المرأة وظيفتها السياسية والجيتوية وفق الديانة اليهودية



وعد العسكري
2008 / 10 / 18

تعد الديانة اليهودية بحكايات التوراة وأسفار العهد القديم تأليفا جمعيا تركيبيا مصطنعا بالاستعارة والاستنساخ والقص واللصق الذي استغرق فترة طويلة من الزمن على التوالي،بأهداف سياسية وكهنوتية،و بإسقاط الى الوراء لماض متخيل تعتري حقيقته الكثير من الملابسات والغموض والافتراء الذي يصفه " بالتاريخ المقدس " أو يبتدع لـه اصولاً تاريخية تتهرب من الحقيقة .واليهودية،ديانة كهنوتية لما للكهنة من دور في صياغة النصوص وتفسيرها باعتبارهم " الواسطة بين اليهود وإلههم "يهوه "، ولهم توجيه الشعائر والممارسات الدينية والسلوكية في وظيفة " وراثية " يتولى قيادتها " المجمع الديني الأعلى " السنهدرين " في إضافات دائمة .

ويجمع الباحثون على موضوعات الاقتباس التوراتي من الأصول الحضارية القديمة البابلية والكنعانية والمصرية،مما عبر عنه " ويل ديورانت " بان اليهود " لم يوجدوا تاريخهم بل ان تاريخهم هو الذي اوجدهم ". ووصف ذلك التاريخ " طيب تيزيني " بأنه يمثل " صيغة ملفقة عن مجموعة من النصوص المتعددة الأصول والمناحي والمتنوعة بكتبها وبالمعلقين والشراح عليها وبالمفسرين لها .. وهي في مجملها تقدم موقفا تراثيا، قبل ان تكون ممثلة لموقف تاريخي"( ). وبهذا تشكل المادة الميثولوجية الأسطورية للحضارات القديمة، قواما أساسيا في معظم التكون التوراتي ( ). وتعد التوراة او ما يعرف بالعهد القديم، المصدر الأول لليهودية وليدة تاريخ أملى صيرورتها، وقد كتبت في مراحل مختلفة على مدى ألف وسبعمائة عام من النبي موسى الذي تنسب اليه، وبأقلام واضحة الاختلاف، وبتحريفات وإضافات انسجمت مع رغبات وميول الكتبة، في حين يعتبر التلمود المصدر الثاني لها ويضم التفاسير والتعليقات والشروح التي وضعها الأحبار والخامات عن التوراة ( ).
وكما ندد السيد المسيح (ع) بأعمال من سماهم "بالكتبة الفريسيين والناموسيين وأنذرهم بالويلات لانحرافهم عن الفضيلة وتكالبهم على الدنيا " أدرك رجال الدين المسيحيين ذلك التحريف واقروه في بعض مقدمات طبعات الكتاب المقدس، وأشار القرآن الكريم الى هذه الحقيقة في اكثر من موضع ( ).
وعندما نجد الكثير من المتناقضات التي لا تتفق مع السياق العام، فهي مؤشر آخر على الوضع التركيبي المصطنع للنص اليهودي الذي أملته الأزمان المختلفة التي استغرقتها كتابته حاجات مختلفة عبرت عنه نصوص متباينة افتقدت الوحدة والتناسق .
ولهذا وإذ تسود التوراة العديد من المتناقضات والازدواجية والأخطاء التاريخية للأحداث أو تسلسلها الزمني على غرار الحديث عن لسان موسى عن مراسم جنازته، فإن نصوصها زحمت بما ينافي المبادئ الخلقية للديانات عموما او لعصمة الأنبياء والرسل كقدوة ألصقت بها الجرائم والموبقات، ولم تعد هذه النصوص غير انعكاس لحاجات وحالات نفسية شخوصية او تاريخية مجتمعية مر بها اليهود . فضلا عن العنصرية الصارمة التي تتناقض كليا مع " ان البشر جميعا أبناء إبراهيم " .
أما المرأة فقد نالها نصيب وافر من الدونية المفرطة والاستبداد مما أخذه اليهود عن كل شائن بأمرها من الحضارات المختلفة، وانتقل بدوره الى الجزيرة العربية في منعكسات متباينة ضمن النسيج الاجتماعي العام . كذلك أثر بقوة في التفاسير الفقهية التي استلزمتها حاجات معينة في التاريخ الإسلامي والتي وجدت في الإسرائيليات معينا لا ينضب من الإجابات التي تناسبت والرغبات أو السياسات الخاصة والعامة للأفراد والجماعات.
وفي المقدمة، كان لابد من الخروج من دائرة الإلهة الإناث انسجاما مع المرحلة الذكورية التي فرضت مقوماتها، بعد أن ظل أولئك" التائهون " كما سمتهم التوراة يستعيرون الإلهة والإلهات من الأقوام المتحضرة المستقرة التي اتصلوا بها، وعندما نزل الرب على موسى دعاه أن:" لا تسجد لهن ولا تعبدهن،لأني انا الرب إلهك " ( ).
وابتداء من قصة الخلق التوراتية، تجسدت تلك الدونية لمكانة المرأة عندما أخذ الرب من آدم أحد أضلاعه وصنع منها الأنثى بإيحاء ان تكون تابعة كجنب الرجل " فأوقع الرب الإله سباتا على آدم،فأخذ واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحما،وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة وأحضرها الى آدم"( ).وعندما كرم الرب مخلوق آدم، وبعد ان " عمله على صورته "، وضعه في جنة عدن "ليعملها ويحفظها " وأباح له الأكل من شجرها إلا شجرة واحدة " لأنك يوم تأكل منها موتا تموت "، ومن بين حيوانات البرية التي "جبلها الرب لآدم"، قامت الحية بتحريض امرأة آدم على مخالفة أمر الرب بالأكل من الشجرة المحرمة كي " تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر " فأكلت منها وأغرت زوجها على فعل الشيء نفسه،ولما علم الرب سأل آدم " هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك ان لا تأكل منها، فقال آدم المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت " ( ) .فعوقبت الحية كمحرضة اولى بان أصبحت " ملعونة من جميع البهائم تسعى على بطنها وتأكل التراب " وعقوبت المرأة بآلام الوضع والولادة وبسلطان الرجل عليها، وعوقب الاثنان بالخروج من الجنة الى الأرض:"وقال للمرأة تكثيرا أكثر أتعابك حبلك، بالوجع تلدين أولادا،والى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك،وقال لآدم لأنك سمعت قول امرأتك وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلا لا تأكل منها ملعونة الأرض بسببك،بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك،وشوكا وحسكا تنبت لك وتأكل عشب الحقل، بعرق وجهك تأكل خبزا حتى تعود الى الأرض التي أخذت منها، لأنك تراب والى التراب تعود" ( ). وهكذا وكما عاقب الرب المرأة باللعنة وبالوجع والولادة،جعل سيادة الرجل وانتقامه من المرأة أمرا لازما مشروعا بعد ان تسببت بطرده من فردوس النعيم وبمتاعبه جميعا، وفقدانه الخلود ليعود الى التراب ( ).
