المرأة مصدرُ الالهام



زهير دعيم
2008 / 11 / 23

هناك من ينادي ليل نهار ، وأحيانًا يُطبِّق ما ينادي به، اذا كان صاحب سلطان واستطاع إلى ذلك سبيلا، ينادي بالفصل بين الذكور والإناث ومنذ الصّغر ، بل وهم بعد زُغُب الحواصل ، مُعتقدًا أنه بذالك يخدم الله والمواطن والمجتمع والأفراد ، مُؤمنًا أنّ اجتماع "النقيضيْن "-وهما ليسا نقيضين وإنما يُكمّلان بعضهما البعض – انه محال وخطر كما اجتماع النّار والكبريت ، فان هذا اللا فصل في نظره الطامة الكبرى.
إنّ الفصْل بين الإناث والذكور في المدرسة وفي كلّ المراحل التعليميّة ، هو جريمة لا تُغتفَر ، وكذلك الأمر في بركة السّباحة وعلى شاطئ البحر والمُتنزهات وفي كل النواحي والمناحي الاجتماعيّة والحياتية الطبيعية ...وأقول الطبيعيّة لانّ من الطبيعيّ والطبيعيّ جدا أن يلتقي الطفل والطفلة والشّابّ والشّابّة ويتعرّفا على بعضهما البعض ويتهامسا ويتصادقا في نطاق الذوق والخُلق الحَسَن، ومن غير الطبيعيّ ألا يلتقيا ، فغير الطبيعي هو السّجن والمستشفى !!
لا أريد أن يُشتمّ من حديثي وكأني أدعو إلى الحُريّة المُطلقة العبثيّة، والى الإباحية ، فأنا أعشق الفضيلة والاحتشام ، ولكن في حدود المعقول والظرف والزمن المُتحوّل ، وفي حدود مصلحة الأبناء ، فليس من المعقول أن نجعل أبناءنا يتحرّقون ويأكلون قلوبهم نتيجة الكبت والوحدة والجفاء والحجر الصحّي غير الضروريّ ، وفي كل مراحل العمر الى أن يصلوا إلى الجامعة ، وهناك فجأة تذوب الحواجز وتُمحى الفروق !!.
واذا لم يصل ابننا الى الجامعة فإذا به يتزوّج من يجهلها ويجهل تكوينها ومشاعرها وخواصها ، فيروح يقضي الشهور تلو الشهور في الاستكشاف والبحث والمداورة والمحاورة ، حتى يصل إلى رأس الخيط !!!!
إنَّ الحياة الطبيعيّة فعلا هي رنّة ضحكة بريئة من فم أنثويّ بعد فكاهة بريئة ألقاها من على مسامعها شابّ عاشق غيور .
انظروا الى الطيور في السّماء فهي تعيش حرّةً ، طبيعيّة ، لا حواجز ولا حدود وتكاد لا تُفرّق بين الذكر والأنثى.
ان مصيبتنا في الشّرق ، هي النظرة الخاطئة الى المرأة وكأنها هي هي عنوان الشرّ وملعقة الشيطان وأصل كلّ الآثام والبلايا ، رغم أن شاعرنا الكبير نزار قبّاني حذّرنا من الانجراف وراء من يقول : انّ رُكبة المرأة عوْرة ، وكاحلها عورة ، وكلّها عورات وللناس أعين .
يجب ان نُغيّر نظرتنا الى المرأة ، فهي الأخت والحبيبة والزوجة والابنة وألام، وهي مثال الرِّقة والجَمال والإحساس والذوق ، وهي الإلهام الذي يستدرّ الشِّعْرَ والموسيقى وكلّ الفنون الجميلة.
علينا - نحن الرجال - ان نكون مع هذه المخلوقة الشاعرية كما عبّاد الشّمس ندور حولها كيفما تدور !!!
ان الشّبّان الذين يعيشون في مجتمع لا يُفرّق ولا يفصل بين الذكر والأنثى يكبرون على الفهم و"الشّبَع " والتفهّم والوعي ، أما أولئك الذين حُرموا فتراهم يتحرّقون ، والإنسان عدوٌ لما يجهل ، والجهل جريمة نكراء .
آن لنا أن نضع حدّا لهذه المهزلة في دولنا العربية ، مهزلة الفصل بين الجنسين ، والنظر الى المرأة –والتي خلقها الله من ضلع الرجل القريب من قلبه – النظر اليها من فوق ..دعوهم ، دعوا الشباب يقرّر حياته ونكون لهم نحن الكبار مُرشدين فقط ، دعوهم يبنيان معًا عُشًَّ الزوجية بالتفاهم ، حتى يبقى العشّ سامقًا وحصنًا حصينًا لا تًؤثّر فيه وعليه لا الحياة ولا الزوابع.
دعونا نعطي للمجتمع أن يُصفِّق بيديه الاثنتين ..ودعونا نحذف من قاموس الألفية الثالثة مصطلح "نجاسة المرأة " و " عورة المرأة " وعندها فقط قد نطير ونُحلّق مع مواكب الأيام إلى حيث الهدوء والطمأنينة والسّعادة والحضارة .