رجل السلطة بين معضلات التنمية واحتجاج النساء بأعالي زيز



لحسن ايت الفقيه
2008 / 11 / 14

بات من المعتاد منذ اقل من سنة، خروج نساء الضفة اليمنى لواد زيز، بجماعة امزيزل القروية غرب مركز الريش ، شمال إقليم الرشيدية، للاحتجاج على العزلة والتهميش. ولخروجهن مناسبة طالما تصادف الفترة التي تعقب فيضان الواد. و احتجاج النساء القرويات بأعالي زيز، مشروع و مطالبهن مؤسسة. و بمعنى آخر، لا جناح على من يحتج على العزلة وتخلف التنمية و ما ينتج عنها من ضرر كتوقف الدراسة بعض الوقت، بأدنى عائق طبيعي، و تعذر التردد على المستوصف، وتعثر تسويق الماشية و المنتوج الزراعي . لا جناح على نساء جماعة امزيزل إن طالبن ببناء جسر للعبور على الواد قرب القرية الزراعية ولال، و إصلاح الطريق الفلاحية الممتدة على طول الضفة اليسرى لواد زيز. فالمطالب وجيهة لو وجهت فقط للمجلس الجماعي لجماعة امزيزل القروية، و المجلس الإقليمي ,أو السلطة الإدارية الإقليمية, والجمعيات التنموية والمنظمات غير الحكومية في أحسن الأحوال. و للأسف، لا تزال السلطة الإدارية المحلية على ضلالها القديم. ففي كل المعارك الاحتجاجية تتدخل الإدارة لتفرغ مطالب السكان من محتواها. أذكر أنه في مساء يوم الخميس 23 أكتوبر2008 نزل رجلان محترمان ولال، يزعمان بالحق أنهما يمثلان السلطة الإدارية المحلية. كلاهما متفق على تحقيق الهدف الأمني لا التنموي. جاءا من مركز الريش ليسكتا صوت نسائي يطالب برفع العزلة على الضفة اليمنى لواد زيز. و للبرهنة على تحديهما للطبيعة ،أو على الأقل، ينويان إقناع المحتجات بأن الواد ليس عائقا يعيق المرور، خلعا النعل وعبرا واد زيز الذي عمقه يومها75 سنتيمترا. و للإشارة فقط، فإن سكان ولال يعبرون واد زيز في حالات مخلة بالحياء، طيلة أيام الفيضان. وعلى سبيل التنكيت سأل مدير مؤسسة تعليمية مدرسا يمارس مهمته بالضفة اليسرى لواد زيز عن عمق الواد، فأجابه على استحياء قائلا:(يبلغ مستوى الماء المخرجين يا أستاذ!).و يعنينا أن الرجلين تمكنا من تنظيم حلقية للجدل بأرض ولال بين المحتجات ومن انتدبته السلطة الإدارية الإقليمية لإسكات هذا الصوت. و لا نعلم من استحوذ على الكلام . ويظهر أن المقام يفرض تشريف الرجل العالي في التراتبية بالمقال. ابتدأوا في الكلام و شرعوا في معضلات المطالب التنموية. سألهن رجل الإدارة المحترم مسائل، فأجبناه عن جميعهن بأحسن جواب. قالت إحداهن:(نطالب ببناء جسر على واد زيز). وقالت الثانية:( نعاني من صعوبة تسويق محصولنا) .و علقت الثالثة(أحلم في النوم واليقظة بانخراطي في تعاونية الحليب، لكن فيضان واد زيز تضرب أحلامي عرض الحائط). هذه الأجوبة وغيرها لم ترض المسؤول المفاوض، لذلك لم ير عليه آثار اللطف. عبس الرجل و اطرق على الأرض بعض الوقت، قبل أن تتدخل سيدة قاسمة و في أوج الشباب، سبق لها أن شاركت في المقابلة الجماعية التي نظمتها إحدى الجمعيات التنموية لفائدة النساء، واستفادت من الخوض في التفاصيل الصغيرة ، الهذر المدرسي، التعثر الدراسي، ضعف المردودية،ضعف الخدمات الصحية،.. سألت المسؤول حاجة فقالت:( أريد من كرم السيد القائد أن يرفع عنا محنة التوقف عن الدراسة بفعل الفيضان). رأى القائد أن حاجة السيدة أقرب إلى الخلاص. ذلك أن كل مسائل المحتجات تنموية والتنمية كل لا يتجزأ والسلطة الإدارية غير مختصة. أجاب رجل السلطة المفاوض:(سأجبر الأساتذة على الإقامة بقرية ولال.و آنذاك لن تتوقف الدراسة). من الطبيعي أن يقتطف المسؤول عن تطبيق المقاربة الأمنية لا التنموية، ما له علاقة باختصاصه بما هو مكلف بقيادة أيت يزدك. راسل عمالة الإقليم فورا وقامت هذه الأخيرة بمراسلة النيابة فورا. و قامت النيابة بإرسال دورية للتفتيش فورا، فزودتها بأحسن سيارة من نوع 4×4، فوجدت الدورية الوضع عاديا، لكن السيارة وصلت المكان بصعوبة وتعثرت في الأوحال.و قد يكون من المفيد لو حضر رجال السلطة أثناء الفيضان، ليدركوا هول الفاجعة. نقول أثناء انهيار أكثر من ثمانية منازل بكل من القرى ، تيغجدت، أيت موسى وعلي،أيت بني يحيى، و أثناء توقف الدراسة بفعل الإعصار و أثناء الحصار الذي دام أكثر من ثلاثة أسابيع.
كلنا يود أن يكون رجل السلطة صديق المدرسة، يحافظ على فضائها المهدد بالهجوم،ويساهم في تشجيع التمدرس، ويشارك في التسجيلات الجديدة.لكن ذلك لم يحن وقته و لا يمكن تصور ذلك في تراب هذه القيادة.
ختاما نقول، إن دائرة الريش الإدارية التي تشكل قيادة أيت يزدك قاعدة إستراتيجية لها، مؤسسة ذات مذهب لا يؤثر فيه قائد قادم من مراكش أو تزارين أو تارودانت أو كتامة أو دكالة. لقد وضع نهجها القائد عدي وبيهي سنة 1930 و أراد منها مؤسسة عرفية تعتمد القيم الامازيغية مرجعا لها. و في بداية استقلال المغرب اعتمدت القيادة مقاربة أمنية وطورت أداءها بعيد بناء معتقل تزممارت، و أحداث السونتات و أملاكو ، في بداية مارس 1973. و من بداية الثمانينات من القرن الماضي و إلى عهد قائد يلقبه سكان الريش ب(علي أو زايد)، استقبلت القيادة قوادا(جمع قائد)، يبالغون في ضرب القيم. فمنهم من يقضي نهاره بالمقهى و لا يتردد على مكتبه إلا نادرا. و منهم من يقضي ليلته بالشارع محرجا رجال الأمن بالريش الذين يحاربون التسكع في أوقات متأخرة من الليل. و منهم للأسف الشديد من يحول مكتبه إلى صالون الحلاقة. نقف عند هذا الحد دون النبش في ملفات أخرى.