وعلى التوالي مضت التوراة الكهنوتية، في القصاص من المرأة الملعونة ربانيا التي تسببت خطيئتها في أوجاع البشرية، فساوتها الوصايا العشر بالعبد والأمة والبهائم في النهي عن الاشتهاء " لا تشته امرأة قريبك ولا عبده ولا أمته ولا ثوره ولا حماره ولا شيئا مما يملك قريبك"( ).وفي إطلاق نهائي لم يقتصر العقاب الإلهي للمرأة على تخصيصها بالولادة، وانما ابتلاها بالطمث كعلة معدية يجب التطهر من نجاستها بالحجر الصحي والعزل، وذلك في سياق التمييز في النجاسة بين ولادة الذكور والإناث،وذكر للأمراض المعدية القذرة مثل البرص والسيلان. فنقرأ في التوراة "كلم الرب موسى قائلا كلم بني إسرائيل، إذا حبلت المرأة وولدت ذكرا تكون نجسة سبعة أيام، كما في أيام طمث علتها تكون نجسة، وفي اليوم الثامن يختن لحم غزلته، ثم تقيم ثلاثة وثلاثين يوما في دم تطهيرها،كل شيء مقدس لا تمس والى المقدس لا تجيء حتى تكمل أيام تطهيرها،ثم تقيم ستة وستين يوما في دم تطهيرها،ومتى كملت أيام تطهيرها وإن ولدت أنثى تكون نجسة أسبوعين كما في طمثه"( ).وبعد عقوبة الحجر الصحي، يجب ان تدفع المرأة "كفارة " عن نجسها بقربان تتقدم به الى الكاهن كي تستكمل طهارتها " ومتى كملت أيام تطهيرها لأجل ابن او ابنة تأتي بخروف حولي محرقة وفرخ حمامة او يمامة ذبيحة خطية الى باب خيمة الكاهن،فيقدمها أمام الرب ويكفر عنها فتطهر من ينبوع دمها " ( ).ولا تقتصر نجاسة المرأة بمنع اتصالها الجنسي بالرجال في فترة الطمث،وانما يصبح نجسا كل ما تستخدمه الحائض وكل من يمسها او يمس ما تضطجع عليه أثناء تلك الفترة، بل وتمتد هذه الفرائض الى الرجل نفسه إن اتصل بها وانتقل اليه من طمثها " وإذا كانت امرأة لها سيل وكان سيلها دما في لحمها فسبعة أيام تكون في طمثها وكل من مسها يكون نجسا الى المساء، وكل ما تضطجع عليه في طمثها يكون نجسا وكل ما تجلس عليه يكون نجسا،وكل من مس فراشها يغسل ثيابه ويستحم بماء ويكون نجسا الى المساء، وكل من مس متاعا تجلس عليه يغسل ثيابه ويستحم بماء ويكون نجسا الى المساء، وان كان على الفراش او على المتاع الذي هي جالسة عليه عندما يمسه يكون نجسا الى المساء،وإن اضطجع معها رجل فكان طمثها عليه يكون نجسا سبعة أيام،وكل فراش يضطجع عليه يكون نجسا" ( ). وإذ حرمت التوراة أكل الجمل والوبر والأرنب والخنزير وعدم لمس اجداثها "لنجاستها " فإنها لم تحرم لمس هذه الحيوانات وهي حية كما فعلت بالنسبة للمرأة .
وفي الربط بين الحكمة ومزيد من الحط بالمرأة ترميز آخر حكم فيه الكهنة بالأبدية الدونية التي لا أمل فيها للنساء غير الجهل والحماقة " درت أنا وقلبي لأعلم ولأبحث ولأطلب حكمة وعقلا ولأعرف الشر انه جهالة والحماقة انها جنون، فوجدت أمر من الموت المرأة التي هي شباك وقلبها اشراك ويداها قيود، الصالح قدام الله ينجو منها،أما الخاطئ فيؤخذ بها "، ويواصل النص الحديث عن امتحان الحكمة واستحالة ان تكون المرأة حكيمة فيقول " انظر هذا وجدته قال الجامعة، واحدة فواحدة لأجد النتيجة، التي لم تزل نفسي تطلبها فلم أجدها، رجلا واحدا بين ألف وجدت،أما امرأة فبين أولئك لم أجد ""( ). ومن هنا وجد المجتمع اليهودي الأول المشروعية الدينية كاملة لعدم تأهيل المرأة وتعلمها او توليها المناصب وبخاصة وظائف القضاء والإفتاء،وهي تعفى من بعض الواجبات الدينية التي يجب ممارستها في فترات معينة،وعندما تنذر المتزوجة نذرا لا يكون مقبولا دينيا بغير موافقة الزوج عليه .ولا يسمح لها بالاقتراب من الطقوس الدينية،ولا يحسبن في العدد الواجب اكتماله للصلاة، وإذا لمست عباءة " الطاليت " التي يلبسها اليهود في صلاتهم، فإنها تنجسها ويجب استبدالها، وفي المعابد اصبح للنساء موضع منعزل في الرواق او خلف الرجال كي لا يلهين العابدين عن العبادة .وليس غريبا أن يتولى الفقه التلمودي هذه المسألة بمزيد من الحيثيات التي تحكم على المرأة مصدرا دائما للشرور ووسيلة أبدية للشيطان كي يوقع بالبشر,وتجعل الذكر يشكر ربه لعدم كونه أنثى وتتأسى لمن ذريته من الإناث إذ النساء مشعوذات ثرثارات تافهات لا يقال لهن سر او تأخذ مشورتهن في شيء.وبهذا ينقل عن التلمود ان:"االحمد لك يا رب يا ملك الدنيا،يا من لم تخلقني أنثى ..واحسرتاه لمن كانت ذريته أناثا .. اصلح النساء مشعوذات.. النساء ارواحهن تافهة .. النساء لسن حكيمات ولا يعتمد عليهن ..نزلت الى العالم عشرة أنصبة من الثرثرة أخذت النساء منها تسعا .. كل من يمشي وراء مشورة امرأة يسقط في"( ).ويشير " ديورانت الى هذه الظاهرة،بان الرجل اليهودي " يحمد الله، كما يحمده أفلاطون، لأنه لم يولد أنثى، وكانت المرأة تجيب على ذلك في تواضع جم ـ كمن يرضى بدونيته ويستكين لهاـ:وأنا احمد الله الذي خلقني كما أراد " ( ).
وقد نجد في عقدة الاضطهاد الذي حوصرت به المرأة وقسرت على قدريته لها،تفسيرا مناسبا لتعريف اليهودي الصحيح بنسبته الى أمه اليهودية دون أبيه، باعتبار ان تلك العقدة تجعل المرأة اكثر حرصا من الرجل على وشائج يهوديتها والأكثر مقدرة على تلقين أواصرها في التربية الأولى للطفل، كحال كل من تنتقص لديه مشاعر العدل والمساواة أو غلبة الأكثرية.
وأباحت التوراة الطلاق، والزنى ابرز أسبابه " إذ زنت العاصية إسرائيل فطلقتها وأعطيتها كتاب طلاقها لم تخف الخائنة يهوذا أختها بل مضت وزنت هي أيضا "( ). وحيث الزانية هي المرأة في اغلب الحالات، بقي حق الطلاق حكرا على الزوج، وحتى عندما أجاز التلمود للمرأة ان تطلب الطلاق ظلت الوسيلة الوحيدة معنوية تستلزم إقناع الزوج بضرورة الطلاق.وعندما أصبحت الجماعة اليهودية مهددة اسرويا شددت التوراة على كره فعل الطلاق وقلصت من إطلاقه عمليا، فاعتبرته نوعا من الغدر " فاحذروا لروحكم ولا يغدر أحد بامرأة شبابه، لأنه يكره الطلاق قال الرب إله إسرائيل،وان يغطي أحد الظلم بثوبه قال رب الجنود،فاحذروا لروحكم لئلا تغدروا " ( ). وقيدت ذريعة الاتهام بالزنى،بأن أعطت للزوجة حق الدفاع عن نفسها واثبات براءتها بدم العذرية الذي يحمل أبوها علامته الى شيوخ المدينة، فيؤدب الرجل ويغرم مبلغا من المال " لأنه أشاع اسما رديا عن عذراء من إسرائيل فتكون له زوجة لا يقدر ان يطلقها كل أيامه " ( ).ومع ذلك ظل حق الزوج في طلاق زوجته بمحض إرادته، أساسيا في قانون الطلاق لدى سائر الأنظمة اليهودية، وفي تطور للوظائف والحاجات أباحت للرجل بعض طوائف اليهود، طلاق زوجته إذا أفسدت طعامه او ان يكون قد رأى امرأة ترضيه اكثر مما تفعل الأولى .لكنه ومع الزمن لم يلق الطلاق دون سبب وجيه تأييدا من الحاخامين، بل واصبح للزوجة طلب وثيقة الطلاق إذا تكررت إساءة معاملتها او إذا ثبتت على زوجها تهمة الشذوذ الخلقي او العجز عن اداء المهام الزوجية ( ).

وشاعت ظاهرة التسري وملك اليمين بين اليهود،وورد مصطلح السراري او مرادفاتها في معظم الأسفار التوراتية، فكان للنبي التوراتي سليمان " ألف امرأة من المحصنات "السيدات" والسراري من جنسيات مختلفة " وكانت له سبع مئة من النساء السيدات وثلاث مئة من السراري فأمالت نساءه إليه"( ). وترددت في اكثر من موقع في النصوص التوراتية عادة إهداء الأفراد والزوجات الجواري للأنبياء والشيوخ او الأزواج، وأبيح للمحاربين الزواج من السبايا الجميلات، ولعل اشتراط ان تحزن السبية شهرا قبل الدخول عليها من قبيل " فترة العدة" لتحديد أبوة الأولاد ( ) .
