات في المجتمع الآخذ في الانقسام والعداء الطبقي غير القابل للمصالحة , وتغير أشكال العلاقات الإنسانية الطبيعية إلى علاقات اقتصادية , انسجاما مع التطور الحضاري القائم على غريزة جني الثروات الفردية .
فأن التغير الذي حصل في أشكال الزواج ,ونشوء العائلة , هذا التطور جاء بالأساس تلبية , لمتطلبات النظام الاجتماعي الاقتصادي الجديد الذي دشن حقبة تاريخية جديدة من تاريخ الإنسانية المشيد على أساس التفاوت في الملكية والاستغلال والاستعباد ,بدءا من امتلاك البشر وتسخيرهم عبيدا يؤدون عملهم كفروض خدمة للسيد المالك ,مثل الأقنان المستعبدين وأسرى المنازعات حول حيازة الملكية .ومع تنامي الثروات لدى المجتمعات المولدة من مجتمع المشاعات البدائية العفوية الأولى انتقلت حيازة الملكية الجديدة هذه من الجماعات البشرية أو القبيلة كملكية مشتركة إلى المالكين الفرديين , تخصهم وحدهم , وولدت السعي لديهم لاستثمار هذا الامتياز من اجل احتلال مركز السلطة في المجتمع والعائلة ,وصار الرجال المالكين للثروة سادة في المجتمع والعائلة,وجردت الأم من حقها القديم على الأولاد ولخص دورها إلى مديرة لمنزل زوجها المالك ووالدة لورثة ثروته الشرعيين ورعايتهم.حملت العائلة البطرياركية شكل المجتمع الطبقي بكل تناقضاته الاستغلالية بشكل مصغر وأهمها هزيمة المرأة كجنس مستعبد , خاضع ومعزول,من قبل جنس الرجال,وهذا الشكل من الارتباط (الزواج على طريقة المجتمع الطبقي) لم يكن قطعا ارتباطا اختياريا وحرا فهو أول تقسيم للعمل بين المرأة والرجل من اجل الخدمة المنزلية وإنتاج الورثة ,وأول انقسام طبقي داخل العائلة يتطور ضمنها ليشمل المجتمع والدولة , وكل المنظومة الدينية والفلسفية التي بنيت على هذا الأساس كي تمنح عبودية المرأة وآلامها صفة الأبدية وتعطيها بعدا ميتافيزيقا خالدا لا يسمح بمناقشته أو إعادة النظر فيه ,استمر حتى عصرنا الراهن.إن تاريخ استعباد المرأة من قبل الرجل سار بصمت بالرغم من طول سجله المليء بالقهر و الآلام الذي أمتد لآلاف السنين و على الرغم من انه سار بموازاة نشوء الانقسام في المجتمع إلى طبقات متصارعة حفلت بآلاف الثورات والانتفاضات الدموية الصاخبة , مورست العبودية على المرأة وتهميش إنسانيتها في جميع المجتمعات والأديان بلا استثناء يستحق الذكر , واعتبار الرجل جنس ارفع شأنا صاحب الملكية , له الحق والوصاية والحفاظ على ملكيته بكل وسائل الإكراه والإخضاع بما فيها استخدام العنف , بشكل محتم , فالعنف العائلي الذي يمارسه الرجل ضد المرأة هو حق ممنوح له طبقيا ومشرع له حقوقيا ودينيا , بالرغم من المحاولات والنضال العنيد الذي تخوضه المرأة في العصر الراهن لنيل مساواتها مع الرجل إلا إن هذه المحاولات تعتبر في جوهرها تلطيفية لا تقصد سوى نيل مكاسب ثانوية ,لدى الكثير من المنظمات والحركات ألنسوية حاليا , عند المقارنة بقضية المرأة الأساسية , قضية المجتمع المنقسم إلى طبقات متصارعة الذي تعيش تحت ظله والذي ترتب على أساسه عبوديتها والعنف ضدها من اجل إخضاعها و وسمها بالدونية الأبدية ,فالنضال الواجب خوضه من اجل إنهاء كل إتباع وتعنيف للمرأة , هو النضال ضد الأساس الذي قام عليه كل تفاوت وطبقية وبالتالي عبوديتها الزاخرة بالآلام ,ومنذ إن مهدت الرأسمالية الأرض للمرأة , واستدعت خروجها من المنزل للعمل في المصانع كمعيلة للعائلة كما هو حال الرجل , بهذه الخطوة التاريخية نستطيع الكلام ببساطة عن وجود الأساس التاريخي المعاصر للخلاص من تبعية المرأة الاقتصادية للرجل , وزوال سيادته الطبقية , و محاولات إخضاعها بالعنف والقوة . إن المرأة الآن تقف على نفس الأرض التي يقف عليها الرجل وعلى قدم المساواة معه في خوض غمار الحياة , سواءا في قدرتها على كسب عيشها هي وعائلتها أو في مقدرتها خوض النضال السياسي الواعي للإطاحة بالنظام الطبقي الذي فرض عليها استغلال مركب ,تبعيتها للرجل واستثمار قوة عملها للرأس مال . فأن النضال من اجل أقامة النظام الاشتراكي وإلغاء العمل المأجور والملكية الخاصة ,سبب كل عبودية واستثمار , بهذا يحل نهائيا زوال استغلال العامل وعبودية وتعنيف المرأة . وولادة المجتمع الذي تتطلع إليه البشرية للمساواة والتحرر على أساس علمي أنساني