حقوق المراة في قانون العقوبات العراقي رقم 111لسنة1969وقانون المحكمة الجنائية العليا



رزاق حمد العوادي
2008 / 9 / 26


اذا كان اليوم السادس والعشرون من حزيران عام 1945 يوم ميلاد منظمة الامم المتحدة وأنضمام الدول الى المجموعة الدولية ومنها العراق بموجب القانون رقم46 لسنة 1945 وصدور ميثاق الامم المتحدة الذي اكد على الايمان بحقوق الانسان الاساسية في ماله وكرامته وحقه في المساواة، كما ان الفقرة 3 من المادة الاولى من الميثاق: ( ان من اهداف المنظمة التوصل الى تعاون دولي مشترك لحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، اما المادة الثانية والستون الفقرة -2 اكدت على ضرورة اعداد التوصيات التي تدعم احترام حقوق الانسان وحرياته ومتابعة المراقبة بهذا الصدد
قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 والنصوص القانونية التي تحكم وضع المراة القانوني

يعتبر هذا القانون هو القانون العقابي الثاني بعد القانون الذي اصدره القائد العام للقوات البريطانية المحتلة في العراق في 21 تشرين الثاني 1918 وقد نفذ هذا القانون في سنة 1919 باسم قانون العقوبات البغدادية حتى تم الغائه بموجب القانون رقم 111 لسنة 1969.
وقد حددت المادة الاولى من القانون المذكور( لاعقاب على فعل او الامتناع الا بناء على قانون ينص على تجريمه وقت اقترافه ولايجوز توقيع عقوبات او تدابير احترازية لم ينص عليها القانون) اذا اهداف القانون هو منع الجريمة ضد الفرد والمجتمع وتحديد الافعال المحضورة والخطرة والمعاقب عليها وتحديد العقوبات والحالات التي يستعاض عنها بتدابير احترازية.
وبقدر تعلق الامر بنصوص هذا القانون بحقوق المراة فقد اورد نصوصا قانونية تبيح استعمال العنف والقسوة التي تقع على المراة باوصاف متعددة:
المادة41(لاجريمة اذا وقع الفعل استعمالا لحق مقرر بمقتضى القانون ويعتبر استعمال الحق تاديب الزوج لزوجته......) ومن الغريب في الامران هذ الحق الوارد في النص اعتبر سببا من اسباب الاباحة التي بموجبها لايمكن مساءلة الزوج وهذا يتناقض تماما مع ماورد بنص المادة 29 رابعا من الدستور (تمنع كل اشكال العنف والتعسف في الاسرة والمدرسة والمجتمع) ويتناقض مع احكام المادة 7 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الصادر سنة1966 والاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر سنة 1948 .
كما ان المادة 410 – 416 افترضت ان الزوجة هي وحدها التي تستحق التاديب وكانها المخطئة وفقا للمادة 377 من القانون المذكور والمادة 380 ( كل زوج حرض زوجته على الزنا فزنت بناءا على هذا التحريض تعاقب بالحبس) فاذا ماارادت الزوجة اللجوء للقضاء بالشكوى من الزوج نتيجة هذا التحريض وهي ترفض ذلك فلاتسمع شكواها الى ان تزني ثم تشتكي.
وهذا النص يتعارض تمام واحكام المادة6 من اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المراة ويتناقض مع احكام المادة 37 /3 من الدستور العراقي.
ايضا المادة 409(تمنح الزوج عذرا مخففا للعقوبة ولاتطبق بحقه احكام الظروف المشددة في مثل هذه الحالات وفق القانون رقم6 لسنة 2001 والمادة 130 من القانون المذكور .
على ضوء هذه النصوص القانونية الواردة في قانون العقوبات والتي اشرنا الى جزء منها فقط فلابد من الدعوة الى تعديل التشريعات القانونية لكي تتوائم مع النصوص الدستورية والاتفاقيات الدولية التي وقع عليها العراق ومنها العهدين الدوليين النافذ المفعول لعام1976 والموقع عليه من قبل العراق بموجب القانون193 لسنة 1970 وكذلك اتفاقية سيداوه لعام 1979 والموقع عليها بالقانون 66 لسنة 1986 واتفاقية القضاء على اشكال التمييز ضد المراة بالقانون 13 لسنة 1986 علما بان الاثار القانونية المترتبة على التوقيع والمصادقة على مثل هذه الاتفاقيات تلزم الاطراف الموقعة عليها الى ضرورة ادماجها في القانون الداخلي العراقي وفقا لقانون النشر رقم66 لسنة1976 كما ان العدالة تقتضي متابعة الجهات ذا ت الاختصاص منها وزارة الدولة لحقوق الانسان ووزارة الدولة لشؤون المراة لمثل هذه الاتفاقيات والمساهمة في وضع الستراتيجيات لحماية حقوق المراة والمساهمة في سن التشريعات القانونية ومراقبة تنفيذ الالتزامات الدولية والتعاون مع الامم المتحدة والمنظمات الدولية بهذا الصدد ومنظمات المجتمع المدني لدعم حقوق المراة وفقا لمبدا العدالة الانتقالية التي من اسسها هي الدفاع عن حقوق الانسان والدفاع عن العدالة الجنائية ....الخ ، لا ان يقتصر عمل هاتين الوزارتين باقامة الورش والدورات بعيدا عن الواقع الحقيقي لمعاناة المراة وان يصار الى تأهيل هذه الفئة من المجتمع لكي تدرك مالها وماعليها من حقوق والتزامات وفقا للسترتيجية كما نوهنا عنها والتي تقوم على مبدا المفهوم التنظيمي والاعلامي والميداني للوقوف على مشاكل المراة ،
اما بخصوص قانون المحكمة الجنائية العليا فان هذه النصوص وردت ضمن اختصاصات المحكمة الجنائية العراقية خاصة في المادة 7 واعتبرت الجرائم التي تقع على المراة خاصة جرائم الاغتصاب هي جرائم دولية كما ان النصوص الواردة في المواد 12-13-14 من القانون المذكور اوردت الحماية الجنائية لحقوق الانسان وقت الحرب وهي مستنبطة من اتفاقية جنيف لعام 1949 وقانون المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي والبروتوكولين الملحقين بها ولم تضع حلا حقيقيا للمأساة التي تتعرض لها المراة ضمن النصوص المذكورة
اذا واخيرا لابد من اعتماد نظام قانوني شامل لحقوق المراة بالاعتماد على المعايير الدولية وضمن التنظيم القضائي الدولي وان تنفذ الحكومة التزاماتها بخصوص تلك الاتفاقيات ولابد من اعلان قاعدة بيانات احصائية بخرق هذه الحقوق يمكن الاعتماد عليها ومعالجتها وتعزيز دور منظمات المجتمع المدني الفاعلة في هذا المجال لكي تضمن دورها الاستشاري في سن القوانين ورسم السياسة الخاصة بالمرأة والرصد والمراقبة للمشاركة الفعالة في الارتقاء بهذه الحقوق التي نادى بها المجتمع الدولي...