وانتشرت ظاهرة تعدد الزوجات وخاصة بين الأنبياء والموسرين، وعبرت التوراة في اكثر من مكان عن هذه الظاهرة ( ). فنقرا في النص مثلا في معرض تقسيم الإرث " إذا كان لرجل امرأتان إحداهما محبوبة والأخرى مكروهة فولدتا له بنين المحبوبة والمكروهة .. فيوم يقسم لبنية ما كان له لا يحل له ان يقدم ابن المحبوبة بكرا على ابن المكروهة البكر" ( ). كما تقدم التوراة اكثر من نموذج للتعددية الزوجية عند الأنبياء فقد تزوج يعقوب من الأختين ابنتي خاله " ليثة وراحيل"، وتباهى النص التوراتي بكل من داوود وسليمان وجدعون بتعدد زوجاتهم وكثرة نسلهم( ).
أما الزنى والجنس، فقد يرتبك المتتبع للتوراة لما يجده من تناقض في الحث عليه تارة والنهي عنه بصرامة تارة أخرى، ولعل هذا التناقض قرينة صريحة لتمرحل الوضع التوراتي بين فترة جنسوية حاول فيها الكهنة توظيف الدعارة لصالح اليهودية،لكنه وفي فترة أخرى أملت الحاجة الى وقف ذلك التدهور الأخلاقي للحفاظ على الهوية التي أصبحت مهددة .
في المظهر الأول كان اليهود، وهم أولئك الأسرى " الذين ينوحون على نهر الفرات في بابل " بأمس الحاجة الى الارتقاء بمكانتهم وزيادة ثرواتهم بأية وسيلة في مرحلة راج فيها الجنس والسعي وراء الشهوات والترف، فتصدى الكهنة بكفاءة منقطعة النظير لجعل النصوص المقدسة تقوم بالمهمة لتسهيل التوظيف الجنسي وشرعنته لصالح اليهودية على اكمل وجه.وابتداء من الخلق الأول صار العري فضيلة انعم بها الرب على آدم وحواء في الجنة "وكانا عريانين آدم وامرأته وهما لا يخجلان "، وكانت أوراق الشجر التي سترا فيها عورتيهما جزء من الخطيئة التي اكتشف فيها الرب انهما أكلا من شجرة معرفة الخير والشر المحرمة " وسمعا صوت الرب ماشيا في الجنة عند هبوب ريح النهار،فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة، فنادى الرب الإله آدم وقال له أين أنت، فقال سمعت صوتك في الجنة فخشيت لأني عريان فاختبأت، فقال من أعلمك انك عريان، هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك ان لا تأكل منها" ( ).
وكتعبير صريح عن الأهمية التي أولاها الكهنة للزنا لخدمة المصالح اليهودية، كانت رواية "استير" التي خصصت لها التوراة سفرا كاملا بعشرة إصحاحات أسهبت فيه عن أيام الملك الفارسي "أحشويروش الذي ملك من الهند الى كوش " ( والأرجح انه الملك الاخميني كورش الذي أطلق بعض السبي اليهودي في بابل عندما احتلها عام 539ق م) فامتدحت أيامه وبخاصة عندما غضب من زوجته ـ وشتي ـ لعدم طاعته"وأرسل كتبا الى كل بلدان الملك الى كل بلاد حسب كتابته والى كل شعب حسب لسانه ليكون كل رجل متسلط في بيته "، ثم انتقلت الرواية الى ذكر الصراع بين اليهود ممثلين في " مردخاي " واعدائهم ممثلين " بهامان "، وهنا نجد مردخاي يجهد في تقديم ابنة عمه الفاتنة" استير" الى الملك،ولم ينجح بذلك " احب الملك استير اكثر من جميع العذارى فوضع تاج الملك على رأسها وملكها مكان وشتي .. ولم تكن استير أخبرت عن جنسها وشعبها كما أوصاها مردخاي، وكانت استير تعمل حسب قول مردخاي كما كانت في تربيتها عنده "، وبعد سلسلة من الصراعات والوقائع وعندما انكشف أمر استير سخرت كل مواهبها لخدمة قومها " وتكلمت أمام الملك وسقطت عند رجليه وبكت وتضرعت إليه ان يزيل شر هامان، الأجاجي وتدبيره الذي دبره على اليهود "، بعد ذلك تتحدث التوراة بلسان استير:"وحسنت انا لديه فليكتب لكي ترد كتابات تدبير هامان التي كتبها لإبادة اليهود الذين في كل بلاد الملك،لأنني كيف أستطيع ان أرى الشر الذي يصيب شعبي وكيف أستطيع ان أرى هلاك جنسي" .وتنجح استير بالتخلص من العدو هامان وصلب أبنائه، وتقريب مردخاي الى البلاط الملكي فتحصل له على خاتم الملك للتوقيع باسمه،وبذلك يرتفع شأن اليهود الذين ضربوا " جميع أعدائهم ضربة سيف وقتل وهلاك وعملوا بمبغضيهم ما أرادوا "وسيطروا على الملك والمملكة ( ).
ولإزالة أية إشكالية تعيق توظيف الزنى او تضغط باتجاهه اللوازم الأخلاقية أو الأبوية في الامتلاك، كانت القدوة في الأنبياء والأبطال ضرورية لإيجاد ذلك الزخم الداعر دون موانع او حدود في السعي من اجل الأهداف .
وكانت البداية لدى كهنة اليهود مع النبي إبراهيم (ع) فنسبت اليهم توراتهم حثه لامرأته على الدعارة في مصر والادعاء انها أخته وليست زوجته كي يصيب الثروة والجاه عند الفرعون، وبهذا يقول النص:" وحدث لما قرب ان يدخل مصر انه قال لساري امرأته إني قد علمت انك حسنة المنظر، فيكون إذا رآك المصريون أنهم يقولون هذه امرأته،فيقتلوني ويستبقوك، قولي انك أختي، ليكون لي خير بسببك وتحيا نفسي من أجلك، فحدث لما دخل إبرام الى مصر ان المصريين رأوا المرأة أنها حسنة جدا ورآها رؤساء فرعون،فأخذت المرأة الى بيت فرعون، فصنع الى إبرام خيرا بسببها، وصار له غنم وبقر وحمير وعبيد وإماء وأُتُنٌ وجمال "، وهنا لا يغضب الرب على إبرام وإنما يعاقب الفرعون بسبب تلك الفعلة "، فيقوم بإخراج الزوجين من مصر " فأوصى عليه فرعون رجالا فشيعوه وامرأته وكل ما كان له "( ) .وتكافأ سارة زوجها الذي لم تلد بان تهدي له جاريتها المصرية هاجر فحبلت منه وولدت له " إسماعيل ". وتتكرر الرواية ذاتها بعد ان يتحول اسم إبرام الى إبراهيم وساري الى سارة بأمر الرب،فينتقل إبراهيم الى الجنوب ليغوي ملك جرار بامرأته مرة أخرى " وينتقل إبراهيم من هناك الى ارض الجنوب وسكن بين قادش وشور وتغرب في جرار، وقال إبراهيم عن سارة امرأته هي أختي،فأرسل أبيمالك ملك جرار وأخذ سارة"، ودوما يعاقب الرب الآخرين غير اليهود" فجاء الله الى ابيمالك في حلم الليل وقال له ها أنت ميت من اجل المرأة التي أخذتها متزوجة من بعل " ثم يأمره الرب ان:"رد امرأة الرجل فإنه نبي فيصلي لأجلك فتحيا،وان كنت لست تردها فاعلم أنك موتا تموت أنت وكل من لك .. فأخذ أبيمالك غنما وبقرا وعبيدا وإماء وأعطاها لإبراهيم ورد إليه سارة امرأته "( ).ولا تكف التوراة عن تكرار تلك الرواية بأشخاص أخر وبالمشاهد ذاتها، فيسير إسحاق على نهج أبيه إبراهيم ويدعي ان زوجته "رفقة" تجاه أبيمالك الفلسطيني هذه المرأة، وعندما يكتشف الخطأ لما يلاعب إسحاق زوجته " أوصى ابيمالك جميع الشعب قائلا الذي يمس هذا الرجل او امرأته موتا يموت"( ).
