قانون الاحوال الشخصية (188) لسنة 1959 .والمادة 41 والجدل الدائر



نبراس المعموري
2008 / 8 / 27

.........بين مؤيد و رافض
المحاور يستقرأ والمتحاور معه يستقرأ والامر متروك الى مشرع القانون وفقهاء الشريعة



اثار نص المادة (41) من الدستور نقاشاً محتدماً بين مختلف الشرائح والاوساط المجتمعية ،واختلفت الاراء بين مؤيد ورافض فمنهم من طالب بالابقاء علي قانون الاحوال الشخصية الحالي رقم 188 لسنة 1959 على اعتباره افضل القوانين على المستوى العالمي مع ضرورة تعديل بعض السلبيات فيه ، في حين رأى جانب اخر ان المادة (41) جاءت لتراعي خصوصيات دينية ومذهبية يجب ان تحترم في مجال تنظيم مسائل الاحوال الشخصية . وبغية تبني وجهة النظر المؤيدة للمادة او المعارضة لها يستوجب تسليط الضوء على القانون النافذ والمادة 41 موضوعة النقاش ...

الاحوال الشخصية Statut personnel

و تسمى احيانا بقانون الاسرة او العائلة كما هو الحال في دول المغرب العربي والمقصود بقانون الاحوال الشخصية هي مجموعة الاحكام المتعلقة بالزواج وانحلاله والطلاق والتفريق والولادة والنسب والحضانة والنفقة والوصية والميراث وهي بحكم ذلك تتعلق بمسائل وثيقة الصلة بشخصية الانسان وعلاقته العائلية والاسرية.

صدر قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل النافذ ليحكم مسائل الاحوال الشخصية والذي اشتمل على أهم أبواب الفقه الاسلامي في مسائل الزواج والطلاق والولادة والنسب والحضانة والنفقة والوصية والميراث اما فيما يتعلق بقضايا الاحوال الشخصية للمسيحيين واليهود فقد كانت تخضع لما تقرره لوائحهم الخاصة وتنظر في ذلك محكمة المواد الشخصية.
وعمل على تجميع الأحكام الشرعية الفقهية وأخذ ما يلائم التطورات الحاصلة في المجتمع مع وجود مصادر أخري للقانون وقد تضمن القانون مباديء جديدة ومختلفة عن الاحكام الدستورية والقانونية السابقة له التي تمثلت حينها بقانون حقوق العائلة العثماني سنة 1917 فاستخدم لاول مرة مصطلح المواد الشخصية للدلالة على هذا القانون و من اهم مبادئ قانون 188 لسنة 1959 هي:
...
- تحريم الزواج الحاصل بالإكراه وعد عقد الزواج الواقع باكراه باطلاً اذا لم يتم الدخول .
- تجريم النهوة العشائرية .
- تحريم الزواج خارج المحكمة واجازة طلب التفريق اذا جري الزواج خارج المحكمة وتم الدخول.
- جواز التفريق لارتكاب أي من الزوجين الخيانة الزوجية .
- جواز التفريق اذا كان عقد الزواج قد تم قبل اكمال أحد الزوجين الثامنة عشرة دون موافقة القاضي .
- اجازة للزوجة بطلب التفريق اذا تزوج الزوج بزوجة ثانية دون اذن من المحكمة .
- عد هجر الزوج لزوجته وعدم مراجعتها مدة سنتين سبباً من أسباب التفريق .
- اعتبار عدم طلب الزوج لزوجته للزفاف خلال سنتين من العقد سبباً من أسباب التفريق .
- اعتبار امتناع الزوج عن تسديد النفقات المتراكمة سبباً في طلب التفريق
- مساواة البنت بالابن في حجبها ما يحجبه الأبن من ارث أبيها أو أمها.
- تحديد سن الزواج للجنسين ب 18 سنة

الأحوال الشخصية في ظل الدستور العراقي لسنة 2005:

بوشر العمل في كتابة دستور دائم للدولة العراقية استناداً الي ( المادة/ 61) من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية ، وتم تشكيل لجنة لوضع مسودة الدستور ، وضمّن الدستور في ظل هذه الاختلافات والتجاذبات القرار 137 في نص المادة (41) التي نظمت مسائل الاحوال الشخصية للعراقيين حيث نصت علي :" العراقيون أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية ، حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم ، وينظم ذلك بقانون " .
وقد اعترض الكثير من المختصيين في هذا المجال على هذه المادة معللين ذلك بانه:
أ- سيشهد المستقبل ايجاد محاكم مختلفة تنظر بمسائل الاحوال الشخصية حسب الديانة أو المذهب أو المعتقد أو الاختيار ، أو قد يوجد بالمستقبل تنظيمات أو قوانين مختلفة ومتعددة بحسب أديان الاشخاص ومذاهبهم ومعتقداتهم واختياراتهم .. الخ .
ب- الغاء القانون 188 لسنة 1959 بعد أن تنظم (المادة/41) من الدستور بقانون .
ت- الرجوع الي ما كان معمول به في فترة الحكم الملكي ، حيث ستوجد محاكم سنية وأخري جعفرية و غيرها لبقية الأديان والمعتقدات ، التي ستنظربمسائل الأحوال الشخصية .


