مباشرة معكم ... العنف ضد النساء والكلام المعاد



مليكة طيطان
2008 / 10 / 11

تزامنا مع تخصيص العاشر من أكتوبر كيوم وطني للمرأة خصصت القناة الثانية المغربية ومن خلالها طبعا برنامج ( مباشرة معكم ) وبإدارة الاعلامي المتميز دوما جامع كولحسن ، خصص الحلقة الشهرية لموضوع سرمدي جديد قديم ، الأمر يتعلق بمقولة العنف ضد النساء ...هو كلام أو خطاب استهلك وما يزال يستهلك متى سنحت الفرصة بذلك ...هو شعار تلك الكائنات المسماة جمعيات نسائية والتي تظهر وتختفي لا ندري إلى أين و يقال دوما والله أعلم أنها أخذت على عاتقها مسؤولية الدفاع عن النساء ...وكما جرت العادة أيضا تستضيف الحلقة نفس الوجوه النسائية المألوفة ، كانت المناسبة كافية لكي تسترجع الضيفات نفس الكلام الذي سبق ورددناه أو عبرن به في مناسبات أخرى تستدعي الموضوع سواء عبر ندوات أو ملتقيات أو مناظرات تلفزية أو إذاعية ...كمدافعة عن التحرك الحكومي الرسمي بإجراءاته ومقارباته تحضر السيدة وزيرة الأسرة والتضامن تستعرض الفائت والماضي في علاقته بطموح المنجزات مستقبلية ستنعم فيها النساء بكل النعم التي يقرها حقوق الانسان على اعتبار أن حقوق المرأة من حقوق الانسان ، من موقعها كمسؤولة حكومية تكلمت السيدة الوزيرة مدافعة على أن السماء صافية والدنيا هانية ولا ينقص إلا بعض التعديلات في عقول جاحدي نعم حكومتها المحترمة ، الوزيرة تتحدث بإسهاب عن القضية النسائية وفي عمقها ظاهرة التعنيف الذي تتعرض له النساء استحضرت وكما هي عادتها طبعا أطروحة تلتزم بها دوما مفادها أن إشراك النساء في مناصب القرار بما فيها تلك المناصب السامية التي كانت حكرا على الرجل فقط حيث أشادت بالمكسب المنتزع مؤخرا و المختزل في تعيين 19 سيدة في مناصب السلطة برتبة ( قائد ) وكتتويج لهذا المكسب تطمح السيدة الوزيرة أن يزداد عدد النساء وتسند لهن مناصب أسمى كمسؤولية المرأة العاملة ( محافظة )أو والية ( تشرف على مجموعة من المحافظات ) ...مناسبة هذا الاستطراد أن السيدة الوزيرة ترى في هذا الاشراك الحلول السحرية للقضاء على كل أشكال التمييز الذي تعاني منه النساء ، أساسا تلك القوة الفزيائية المسلطة عليها سواء في المحيط الأسري أساسا الزوج أو في الفضاء الخارجي حيث الشارع أو فضاء مورد العيش ، هكذا هي وجهة نظر السيدة الوزيرة القادمة من عمق الحزب المغربي الأحمر قبل أن تأخذ منه عوامل التعرية ، ترى بأن مجرد إتكاء المحظوظات من النساء في بروج السلطة العاجية تكفي للقضاء على كل أشكال تعنيف المرأة ،إلى حدود المطمح الوزيري هذا نقف ، لكن نبقى في نفس السياق لكي أسرد على معالي الوزيرة الحدث أو الخبر الطازج المرسل اللحظة على شكل بيان من طرف الكاتبة العامة لنقابة المنظمة الديموقراطية للتعليم المناضلة فاطنة أفيد ...يقول البيان أن مديرة أكاديمية التربية والتكوين بالرباط زمور زعير - والوزيرة تعلم بطبيعة الحال القيمة الرمزية لهذا المنصب المهم جدا - أقدمت هذه المديرة على خصم أسبوعين من رخصة الولادة بالنسبة لنساء التربية والتعليم ...ماهي وجهة نظر السيدة الوزيرة بخصوص هذا الاجراء التعسفي الذي أقدمت عليه مديرة الأكاديمية في حق النساء ؟؟ وهل تملك القوة العملية أو الاقتراحية لكي تتصرف هكذا إجراء مادامت الرخص موثقة بضوابط تشريعية ؟؟إذا كان الأمر كذلك بخصوص الخبر الذي نقلته الأستاذة المسؤولة النقابية فالقضية كارثية وبكل معنى القسوة والتعنيف لكن هذه المرة من طرف المرأة في مواجهة المرأة .
لهذا السبب ولغيرها من الدواعي مازالت معالجة الآفات التي تقض مضجع المعنفات أو المهمشات مجرد وهم من الأوهام ، وأعتقد أن أستاذة القانون التي ضمها الحضور بلمحة سريعة تحدثت عن النظم القانونية المحصنة لعمل بعض الجمعيات ...فحتى إذا ما افترضنا أن تكون هذه الجمعيات صادقة وتعمل في العلن لا في الظل ...وحتى إذا ما افترضنا أن تكون القوانين والنظم راسخة وحقوق الانسان مكرسة في الدستور فإن مقتضيات الحال الاقتصادية والاجتماعية تؤدي حتما إلى تقويض هذا التحصين أو الحماية .