ولا ضير من اجل الهدف وبقاء الجماعة ان تقوم ابنتا لوط بمضاجعة أبيهما والسفاح بالولادة منه، فتذكر التوراة " وصعد لوط من صوغر وسكن في الجبل وابنتاه معه، لأنه خاف ان يسكن في صوغر، فسكن في المغارة هو وابنتاه،وقالت البكر للصغيرة أبونا قد شاخ وليس في الأرض رجل ليدخل علينا كعادة كل الأرض،هلم نسقي أبانا خمرا ونضطجع معه، فنجني من أبينا نسلا،فسقتا أباهما خمرا في تلك الليلة،ودخلت البكر واضطجعت مع أبيها، ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها،وحدث في الغد ان البكر قالت للصغيرة إني قد اضطجعت البارحة مع أبى،نسقيه خمرا أيضا فأدخلي اضطجعي معه فنجني من أبينا نسلا، فسقتا أباهما خمرا في تلك الليلة أيضا،وقامت الصغيرة واضطجعت معه،لم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها، فحبلت ابنتا لوط من أبيهما فولدت البكر ابنا ودعت اسمه موآب،وهو أبو الموآبيين الى اليوم،والصغيرة أيضا ولدت ابنا ودعت اسمه بن عمي،وهو أبو بني عمون الى اليوم ( ).
وداوود النبي في النص التوراتي يزني بامرأة رجل فتحبل منه ويرسل رجلها الى الحرب ليقتل كي يضمها الى بيته " وكان في وقت المساء ان داوود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك فرأى من على السطح امرأة تستحم . وكانت المرأة جميلة المنظر جدا،فأرسل داوود وسأل عن المرأة فقال واحد أليست هذه بثبشع بنت اليعام امرأة اوريا الحثي، فأرسل داوود رسلا وأخذها فدخلت إليه فأضطجع معها وهي مطهرة من طمثها، ثم رجعت الى بيتها، وحبلت المرأة فأرسلت وأخبرت داوود وقالت إني حبلى، فأرسل داوود الى يوآب يقول أرسل إلي اوريا الحثي، فأرسل يوآب اوريا الى داوود، فأتي أوريا إليه فسأل داوود عن سلامة يوآب وسلامة الشعب ونجاح الحرب " وتمضي الرواية التوراتية في سرد اللقاء والحوادث التي أعقبته حتى تصل " وفي الصباح كتب داود مكتوبا الى يوآب وأرسله بيد أوريا،وكتب في المكتوب يقول، اجعلوا أوريا في وجه الحرب الشديدة وارجعوا من ورائه فيضرب ويموت "( ).
وليس من انتقاص بان يغتصب آمنون ابن داود أخته العذراء "ثامار"التي أسقمته،فاحتال عليها كي تحضر الى مخدعه، ورغم اعتراضها، لم " يشأ ان يسمع صوتها بل تمكن منها وقهرها واضطجع معها، ثم ابغضها امنون بغضة شديدة جدا " .
ولا مانع ان يتزوج يعقوب او " إسرائيل " حسب التوراة،من الأختين "ليئة، وراحيل " في وقت واحد، ولما لم تنجب راحيل ليعقوب في البداية، كما حدث مع أختها،أهدته جاريتها "بلهة" لتدخل في سباق آخر مع اختها في تقديم الجواري للزوج، فتقوم الأخيرة بدورها بإهدائه جاريتها " زلفة" كي تحبل منه( ). ثم نجد يعقوب يتساهل مع من أخذ ابنته"واضطجع معها وأذلها " بل ويغفر له بهدف إدخاله في دينه " أننا بهذا نواتيكم،ان صرتم مثلنا،يختنن كل ذكر، نعطيكم بناتنا ونأخذ بناتكم ونسكن معكم ونصير شعبا واحدا، وان لم تسمعوا لنا ان تختتنوا نأخذ ابنتنا ونمضي"( )،ولم يجد يهوذا ابن يعقوب في الزنى مثلمة فيضاجع، كنته" ثامار"زوجة ابنه "عير" ظنا منه انها زانية "فنظرها يهوذا وحسبها زانية، لأنها قد غطت وجهها فمال اليها على الطريق وقال هاتي ادخل عليك"( ).
وجارى الأبطال القوميون لليهود أنبياءهم " في فضيلة الزنى"،وليس عارا ان يكون أحدهم "يفتاح الجلعادي " ابن امرأة زانية وقد جعله شعبهم " رأسا وقائدا " ( ).وشمشون الذي حلت فيه روح يهوه " باركه الرب، وابتدأ روح الرب يحركه في محله "صارت امرأته " لصاحبه الذي كان يصاحبه " ( ) .
وتوافقا مع جنسوية المرحلة التي مرت بها نشأة الديانة اليهودية وتاريخها المبكر، حفلت النصوص التوراتية بالمصطلحات والتعابير والرموز والروايات الجنسية المكشوفة وافلت الكثير منها من مقصات الرقباء المحررين الذين لابد انهم ترددوا في تحرير الرمز أو الإطلاق الكلي للمستور .ولم يكن سفر "نشيد الإنشاد" بما فيه من تصورات جنسية فاضحة كغزل الهي بالمعشوقة إسرائيل يضج بالشهوة الى النهدين والبطن والفخذ والعضو التناسلي، نموذجا وحيدا للمكونات الفكرية التوراتية وغلبة الجنس على إبداع الصيغة وصنعة الكلام وإنما ظاهرة لهيمنة الرؤى الحسية المباشرة في مجمل ذلك التكوين للترويج للشهوات التي شغلت الناس والعصر في حينه . و بدأت السنن التي تمسك بها مؤلفوا الأسفار المقدسة سيرتها الاولى في سعي للتميز،منذ إبراهيم بعهد بينه وبين الإله على إجراء عمل جراحي لتشكيل "قضيبه" وتجميله، ليشمل كل ذكر من بعده،دلالة على يهوديته، بإلزام صارم يجعل من المخالفة معصية عقابها الموت،في ترميز مباشر عن الأهمية الفائقة للعضو الجنسي للرجل في التكوين الديني الاجتماعي على رأس قائمة الأوليات في علاقة المعبود بالخالق وبالعباد( ).وبذلك يقول النص التوراتي : " وقال الله لإبراهيم وأما أنت فتحفظ عهدي،أنت ونسلك من بعدك في أجيالهم، هذا هو عهدي الذي تحفظونه بيني وبينكم وبين نسلك من بعدك، يختن منكم كل ذكر، فتختنون بلحم غزلتكم،فيكون علامة عهد بيني وبينكم،ابن ثمانية أيام يختن منكم كل ذكر في أجيالكم، يختن ختانا وليد بيتك والمبتاع بفضتك،فيكون عهدي في لحمكم عهدا أبديا،واما الذكر الأغلف الذي لا تقطع في لحم غزلته فتقطع تلك النفس من شعبها،إنه قد نكث بعهدي " ( ).
ومن اجل تلك المرحلة يتغزل النبي التوراتي سليمان، فنقرأ في نداءات وجده وصفا لفتنة عيون محبوبته"كحمامتين "،وشعرها" كقطيع معز " وشفتيها " كسلسكة من القرمز " او اللتين "تقطران شهدا"، ولسانها" تحته عسل ولبن "، وفمها ´الحلو"،وخدها " "،وعنقها " كبرج داوود"، وثدييها اللتين " كخشفتي ذبية توأمتين يرعيان بين السوسن "، وسرتها" كأس مدورة لا يعوزها شراب ممزوج "،وبطنها "صبرة حنطة مسيجة بالسوسن "،وفخذيها "دوائر مثل الحلي"، وبعد ان تهب على جنته " فتقطر اطيابها " يقول لها :" قد دخلت جنتي يا أختي العروس، فطفت مُري مع طيبي، أكلت شهدي مع عسلي،شربت خمري مع لبني، كلوا أيها الأصحاب اشربوا واسكروا أيها الأحياء"( ).وتضج الحبيبة" شولوميت" بالشبق وهي ترد على نداء النبي التوراتي سليمان فتجاريه بالأوصاف " حلقه حلاوة وكله مشتهيات، هذا حبيبي وهذا خليلي يا بنات أورشليم "،ثم تضيف :" قد خلعت ثوبي فكيف البسه، قد غسلت رجلي فكيف أوسخهما، حبيبي مد يده من الكوة فأنت عليه أحشائي "، لينتقل المشهد الى مناجاة " أ نا لحبيبي وإلي اشتياقه،تعال يا حبيبي لنخرج الى الحقل ولنبت في القرى ..لننظر هل أزهر الكرم هل نور الرمان هناك أعطيك حبي، الفاح يفوح رائحة وعند أبوابنا كل النفائس من جديدة وقديمة ذخرتها لك يا حبيبي " حتى تقول له على نهج التغزل الفرعوني " ليتك كأخ لي الراضع ثديي أمي فأجدك في الخارج واقبلك و يخزونني،وأقودك وأدخل بك بيت أمي وهي تُعلّمني فأسقيك من الخمر الممزوجة من سلاف رماني، شماله تحت رأسي ويمينه تعانقني،أحلفكن يا بنات أورشليم ألا تيقظن ولا تنبهن الحبيب حتى
يشاء " ( ).
