نساؤنا في الأعالي



زهير دعيم
2008 / 11 / 15

في التقرير السنوي الأخير، و الذي نشره الفوروم الاقتصادي العالمي بالتعاون مع جامعتي هارفارد وبركلي بخصوص المساواة بين الجنسين ، ظهرنا بصورة قاتمة سوداء ، فقد تذيّلنا نحن العرب والشرقيين والعالم الثالث القائمة وبجدارة !!!فعلى سبيل المثال حازت اليمن على المرتبة ال 130 والأخيرة ، والسّعودية على المركز ال 128ومصر على المركز ال124، أما تشاد فجاءت في المكان ال129 ، والباكستان في المكان ال127 وحتى تركيا العلمانية فقد فازت بالمرتبة ال123 .
ومن المُلفت للنظر أنَّ إسرائيل جاءت في المكان ال56 ، وهو مكان متأخر بالنسبة للدول المُتقدّمة ، في حين كانت قبل سنتين في المكان ال35 ، وفي السنة الماضية في المكان ال36 .
ولم أفاجأ بالأوائل ، أهل الحضارة والعزّ والتقدّم والعمران فعلا ، واقصد دول اسكندينافيا : النرويج ، فنلندا ، السويد وأيسلندا .
وقلت ضاحكًا : ...الله ..الله ..مرحى لليمن ، مرحى للسعودية ومصر فقد حصلنا على المراتب العالية ، خاصة اختنا اليمن فقد بزّت الكلّ ، فلترفع المرأة العربية رأسها عاليًا ....ولِمَ لا وهي لا تملك شيئًا من الحقوق ، انها لا شيء ، صفر ، تستجدي الحياة والهواء والحريّة ...أليس الوأد أفضل لها ؟؟!!.
بربكم قولوا لي ماذا يفعل الرئيس اليمني حيال هذا الانجاز الرائع؟
وماذا سيقول للمرأة اليمنية ، هذا ان كانت تسمع ؟ وكيف يُفسِّر لها بأنها لا شيء .
ونروح نُصفّق له ، ونُصوّت له بجموعنا وارتالنا ونصرخ : بالروح ..بالدم ..ونضيف عافاك ، مُبارك أنت وأخوك صاحب السّيادة وأصحاب الجلالة والسّموّ ، فقد دُست ببسطار التخلّف حقوق 50% من شعبك ، دستها بلا رحمة وبعنفوان هولاكو وشمم جنكيز خان .
ألا يرى معي هؤلاء الزعماء والقادة أنّ هذا التخلُّف ، وهذا التقهقر سببه هضم حقوق المرأة وجعلها أمة وخادمة في بيوتنا ، لا حقَّ لها بشيء .
ألا يعرف هؤلاء القادة أنّ الطائر لا يطير إلا بجناحيه ، وأنّ الفقر والجهل سيبقيان مُخيّمان فوقنا ، ما دمنا لا نُعلّم المرأة ولا نُقدّرها ولا نفتخر بها ، بل نسجنها في سجون عقولنا البائدة والجاهلية .
ألا يرى القادة العرب ما تفعل المرأة هناك في الغرب ، ألم يروا العالمات والمُحلِّقات إلى القمر والكواكب ؟ ألا يروهن في المختبرات العلمية يفقن الرجال ؟
ماذا أصاب القوم ؟
إلى متى سنبقى نعتبر المرأة عورة وفتنة ونصف عقر ودين ؟! الى متى ستبقى هذه المخلوقة الجميلة ، الشاعريّة ، الهامسة ، مُتنفّسُا لنا نحن معشر الرّجال ، وحقلا خصبا لإشباع شهواتنا ورغباتنا ، لنملأ الأرض ونزرعها بالأطفال الحُفاة والعراة والمُتسكعين ؟!
أضحك وابكي ، هل في زماني سيحدث التغيير ، هل بعد مائة سنة سنقول للنرويج : كان زمان!!! أم أنني أحلم ..
وأغلب الظنّ أنني كذالك ، احلم بل أعيش في كابوس .
أين اذا المرأة اليمنيّة ؟ أين المصرية لتنتفض ضد الظُّلم والإجحاف ، اني أراها وأقرأها هذه المصرية في المهجر تملأ العين والسّمع والوجدان، وتتبوأ أعلى المراتب ..اذن القضيّة ليست في المرأة بل في المجتمع والبيئة والقبر الجماعي وخنق الحرّيات .
ولا يقلّ استغرابي من نتائج هذا التقرير فيما يختصّ بإسرائيل ، من تقهقر في مكانة المرأة ومساواتها بالرجل ، فهي في تدهور وانحدار مستمرّين ، فلن استغرب من أن نستفيق يوما فنشعر ونعي وندرك اننا هنا في الشّرق ، وما هذه الحضارة وهذا الرُّقيّ الذي نتشدق به الا فقاعة صابون وسراب ، فنحن لسنا اسكندينافيا ولسنا الولايات المتحدة ولا أوروبا ولا حتّى قبرص !
سنبقى هكذا في الشّرق العربي والعالم الإسلامي ، سنبقى نتفوّق ونحتل المراتب العليا والمراكز السامقة في دنيا الأرقام الكبيرة ..سنحتل دومًا قمة اللائحة من أسفل حتى تقوم القيامة ، ما لم نُغيّر تفكيرنا ، ونُغيّر نفوسنا وعقولنا ومنهاج تعليمنا.