اراء مختلفة :

عندما اجريت استطلاعا للرأي لبعض الساسة والقانونيين وجدت ان المؤيد لقانون 188 لسنة 1959 اكثر من الرافض له وهذه نتيجة تستدعي الى التأمل ومحاججة زوبعة البعض ضد القانون والاراء كانت كما يلي :
السيد بهاء الاعرجي رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب قال... لو بحثنا في كل قوانين العالم لن نجد مثل قانون 188 لسنة 1959 حيث وحد جميع المذاهب سواء حنفي او جعفري اوالحنبلي وانا مع هذا القانون لانه لاتوجد فيه اشكاليات كبيرة لكن هناك بعض الامور يراد تعديلها بسبب تغير الضروف في العراق خاصة فيما يتعلق بالنفقة والامور المادية لكن عند كتابة الدستور حصلت كثير من التدخلات من قبل بعض الاحزاب والمنظمات لتغيير هذا القانون وتحويله من قانون شرعي الى قانون مدني على اعتبار انه مطلب اساسي كوننا نعيش في ظل التغيير وتحقيق الديمقراطية ... ويضيف :
للاسف ارادت بعض الاحزاب ان تكون هناك محاكم خاصة بالمذهب الجعفري واخرى بالمذهب الحنفي واعتقد ان القانون الجديد بهذه الصيغة سيكرس الطائفية والمادة 41 هي التي كانت محل الخلاف والنقاش ولدي ملاحظات .......... الاولى نحن مجتمع اسلامي والدولة هي دولة اسلامية والخروج عن نص قانون 188 يعني التشتت والفرقة وضياع الهوية وهو مخالفة صريحة للدين الاسلامي.
ثانيا : الدستور بوب على ابواب والباب الاول يكون بابا عاما وغالبا لايجوز التجاوز عليها لانها من الثوابت والمادة 41 هي تجاوز على هذه الثوابت.

اما الخبير القانوني طارق حرب فيقول ...
قانون الاحوال الشخصية رقم 188النافذ قانون رديئ ومتخلف اذ يكفي في ذلك انه يسمي عقد الزواج بانه قيد فاذا رجعنا الى المادة 34 من القانون وجدنا انه يعرف الطلاق بانه (قيد زواج )لذلك فهو وصف العلاقة الروحانية بانها قيد ... ويضيف قائلا كيف يمكن ان نصف المادة ا4 التي تريد تعديل القانون بانها تثير التفرقة وتمزيق المجتمع من يعطي حقوق الاخرين لا اجده يفرق على العكس هو يساعد على ان يكون للاقليات حرية الاختيار كالمسيحين والايزيدية والصابئة واعتقد ان تطبيق احكام احوال شخصية على غير المسلمين غير منصف ويخالف الاتفاقات الدولية الخاصة بالاقليات ... ويستطرد بقوله نحن دولة تؤمن بالنهج الديمقراطي لماذا نفرض على الغير ماهو غير ملزم لهم ضمن دينهم ومعتقدهم والديمقراطية اخلاق لذا تقضي بالاعتراف بحقوق المواطنين ومن يقول ان هناك محاكم عدة وفثق المادة 41 فهو كلام غير صحيح وانه لاتوجد غير محكمة واحدة تعنى بالحوال الشخصية وتنظر بجميع القضايا سواء على الدين او الطائفة.