وكنموذج للاقتداء تحث " شولوميت " بنات جنسها " في طلب المحبوب ووصاله :" في الليل على فراشي طلبت من تحبه نفسي طلبته فما وجدته، إني أقوم وأطوف في المدينة وفي الأسواق وفي الشوارع اطلب من تحبه نفسي طلبته فما وجد ته، وجدني الحرس الطائف في المدينة فقلت أر أيتم من تحبه نفسي، فما جاوزتهم إلا قليلا حتى وجدت من تحبه نفسي فأمسكته ولم أرخه حتى أدخلته بيت أمي وحجرة من حبلت بي " ( ). تتسابق اليهوديات لتحقيق الأهداف " وقال الرب من اجل ان بنات صهيون يتشامخن ويمشين ممدودات الأعناق وغامزات بعيونهن وخاطرات في مشيهن ويخشخشن بأرجلهن، يصلع السيد هامة بنات صهيون ويعري الرب عورتهن " ( ).
ولكي تحصل " نعمي " على حصة من حصاد الحنطة والشعير، تنصحها حماتها بمضاجعة "جبار بأس يدعى بوعز "، وتقول لها :" فاغتسلي وتدهني والبسي ثيابك وانزلي الى البيدر ولكن لا تعرفي عند الرجل حتى يفرغ من الأكل والشرب،ومتى اضطجع فاعلمي المكان الذي يضطجع فيه وادخلي واكشفي ناحية رجليه واضطجعي وهو يخبرك بما تعملين،فقالت لها كل ما قلت اصنع( ).
وفي تناقض في مفردات مصطلح "إسرائيل" بين كنية ليعقوب، وبين الابن البكر للرب، تتكرر صفة هذا المصطلح كمحبوبة أو قرينة او زوجة أو أم الشعب او امرأة أثيرة للرب رعاها وكساها وزينها بحلى ترمز لتقديم الطاعة في المقابل، وبإقرار للمرحلة الجنسية " زمن الحب " يخاطب يهوة عروسه إسرائيل ممثلة في " أورشليم برجاساتها " فيقول :" جعلتك ربوة كنبات الحقل فربوت وكبرت وبلغت زينة الازيان،نهد ثدياك ونبت شعرك وقد كنت عريانة وعارية، فمررت بك ورأيتك وإذا زمنك زمن الحب، فبسطت ذيلي عليك وسترت عورتك وحلفت لك ودخلت معك في عهد يقول السيد الرب فصرت لي، فحممتك بالماء وغسلت عنك دماءك ومسحتك بالزيت، والبستك مطرزة ونعلتك بالتخس وأزرتك بالكتان وكسوتك بزا، وحليتك بالحلى فوضعت اسورة بين يديك وطوقا في عنقك، ووضعت خزامة في انفك وأقراطا في أذنيك، وتاج جمال على رأسك،فتحليت بالذهب والفضة ولباسك الكتان والبز والمطرز،وأكلت السميذ والعسل والزيت وجملت جدا جدا فصلحت لمملكة، وخرج لك اسم في الأمم لجمالك لأنه كان كاملا ببهائي الذي جعلته عليك يقول السيد الرب " ( ).
وبالتساوق مع" زمن الحب "، استقر شعار "نجمة داوود" عند اليهود في ترميز جنسي معبر عن اعتلاء العضو التناسلي المذكر بالمثلث المتجه رأسه للأعلى للعضو التناسلي الأنثوي ممثلا بالمثلث المقلوب كتبة العانة اسفل بطن المرأة ( ).
وعندما تبالغ زوجة الرب "إسرائيل" في زناها " وتضاجع في الطرقات " يناشدها الرب بالرجوع إليه مخاطبا " أما أنت فقد زنيت بأصحاب كثيرين، لكن ارجعي إلى يقول الرب"، ثم يقول الرب " حقا إنه كما تخون المرأة قرينها هكذا خنتموني يا بيت إسرائيل " ( ) .وبنداء عجيب يخاطب الرب " يهوه " بني إسرائيل أن " إياكم فقط عرفت من جميع قبائل الأرض " ليكون عقابه على ذنوبهم من قبيل " هل يسير اثنان معا إن لم يتواعدا،هل يزمجر الأسد في الوعر وليس له فريسة ".وتوضيحا للعقاب يذكر الرب "لعاموس" أن " اسمعوا هذا القول الذي أنادى به عليكم مرثاة يا بيت إسرائيل، سقطت عذراء إسرائيل لاتعود تقوم " والأرجح ان السقوط هنا تعبير بأنها فقدت بكارتها لغير بعلها في سعي لكي يتوقف الزنى حفاظا على قيام اليهود واستمرارهم( ).
وهنا، كان لا بد من انقلاب فكري وسلوكي،بعد ان خرج إطلاق الزنى بالقدوة المقدسة عن السيطرة،ليكون مجرد عهر شبق مشروع، وصار مردود التوظيف الجنسي بخس الثمن،خطرا على أواصر الجماعات اليهودية، فضلا عن انتشار الأمراض التناسلية التي خصصت لها التوراة ثلاثة إصحاحات كاملة من " سفر اللاويين 13ـ 15 ". ولذلك اصبح لزاما "الحكم على الفاسقات بالحرمان والرجم بالحجارة وقطع السيف وحرق البيوت للحيلولة دون الدعارة بغير اجر"، فنقرأ في النص أبعاد هذا الانقلاب في وصف ما آلت اليه ـ أورشليم ـ بتحذير صارم:" ويل ويل لك يقول السيد الرب،انك بنيت لنفسك قبة وصنعت لنفسك مرتفعة في كل شارع، في رأس كل طريق بنيت مرتفعتك ورجست جمالك وفرجت رجليك لكل عابر وأكثرت زناك " وبعد أن يستعرض النص صور الزنى اليهودي مع المصريين، والآشوريين، والكنعانيين،والكلدانيين، نقرأ توجعا حادا :" ما امرض قلبك يقول السيد الرب إذ فعلت كل هذا فعل امرأة زانية سليطة .. ولم تكوني كزانية بل محتقرة الأجرة،أيتها الزوجة الفاسقة تأخذ أجنبيين مكان زوجها، لكل الزواني يعطون هدية، أما انت فقد أعطيت كل محبيك هداياك ورشيتهم ليأتوك من كل جانب للزنا بك،وصار فيك عكس عادة النساء في زناك إذ لم يزن وراءك بل انت تعطين أجرة ولا أجرة تعطى لك فصرت بالعكس"،ثم يحذر الرب داعيا لسماع كلامه ـ ليجمع على الزانية من حولها حسابا يكشف عنها ويحول دون عهرها ـ :" واحكم عليك أحكام الفاسقات السافكات الدم، وأجعلك دم السخط والغيرة وأسلمك ليدهم فيهدمون قبتك ويهدمون مرتفعاتك وينزعون عنك ثيابك ويأخذون أدوات زينتك ويتركونك عريانة وعارية، ويصعدون عليك جماعة ويرجمونك بالحجارة ويقطعونك بسيوفهم،ويحرقون بيوتك بالنار قدام عيون نساء كثيرة،وأكفك عن الزنى وأيضا لا تعطين أجرة بعد " ( ) .وفي تعبير آخر عن تفشي الزنى يخاطب الرب أورشليم الفاسقة بشتى النعوت ثم يقول لها :" وراء الباب والقائمة وضعت تذكارك لأنك لغيري كشفت وصعدت أوسعت مضجعك وقطعت لنفسك عهدا معهم احببت مضجعهم "( ).
