المرأة والبرلمان



عدنان شيرخان
2008 / 8 / 31

يعزى التمثيل الكبير للمرأة العراقية في البرلمان الى النسبة المفروضة ( الكوتا)، والتي جاءت نتيجة مطالب وضغوط ناشطات في الحركة النسوية العراقية على بريمر ايام مجلس الحكم، الذي لم يكن مقتنعا تماما اول الامر، ولكنه أقر هذه النسبة في (قانون ادارة الدولة) وسجلت له. ومن المؤكد ان المرأة العراقية ولاسباب عديدة (اجتماعية وثقافية وسياسية) لم تكن لتحصل على جزء من هذه النسبة العالية ( اكثر من 70 نائبة من مجموع 275)، لو جرت الانتخابات بدون فرض هذه ( الكوتا)، والتي تحسدها عليها النساء ومناصرو الحركة النسوية ليس فقط في دول الجوار العراقي والدول العربية، وانما في العديد من الدول التي تتبنى الديمقراطية نظاما ونهجا وآلية للحكم. لكن السؤال الذي ينبغي طرحه بصراحة وشفافية: هل استفادت المرأة العراقية من تمثيلها العالي في البرلمان ؟ باتجاه تحسين اوضاعها؟ وهل تجد عونا واستعدادا مسبقا لتبني قوانين وتغيير مواد دستورية تصب في مصلحة مسيرتها ؟ قبل الاجابة على هذا السؤال، لابد من استرجاع الطريقة التي جرت بها انتخابات بداية ونهاية العام 2005، انتخابات الجمعية الوطنية ومجلس النواب، اعتمد في الانتخابات المذكورة نظام القائمة المغلقة، وألزمت الكتل البرلمانية بتنظيم قوائمها المقدمة الى مفوضية الانتخابات بوضع اسم امرأة بعد كل رجلين، يومها جابهت العديد من القوائم مشكلة حقيقية فيما يتعلق بايجاد نساء يقبلن الترشح للانتخابات، لاسباب (قيل وقتها) انها تتعلق بالوضع الامني، وخطورة هذا الترشح على حياتهن، وازاء هذه الاوضاع تصرفت البعض من القوائم بطرقها الخاصة، وملأت الفراغات الموجودة بعد كل رجلين، فجيء باخوات لاعلم ولا دراية ولا اهتمام ولا تجربة سابقة لهن في العمل السياسي، ويقف البعض منهن بصراحة ووضوح ضد اعطاء اية حقوق للمرأة، ويحسبن على دعاة تسييد الرجال على مجمل المشهد السياسي، واختيرت نساء يعتقدن ان اصواتهن عورة، وهو ما قد يفسر الصمت الذي يضرب صفوفهن في البرلمان. فجاءت النتيجة ان تمثيل المرأة الحقيقي اعاقته ظروف البلد الامنية، وخروجه للتو من فترة حكم شمولي، كما ألقى الموروث الثقافي والاجتماعي وطبيعة المجتمع العراقي الذكورية، بظلال سلبية على هذا التمثيل. وكان لانصهار شخصية البرلمانية داخل كتلتها، وتأييدها المسبق المجير في جميع الاحوال لتوجهات هذه الكتل، تأثير سلبي على ظهور شخصيات نسائية مستقلة فاعلة ومؤثرة في البرلمان الا في نطاق ضيق ومحدود، ولولا هذا العدد القليل الذي يغرد مرات خارج اسراب الكتل، لقيل ان ثمة تمثيلاً صامتاً للنساء تحت قبة البرلمان. وفي العديد من القضايا التي تهم واقع المرأة والاسرة العراقية، تأتي الاشارات الاولية والضغوط من حركات نسوية خارج البرلمان، وهو الامر الذي كان ينبغي ان يثار من النائبات. وعلى اية حال، فاننا في المراحل الاولى لدرب طويل، يحتاج الى مزيد من الوعي والفهم والتحليل، ومن المستحيل تصور نجاح تجربة استنفدتا من الاخرين عقودا او ربما قروناً، بسنتين او حتى اربع سنوات.