هناء ادور الناشطة في مجال حقوق الانسان ورئيس جمعية الامل تقول والحرقة تنتابها لما تحدث عنه القانوني طارق حرب ...
لايمكن ان نصف قانون 188 بالقانون الرديئ والمتخلف فهو قانون القضاة والكل يشيد به وهو احد عناصر استمرار الاسرة وديمومتها فقد احتكم على الشريعة الاسلامية بكل مذاهبها ومرافق لكل تطور حاصل للعلاقات الاجتماعية فقد اكد ان المرأة انسانة ولها حقوق وفرض عقوبات على من يجبر الفتاة على الزواج وتضيف ... لم يترك بابا في الاحوال الشخصية ما لم ينظمه الذي على اثره استطاع ان يخلق تماسك بين مختلف الطوائف والغاءه سيعمل على ازدياد الاحتقان والفرقة .. وعن رايها في المادة 41 تقول .. المادة 41 هي اساس البلاء والاحتقان الطائفي وهي شق كبير للتشريع العراقي فعندما يكون التشريع على اساس الطوائف هذه كارثة وهي ايضا مخالفة للمادة 14 من الدستور العراقي التي تقر بان العراقيين متساوون وتضيف ... للاسف هناك من يسعى لترويج هذه المادة وفرضها من قبل بعض الجهات السياسية التي لاتبالي للانعكاسات السلبية الناجمة .. اما فيما يتعلق بقول بعض المسؤولين بان المادة 41 لاتلغي قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 تقول ادور ... كيف ذلك وقرار 137 الذي صدر نهاية 2003 التي وقعها السيد عبد العزيز الحكيم والتي اكد فيها على ان يكون كل شخص حسب مذهبه والغاء كل قانون يتناقض مع هذا القرار .. لايمكن اغفال الحقيقة فالقرار واضح والجهات النافذة تسعى لتحقيق هذا القرار.
اما النائب سليم عبد الله عن جبهة التوافق ...
لدينا مخاوف عدة من اعتماد المادة 41 فقد درجت مفردة اختياراتهم والاختيار لفظ عام ذو مدلول غير محدد يكون الانسان غير ملتزم وهو حر وهذا يعني ان النص يبيح امكانية اجراء نصوص للشواذ والزواج المثلي ( احرار حسب ديانتهم او اختياراتهم ؟؟؟) ويضيف هذا التخوف الاول اما الثاني هو ان النص يكرس الطائفية لان هناك قانون خاص للمذهب الجعفري واخر للحنفي وهكذا على اعتبار انهم احرار باحوالهم الشخصية ... اما التخوف الثالث ان تنفيذ هذا القانون والفصل بالنزاعات يتطلب وجود قضاة شرعيين حسب المذهب بينما الموجود حايا قاضي واحد وقانون واحد ...
وحول امكانية ان تلغي المادة 41 قانون 188 يقول دكتور سليم ...
اساسا مادة 41 شرعت لغرض الغاء قانون 188 لسنة 1959 والبدأبتنفيذ قانون جديد لذا فقد قدمنا مقترحا لتعديل المادة وهو عبارة عن خيارين:
- الخيار الاول حذف المادة والاكتفاء بالقانون النافذ مع اجراء بعض التعديلات
- الخيار الثاني تكفل الدولة تنظيم الاحوال الشخصية للعراقيين بما يراعي اختلاف مذاهبهم ودياناتهم .


وياتي راي عضو مجلس النواب عن كتلة الائتلاف السيدة سميرة الموسوي بين مؤيد ورافض فهي من جانب ترى بان قانون الاحوال الشخصية جيد بالرغم من السلبيات المرافقة لهذا القانون والتي الحقت به من قبل النظام السابق وتقول ...اجد ان هناك خلاف حول القانون فليس هناك توافق في الاراء حول سريان القانون وهناك من يريد تطبيق قانون اخر على اعتبار نه فرض من قبل نظام دكتاتوري شمولي ولم يصوت عليه وانه قديم لانه تجاوز 49 عاما واصبح لايتماشى مع الوضع الحالي ... وتضيف...لدينا ملاحظات كثيرة خصوصا فيما يتعلق بوضع المراة وما لحق بها من اضرار وانا مع ايجاد قانون جديد حتى وان لم يكن نص المادة 41 على الرغم من ان هناك من يرى ان هذه المادة تضمن حقوق الاخرين حسب معتقده ودينه واعتقد انه حق خاص ولا يؤثر على الغير وقد ايدني في هذا الراي الكثيرين لكن من الضروري ان يكون ضمن محكمة واحدة لا ضمن نظام محاكم عديدة .

احترام رأي المطالبين بتطبيق المادة 41 واجب لانها وجهة نظر تتقبل القبول والرفض رغم انها ستؤدي حتماً الى الغاء قانون الاحوال الشخصية لكننا لانجد من المبررات ما يؤيد توجههم ، فقانون 188لسنة 1959 جهد قانوني كبير تجلى في تشريع قانون الاحوال الشخصية و يصب في دولة القانون وخضوع كافة مواطني الدولة لقانون واحد يضمن استقرار احوالهم الشخصية بمختلف مذاهبهم. لذا ومن خلال هذه الاراء الكثيرة والمختلفة تمت ملاحظة ان الذين يؤيدون القانون النافذ كانت حجتهم اقوى في المناقشة والملاحظة لأنهم استندوا على نص قانوني نافذ من الذين يؤيدون المادة الدستورية ما لم يصدر قانون ينص على كيفية اختيار العراقيون لأحوالهم الشخصية وبالتالي فالمحاور يستقرأ والمتحاور معه يستقرأ والامر متروك الى مشرع القانون وفقهاء الشريعة لايجاد الحل المناسب لهذا الاختيار.