ولمقاومة المرحلة الجنسوية العهروية وتغيير قبولها كان لابد من تعميم مشاعر الخطيئة:" وقد أكل الخزي تعب آبائنا منذ صبانا ،أكل غنمهم وبقرهم بنيهم وبناتهم، نضطجع في خزينا ويغطينا خجلنا لأننا الى الرب إلهنا أخطأنا نحن وآباؤنا منذ صبانا الى هذا اليوم " ( ).
وبذلك عدلت المفاهيم، فلم تعد القدوة المقدسة نافعة او مقبولة،وبدأ ميل واضح داخل الجماعات اليهودية باتجاه المبادئ الأكثر أخلاقية في تقويماتنا،لمعالجة حالات شائعة اقتضت التبديل بإلحاح،فاقتص من الزنى واشتدت عقوباته الى حد القتل، وبخاصة بين الأقرباء " وإذ ا زنى رجل مع امرأة فإذا زنى مع امرأة قريبة يقتل الزاني والزانية،واذا اضطجع رجل مع امرأة أبيه فقد كشف عورة أبيه، إنهما يقتلان كلاهما دمهما عليهما، وإذا اضطجع رجل مع كنته فإنهما يقتلان كلاهما قد فعلا فاحشة دمهما عليهما .. وإذا اتخذ رجل امرأة وأمها فذلك رذيلة بالنار يحرقونه وإياهما لكي لا يكون رذيلة بينكم " وحرم اللواط والشذوذ " إذا اضطجع رجل مع ذَكَر اضطجاع امرأة فقد فعلا كلاهما رجسا إنهما يقتلان دمهما عليهما .. وإذا جعل رجل مضجعه مع بهيمة فإنه يقتل والبهيمة تميتوها" ( ).
وبشكل رئيسي،عمدت معالجة الحالة الجنسوية العامة الى التدرج في تحويل الحرية الجنسية الى العفة، وبلغ الأمر بالأحبار ان تلمودهم جعل الأغاني التي تمتدح جمال المرأة مكروهة غير لائقة، ونهى عن التخاطب بين الرجال والنساء ـ حتى بين الزوجين ـ أمام الناس، وكأن ما جاء في "نشيد الإنشاد " مجرد ترميزات لا علاقة لها بالواقع في حينه( ). واستبدلت الإباحة الخارجية، بمبيحات داخلية متنوعة ألزمت بها الزوجة لإثارة زوجها وإرضاء رغباته الجنسية في الملبس والمأكل والسلوك، والانصراف لتلبية شهواته كيفما يشاء ومتى يشاء مهما بدت غريبة، وبمراسم تبدأ منذ الليلة الزوجية الأولى عند ما تفتح العروس مهامها تلك بالدوران حول سرير زوجها سبع مرات . وألزمت مشروطية رضاء الزوجين كي يصبح الزواج قانونيا، بعد ان كان من حق الوالد ان يزوج ابنته لمن يشاء وهي صغيرة لا تتجاوز السادسة من عمرها.كما أترعت تقاليد الخطبة والزفاف بالمراسمية والتقاليد التي استعار اليهود الكثير من صورها عن الآخرين، في تأكيد وترسيخ لأهمية هذه العلاقة التي لا يجب ان تجرى عادية دون ترميز او احتفاء.وتتالت التعاليم التوارتية والتلمودية على حد سواء في تبديل تقويم العلاقة الزوجية وأهدافها لتأسيسها على الإرادة المشتركة للزوجين، وتحد من ظواهر تعدد الزوجات والتسري، وترتقي بمنزلة الإنجاب ورعاية الأولاد وتعليمهم لتأهيلهم " لتحقيق الدور الذي رسمه لهم الرب ".
وفي حصر حاسم لتقييد الإباحة والمحافظة على نقاء الجماعة،حرم زواج اليهود من غير اليهوديات، فنجد إبراهيم التوراتي يبحث لابنه اسحق عن زوجة ويستحلف بالرب كي لا تكون زوجة ابنه من الكنعانيين، وهددت " رفقة " بالموت زوجها اسحق ان تزوج ابنها يعقوب من بنات " حث "، طالبة ان يتزوج واحدة من بنات خاله " لابان"،وقتل أبناء يعقوب زوج أختهم "شكيم " لأنه ليس منهم، واعتبروا أختهم "دينة" قد تنجست لأنه وطئها " شكيم " ابن ملك الحوريين، وتفاخرت التوراة ان "موسى" هو ابن عبراني من بني " لاوي " من فتاة أخرى من اللاويين أنفسهم، وقد غضب موسى من قومه لانهم تزوجوا نساء غريبات . وعندما احب سليمان نساء كثيرات غريبات طالبه الرب ان يتخذهن سراريا وليس زوجات( ).وخلصت التوراة الى المطالبة بالاعتراف بخطيئة الزواج بالغريبات " فاعترفوا الآن للرب إله آبائكم واعملوا مرضاته وانفصلوا عن شعوب الأرض وعن النساء الغربيات" وتقرر التوراة إنزال عقوبة القتل بالرجال الذين يتزوجوا زواجا خارجا عن الجماعة اليهودية "وانتهوا من كل الرجال الذين اتخذوا نساء غريبة " ( ).وفي مواضع توراتية أخرى بلغت "اللا اندماجية" حد منع اليهودي من الزواج من أبناء سبط يهودي آخر، لينغلق داخل الجماعة اليهودية نمطان من اليهودي يقوم على قاعدة الأسباط او القبائل فيكون أحدها تجاه الآخر غريبا من نمط "الغوييم"، ويرى الباحثون في هذه الظاهرة من التزاوج المغلق انها كانت لاعتبارات مالية تتصل بالإرث في حينه ( ) .
وبنقلة أخرى للتدرج وتحويل الانتباه في عملية الترميم الجنسي،أباح التلمود لليهودي، "ان يسلم نفسه للشهوات إذا لم يمكنه مقاومتها، ولكنه يلزم ان يفعل ذلك سرا لعدم الضرر بالديانة" ( ).
وفي الوقت الذي اعتبرت فيه الخيانة الجنسية للمرأة المتزوجة من الخطايا الكبرى لطرفي العلاقة، لم يعد مفهوم الزنى ينطبق على ممارسة الجنس الخارجي بين اليهودي وغير اليهودية،فلا يخطئ اليهودي إذا اغتصب امرأة مسيحية او مسلمة . وصنفت التفاسير التلمودية هذا النوع العنصري من العلاقة من باب " الممارسة بخطيئة الانغماس في الشهوات البهيمية، وذكر في دائرة المعارف التلمودية بان:" من يقيم علاقة جنسية مع زوجة غير اليهودي لا يتعرض لعقوبة الموت لأنه مكتوب ـ زوجة أخيك ـ لا ـ زوجة الغريب ـ في سفر حزقيال،وحتى مفهوم ـ يلتصق الرجل بامرأة ـ
لا ينطبق على غير اليهود لعدم شرعية زواج الوثنيين "، وتقع العقوبة على المرأة غير اليهودية حتى عندما يغتصبها اليهودي " إذا ضاجع اليهودي امرأة غير يهودية،سواء كانت ابنة ثلاث سنين او
امرأة بالغة،سواء كانت متزوجة أم عزباء،وحتى لو كان قاصرا لا يبلغ إلا تسع سنوات ويوم واحد ـ لأنه ضاجعها بإرادته ـ يجب قتلها كما هي الحال بالنسبة للبهيمة،لأن اليهودي يتعرض
للمشاكل بسببها " ( ).
ولعل التحجب كان متوافقا مع هذا الانقلاب كمظهر لتغير الانغماس الرجولي باتجاه العفة، واقتصرت النصوص التوراتية على الإشارة الى حجاب الرأس، فنجد عن "رفقة " زوجة "إسحاق " ما يدل على ارتدائها للبرقع عند رؤيتها للغريب، وفي " نشيد الإنشاد " تغزل سليمان "بالعينين الحمامتين للمحبوبة او بالخد كفلقة الرمان تحت النقاب " .
