المراة العراقية بين الموروث القبلي و نار المجتمع



وصفي السامرائي
2008 / 11 / 20

لطالما شهد العراق صراعا مريرا بين القيم الحضرية و البدوية. فالعراق يقع الى جانب احد اكبر منابع البداوة , شبه الجزيرة العربية, لعدموجود حواجز طبيعية بينهما , كان من الطبيعي ان تحدث هجرات متعاقبة على مرور العصور التاريخية للقبائل البدوية من الصحراء الى ارض الرافدين بحثا عن الماء والكلا خصوصا عندما تضعف الدولة.
من الطبيعي ان تنقل هذه القبلئل قيمها وعاداتها الى المناطق التي تهاجر اليها ومنها نظرتها الى المراةبانها وعاء الولد , حسب راي الدكتور علي الوردي, ولابد من الحفاظ على نقاء هذا الوعاء مما يدفع البدوي الى قتل المراة ولو على الشبهة من دون وازع داخلي او مجتمعي.
و قد استخدمت النصوص المقدسة للمسلمين بشكل جائر لمصادرة حريات النساء, فمثلا الايات الموجه الى نساء النبي حصرا ك (و قرن في بيوتكن.....)1 قد عممت على سائر النساء لاسباب اجتماعية بحتة وما يؤكد هذا الراي ان النساء بقين يخرجن بحرية حتى زمن الخلبفة الثاني عمر و الدليل الحادثة المشهورة عندما حاول عمر تحديد المهور قامت امراة وعارضته حتى تراجع عن موقفه.
اما فيما يتعلق بجرائم غسل العار , فهي مخالفة بشكل صريح للشريعة الاشلامية التي تساوي بين الرجل و المراة من ناحية العقوبة , ولا يتم تنفيذ العقوبة الا من قبل اجهزة الدولة , مع اشتراط اربعة شهود . بينما اوجب الشارع شاهدين لجرائم اكبر مثل جريمة القتل.
ومن ناحية الحجاب فلم يرد نص يوجب تغطية الوجهبالنسبة للمراة وشاهدنا على ما نقول الاية (........و ليضربن بخمرهن على جيوبهن ....)2 و يبقى الحجاب مسائلة شخصية بحتة.
اما القوامة , اي قوامة الرجل على المراة, فانها مشروطة بالانفاق ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم غلى بعض و بما انفقوا من اموالهم) فاذا انتفى شرط الانفاق انتفت القوامة.
وعن الاحوال الشخصية كعقد الزواج , فقد افتى ابو حنيفة و منذ قرون عديدة ان عقد الزواج عقد كسائر العقود يتم بالقبول والايجاب مع وجود شاهدين مستندا الى الاية ( و اذا طلقتم النساء فبلغن اجلهن فلا تعضلوهن ان ينكحن ازواجهن ..... )4 , وقد ذهب الى ابعد من ذلك حيث اشترط البلوغ لاتمام العقد. اما تعدد الزوجات فقد كان تقنينا من قبل الاسلام حيث كان الرجل يحق له ان يتزوج ما شاء له من النساء , وهذا العدد راجع الى طبيعة الضروف السائدة حينها لاحتياج البدوي الى الاولاد للرعي و للقتال ( ......فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاثا ورباع و ان خفتم الا تعدلوا فواحدة ) والعدل بين النساء من الامور الغاية في الصعوبة .
وحول سفر المراة الا مع محرم فقد كان له اسبابه كون الضروف الامنية التي كانت سائدة غير مستقرة و يخاف على النساء من الخطف و البيع في سوق النخاسة. وبعد ان استقرت الاوضاع الامنية افتى الفقهاء الى جواز سفر النساء مجتمعات ولو الى اماكن مهما كانت بعيدة. الا ان رجال الدين في ايامنا هذه لا يجيزون ذلك بسبب قصر نظرهم.
لقد تغييرت الضروف في عصرنا هذا فقد خرجت المراة الى سوح العمل من عقود طويلة و دخلت المدارس الحديثة لتحصل على اعلى الشهادات التي تؤهلها لتسلم اعلى المناصب العلمية. وقد دلت الابحاث الحديثة ان النساء لا يقل عقلهن عن الرجال , وليس هناك شيء في تركيبها الفسيولوجي ما يجعلها كائن من الدرجة الثانية.
1-الاية 32 من سورة النور
2-الاية 31 من سورة النور
3- الاية 32 من سورة النساء
الاية 232 من سورة البقرة