ومع ذلك لم يسقط الحاخامون مشروعية التوظيف الجنسي كليا من اجل أهداف معينة تخدم الديانة اليهودية او تضر خصومها وهي السمة التي ظلت تلازم تاريخ اليهودية حتى الوقت الحاضر ( ).




الهوامش
1. طيب تيزيني، من يهوه الى الله،مصدر سابق،ج3م2 ص186.
2. كنموذج للسطو التاريخي الذي قام به الحاخامون اليهود، يتوقف المؤرخون،عند سفر " اللاويين" أحد الأسفار الخمسة للعهد القديم، فيذكرون نسبته الى كهنة مصريين عرفوا بهذا الاسم ( ما زال الاسم مستخدما في مصر مثل ؛ ـ لاوي ـ او ـ عبد اللاوي ـ ) وهم من الكهنة الاتونيين " نسبة الى آتون " طلبوا النجاة من تجاوزات "كهنة آمون " الذين انقلبوا على ديانة إخناتون التوحيدية بعد وفاته ودمروا عاصمته ولاحقوا بالعذاب كل من أيد تلك الديانة وساندها من عبيد آبقين او كهنة لاويين .وهؤلاء اغتصب اليهود ذكرهم لينسبوهم الى يعقوب بوصفهم من سلالة "ليفي "،وأقاموا مما استنسخ عن الديانة المصرية قرينا للفرعون وعمدوا الى طمس كل ما يشير او يكشف عن الأصل المصري بما فيه البعد الأخروي المتعلق بالعالم الآخر وبالثواب والعقاب بعد الموت .ويشار أيضا في هذا المجال الى ان معجزة فلق البحر الأحمر " ليعبر الشعب المبارك،ولا تبتل له قدم " قد تضمنتها الرواية المصرية عن " الإلهة العظمى آست، او إيزيس " سعيا وراء تابوت حبيبها " أوزيريس" عندما فلقت المياه وهي عابرة الى جبيل " بيبلوس" .حتى بالنسبة للألقاب والمصطلحات اخذ اليهود الكثير منها عن حضارات أخرى، ومنها مثلا حولوا اسم كبير آلهة الكنعانيين من "آيل " الى " أبلوه" أي "إله الإلهة يهوه " وهي التسمية التي تكررت في اكثر أسفار العهد القديم . كما حولوا لقبه الكنعاني كذلك من " العليون " الى " الإله العلي " وذكر عن خبر أوردته جريدة نيويورك تايمس، بتاريخ 9/5/1938، ان من بين الآثار التي وجدت في كنعان عام 1931 قطع من الخزف من بقايا عصر البرونز (3000ق م ) عليها اسم إله كنعاني يسمى " ياه او
ياهو " .
3. (شفيق مقار، الجنس في التوراة وسائر العهد القديم، دار يعرب للنشر، دمشق 1998، ص 14 وما بعدها، كذلك ص75، كذلك ص 293)، كذلك، طيب تيزيني، من يهوه الى الله، مصدر سابق، ج3،م1،ص311).
4. تشير الدلائل ان التوراة الحالية كتبها الأحبار بعد النبي موسى بثمانية قرون وبعد إبراهيم الخليل بألف وثلاثمائة عام،وبدأت كتابتها عند السبي البابلي في القرن السادس قبل الميلاد (597، 586ق م ) بعد ان قضى ملك الكلدانيين " نبوخذ نصر الثاني " على مملكة يهوذا وسبي اليهود الى بابل في حملتين، وكان ذلك السبي عاملا مهما في تبدل الديانة اليهودية في القرون التي تلته. وقد دونت أهم فصول التوراة بالعبرية المعروفة "بآرامية التوراة " وهي لهجة مقتبسة من اللغة الآرامية،واستعملوا الخط المسمى " بالخط الآشوري المربع" وهو مأخوذ من الكتابة الآرامية القديمة . ومن عقدة الأسر سعى الحاخامون الى " تمجيد " التاريخ اليهودي بإرجاع نسبهم الى ابرز شخصية ذائعة في حينه وهي " إبراهيم الخليل " عليه السلام،في سياق تحريفات أخذوها عن أكداس من الرقم الطينية في شتى المواضيع واللغات والخطوط، وبخاصة المواضيع الدينية التي كانت تشغل حيزا كبيرا من تفكير ذلك الزمن .وتتألف التوراة من39سفرا بثلاثة أقسام : يتشكل الأول فيها من خمسة أسفار ( التكوين،الخروج، اللاويين، العدد، التثنية )، ويختص القسم الثاني بالأنبياء "نبييم" ويشتمل على مجموعتين (الاولى منها عن الأنبياء الأول بثمانية أسفار،والثانية عن الأنبياء المتأخرين بأربعة عشر سفرا )،ويتألف القسم الثالث من اثني عشر سفرا ( في المزامير والأمثال ونشيد الإنشاد والمراثي وغيرها ).اما التلمود فهو جزء من أحكام الديانة اليهودية وتعني التعاليم والشروحات والتفاسير بمجموعة من الشرائع التي وضعها الأحبار والحاخامون اليهود بعد السيد المسيح عليه السلام بآلاف الصفحات،على أساس أنها استنباط من التوراة او بزعم بانها سنة موسوية ألقاها النبي موسى على شعبة بعد ان أعطيت له على جبل طور سيناء،وقد بنو على التلمود سننا وآدابا أصبحت بمرور الزمن محل تقديس عند اليهود كالتوراة، ولذلك لم يرد ذكر للتلمود في الأناجيل او في الحوار بين المسيحيين والفرق اليهودية كذلك لم يرد له ذكر في القرآن الكريم او في الأحاديث النبوية الشريفة . وهناك تلمودان اولهما " التلمود الفلسطيني " ويسميه اليهود " الاورشليمي "، ويعرف الثاني " بالتلمود البابلي " . ويحرص اليهود على ان لا يطلع على التلمود غيرهم إلا من يأمنون جانبه من غير اليهود ممن يؤيد نزعاتهم خشية من ردود الفعل المسيحية ضدهم، فقد أخفوه أربعة عشر قرنا منذ ان وضعه حاخا موهم،وفي سنة 1243م أمرت الحكومة الفرنسية بإحراق التلمود لما احتوى عليه من شتائم وحقد على " ألا غيار " وضد المسيحيين والمسيحية عموما . وقد احرق مرات عدة في أوقات مختلفة
5. جاء في مقدمة الكتاب المقدس من الطبعة الكاثوليكية لعام 1960 ما نصه : " فما من عالم كاثوليكي في عصرنا يعتقد ان موسى ذاته كتب كل البانتاتيك منذ قصة الخلق الى قصة موته كما انه لا يكفي ان يقال ان موسى اشرف على وضع النص الذي دونه كتبة عديدون في غضون أربعين سنة،بل يجب القول انه يوجد ازدياد تدريجي في الشرائع الموسوية سببته مناسبات العصور التالية الاجتماعية والدينية " . وفي القرآن الكريم إشارات كثيرة عن تحريف اليهود للتوراة منها " فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا،فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون " (البقرة 79)،كذلك " افتطمعون ان يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون " (البقرة75)، كذلك " من الذين هادوا يحرفون الكلام عن مواضعه " (النساء 46والمائدة 13، 41) .
6. احمد سوسة، مفصل العرب واليهود في التاريخ، وزارة الثقافة، بغداد 1981، 329 وما بعدها ).
7. العهد القديم، سفر الخروج، الإصحاح العشرون 5.
8. العهد القديم،سفر التكوين،الإصحاح الثاني 21،22.
9. العهد القديم، سفر التكوين،الإصحاح الثالث، 12،13.
10. العهد القديم،سفر التكوين، الإصحاح الثالث، 17ـ20.
11. تشير الدلائل ا لمكتشفة ان الحضارات المشرقية القديمة قد عرفت قصة الخلق الأولى هذه، بشكل او بآخر،وهناك لوح سومري محفوظ في المتحف البريطاني يصور آدم وحواء والثمرة المحرمة، وتكررت تلك العقيدة او ما يماثلها عند الاكديين والبابليين والكنعانيين . ويرى المؤرخ " أر نولد توينبي " ان قصة آدم وحواء ونزولهما من الجنة، هي رمز للتحول الجغرافي الذي أصاب الجزيرة العربية بعد انزياح الدور الجليدي الرابع نحو الشمال فأصبحت قاحلة تدريجيا بعد ان كانت غزيرة المطر عامرة بالنبات والحيوان، كما يرى توينبي ان قصة "هابيل وقابيل " ترمز الى الصراع بين البداوة والحضارة، حيث كان هابيل راعيا وقابيل مزارعا . ولكن هذه الرؤية تصطدم بتاريخ انزياح ذلك الدور الجليدي الذي يعود الى ابعد من خمسين ألف عام قبل الميلاد في عهد إنسان الكهوف،ومع ذلك يمكن الافتراض بان قصة الخلق في آدم وحواء كانت اقرب الى مفاهيم حسية يمكن قبولها بمعايير عقول الناس وحاجاتهم .
12. سفر الخروج، الإصحاح العشرون 18.
13. العهد القديم، سفر اللاويين، الإصحاح الثاني عشر1 ـ 6 .
14. العهد القديم، سفر اللاويين، الإصحاح الثاني عشر7، 8.
15. العهد القديم، سفر اللاويين، الإصحاح الخامس عشر 19 ـ 24.
16. العهد القديم، سفر الجامعة، الإصحاح السابع، 25ـ29.
17. ديب علي حسن، المرأة اليهودية بين فضائح التوراة وقبضة الحاخامات، دار الأوائل 2000، ص99.
18. ول ديورانت، قصة الحضارة،مصدر سابق، الجزء الثالث من المجلد الرابع (14) عصر الإيمان، ص71.
19. العهد القديم، سفر إرميا، الإصحاح الثالث، 8.
20. العهد القديم، سفر ملاخي، الإصحاح الثاني، 16.
21. العهد القديم، سفر التثنية، الإصحاح الثاني والعشرون 18،19.
22. عادل العوا، تحديث الأسرة والزواج، مصدر سابق ص149.
23. العهد القديم،ـ سفر الملوك الأول، الإصحاح الحادي عشر 2.
24. العهد القديم، سفر التثنية، الإصحاح الحادي والعشرون 10ـ 13 .
25. يذكر ول ديورانت هذه السنة، ويشير عنها " ان أغنياء اليهود جروا عليها في البلاد الإسلامية،ولكنها كانت نادرة بينهم في البلاد المسيحية "، ويعتبر ان قرار " جرشم بن يهوذا " حاخام مينز عام 1000 ميلادية بحرمان كل يهودي يتزوج اكثر من واحدة، قد أدى او كاد ان يؤدي الى انقراض تعدد الزوجات بين اليهود في جميع أنحاء ء أوربا ما عدا أسبانيا، على ان حالات من هذا التعدد ظلت تحدث بين الحين والحين،إذا ظلت الزوجة عقيما بعد عشر سنين من زواجها وسمحت هي للرجل ان يتخذ له محظية او زوجة ثانية " .
26. ( ول ديورانت، قصة الحضارة،مصدر سابق، ج3 م 4 ص 70).
27. العهد القديم، سفر التثنية، الإصحاح الحادي والعشرون 15ـ 16.
28. جبارة البرغوثي، المرأة في الكتب السماوية، دمشق بدون تاريخ، ص142.
29. العهد القديم، سفر التكوين،الإصحاح الثاني 25، والإصحاح الثالث 8 ـ 11.
30. العهد القديم، سفر أستير،عدة إصحاحات .
31. العهد القديم، سفر التكوين،الإصحاح الثاني عشر، 11 ـ 16، 20.
32. العهد القديم، سفر التكوين، الإصحاح العشرون، 1 ـ3، 7، 14.
33. العهد القديم، سفر التكوين،الإصحاح السادس والعشرون، 11.
34. العهد القديم،سفر التكوين، الإصحاح التاسع عشر 20ـ 28.
35. العهد القديم، سفر صموئيل الثاني، الإصحاح الحادي عشر، 2 ـ 7، 14 ـ 15.
36. العهد القديم،سفر التكوين، الإصحاح التاسع والعشرون،والثلاثون .
37. العهد القديم، سفر التكوين، نفسه،الإصحاح الرابع والثلاثون 15 ـ17.
38. العهد القديم،نفسه، الإصحاح الثامن والثلاثون،15ـ 16.
39. العهد القديم،سفر القضاة،الإصحاح الحادي عشر،1،11.
40. العهد القديم،سفر القضاة، الإصحاح الرابع عشر 20.
41. ( استولى اليهود على فكرة شمشون الذي جعل لديهم تجسيدا ليهوه، من الكنعانيين وبطلهم ـ بعل ملكارت).
42. يرى شفيق مقار، بان ظاهرة الختان تفتح دروب ومسارب عديدة تفضي جميعها الى فرض لحوح يظل يطرح نفسه بقوة،ومفاده انه عندما استعيرت عادة الختان من المصريين القدماء، كما استعير الكثير الذي لا يحصى، وأدمجت إدماجا سحريا في صلب العبادة التي أنشأت حول المعبود القضيبي " يهوه" الذي كان رمزه الأصلي نبات " الفطر المقدس ـ الأمانيتا موسكاريا ـ )،وكان العرب المديانيون الذين عاشوا على أطراف سيناء أول من عبده،علامة عن قضيب مختتن منتصب استعاروه من المؤابيين الذي قدسوه بالشكل نفسه.وكان ذلك السطو على عادة الختان المصرية بمثابة توفيق مجدود وضع في خدمة العبادة اليهودية، كأداة ثقافية فعالة للتعنصر،لتدل على شعب" الله المختار" جعلت بالوسع ترسيخ وهم الخصوصية الحصرية في جذور تلك العبادة، ومكنت الكهنة الذين ورثوا السلطة ووضعوا الكتاب بادعاء الإيحاء من المعبود، من إعطاء تلك الجماعات المشتتة هوية تساعد على تميزهم وبقائهم وتوحيدهم كجنس .
43. ( شفيق مقار، الجنس في التوراة، مصدر سابق،ص19، 275).
44. العهد القديم، سفر التكوين، الإصحاح السابع عشر، 9 ـ 14.
45. العهد القديم، سفر نشيد الإنشاد، الإصحاح الرابع والخامس .
46. العهد القديم، سفر نشيد الإنشاد،نفسه، الإصحاح الخامس 2 ـ4، والسابع 10ـ 12. والثامن 1 ـ 4.
47. العهد القديم، سفر نشيد الإنشاد،نفسه، الإصحاح الثالث 1 ـ4.
48. العهد القديم، سفر اشعيا، الإصحاح الثالث 16 ـ17.
49. العهد القديم، سفر راعوث، الاصحاح الثالث 1ـ 5.
50. العهد القديم، سفر حزيقيال،الإصحاح السادس عشر، 7 ـ14.
51. عرف هذا الرمز الجنسي او ما يماثله قبل اليهود بزمن طويل، ويشار في هذا المجال الى ان إعلاء القضيب على فرج الإلهة، بدأ في سومر منذ تحول عصر الأمومة الى عصر الأبوة ومنذ غلبة الإلهة على الإلهات، وعرفه أيضا المصريون عن شجرة الحياة في عقيدة معات، ونحتت رؤوس المسلات المصرية القائمة بهذا الشكل لغايات متماثلة، كذلك رسمه اليونانيون على شكل حرف الاوميجا (  )، ويرمز المثلث القائم ( ) الوجه المذكر لتبة الخلق الأولى، في حين يمثل المثلث المقلوب ( ) الوجه المؤنث لتبة الخلق الأولى أي تبة العانة بأسفل بطن الأنثى تعيبرا عن رحم الإلاهة .
52. العهد القديم، سفر إرميا، الإصحاح الثالث، 1، 20.
53. العهد القديم، سفر عاموس، على التوالي، الإصحاح الثالث 2، والإصحاح الخامس 1ـ 2.
54. العهد القديم، سفر حزقيال، الإصحاح السادس عشر، 23ـ 25، 30 ـ 34، 38، 41.
55. العهد القديم،سفر إشعيا، الإصحاح السابع والخمسون 7 ـ 8.
56. العهد القديم، سفر إرميا، الإصحاح الثالث، 24.
57. العهد القديم، سفر اللاويين، الإصحاح العشرون، 10 ـ 17.
58. ول ديورانت، قصة الحضارة، مصدر سابق، ج3م4 ص71.
59. العهد القديم، أسفار وإصحاحات متفرقة ( التكوين 24، التكوين 27/28/34،الخروج2،نخميا 13).