خطة الحاج ابو القعقاع للقضاء على مشكلة العنوسة



ابراهيم علاء الدين
2008 / 12 / 11

الحاج عطية ابو القعقاع مواطن فلسطيني يقيم في مدينة نابلس، يعمل موظفا باحدى المؤسسات الحكومية "مؤسسات سلطة دايتون" على حد تعبيره، وهو رجل مستقيم ملتزم دينيا "لا يقطع فرض" وقد حج الى بيت الله "بالواسطة" قبل اربع سنوات ، عنده من الاطفال ستة، ثلاثة صبيان وثلاث بنات، الكبرى منهن في السنة الاولى جامعة.
تزوج الحاج ابو القعقاع من ابنة عمه السيدة أروى .. في اواخر ايام الانتفاضة الاولى .. فور تخرجها من جامعة بيرزيت، وحرمها الزواج من تحقيق طموحها باكمال تعليمها بالرغم من تفوقها وحصولها على اعلى الدرجات خلال دراستها الجامعية، فبسرعة تحرك الجنين في رحمها، وبلمح البصر اصبحت اما، وفي كل عام تصبح اما لمولود جديد، مما القى بحلمها باكمال دراستها على الرف كما تقول وتضحك.

ابو القعقاع اقنع زوجته الجميلة بلباس الخمار.. حتى لا تفتن الناظرين، وحتى تكون رفيقته في الجنة، وفي ليلة كان مزاجه يسمح له بتجاوز المحرمات في تعامله مع النساء قال " بصراحة يا أم القعقاع لازم تكون ملابسنا وكلامنا و اشكالنا وسلوكنا مختلف عن اولئك الفاجرين والفاجرات من اتباع السلطة". ومنظمات اليسار الكافر.
ام القعقاع "أروى" تعيش راضية مرضية، الحاج عطية "مكفيها وموفيها" هذا ما تقوله لجاراتها وتفخر بان الحاج يصلي المغرب في البيت ولا يذهب للمقهى . ويعود الى البيت فورا بعد ان يصلي العشاء في المسجد المجاور ، و لا يوجد تلفزيون في البيت باعتباره حراما يجلب المفسدة ويدمر الاخلاق. ولا يحب القراءة ولا يعتني بقراءة الصحف لان اخبارها كاذبة ، فهو يعرف ما يجري من احداث عبر مصادره الخاصة. "يعني باختصار الحاج متفضيلك ما عنده شغله ولا عمله غيرك " قالت جارتها ام عمر.

وكثيرا ما كانت أروى تثير حسد وغيرة بعض جاراتها خصوصا "ابتسام التي اعتقل زوجها منذ سنتين وما زال معتقلا، وأم باسل التي يعمل زوجها في جهاز الأمن الوطني في موقع خارج نابلس، وأم فتحي التي ياتي زوجها الى البيت قبل منتصف الليل بقليل منهكا ما ان يتناول عشائه الا ويذهب في نوم عميق.
سلوى "أم عمر" هي الصديقة الاقرب لأروى فبينهما "طرف قرابة" ومن نفس الجيل، وتزاملن اثناء الدراسة بنفس الجامعة، فكانت تبثها همومها من وقت لاخر، في احد الايام لاحظت سلوى ان صديقتها متوترة الى حد ما، لكنها على غير عادتها لاتفصح عما بها ، بالرغم من محاولة الاستفسار عن سبب توترها. الى ان فوجئت بها بعد ايام تقول "اود ان اصارحك بسر بشرط ان تعديني ان يبقي بيني وبينك".
قالت سلوى : انت تعرفي انني لم اكشف لك سرا في حياتي حتى ولو كان من ايام شقاوتك في الجامعة.
اروى : طيب اسمعيني كويس ابو القعقاع يريد الزواج بثانية.
سلوى : "عزا .. شو بتقولي يا مجنونة .. يتزوج بثانية؟ ".
اروى : نعم .. ولما اعترضت قال "وشو فيها ما هو الدين سمح باربعة ، بعدين بصراحة يجب على الرجال ان يتزوجوا باكثر من واحدة حتى يقضوا على العنوسة المتزايدة في المجتمع الفلسطيني .. لان العنوسة تتسبب بالفساد الاخلاقي وانتشار الدعارة، بعدين شو يعني راح يصير، خلي تيجي واحدة تساعدك في البيت".

ابو القعقاع عاد من المسجد بعد صلاة العشاء .. وجد ام القعقاع مضطربة نوعا ما فاستفسر عما بها قالت "لقد ابلغت ام عمر عن موضوع الزواج"، فانتقض ابو القعقاع ولم يبق الا ان يستل سيفه ويهوي به على رقبة ام القعقاع وقال "كيف تكشفي سرك يا "غبية" الا تعرفي ان في تصرفك هذا خيانة زوجية .. فكيف تفشي سر بيتك للاغراب، اين ستذهبي من غضب الله ، الم تسمعي الرسول قال كذا وكذا .. وأوصى بكذا وكذا .. ثم انا اوصيتك عدة مرات ان تقطعي علاقتك بهذه "الحرمة" لانها وزوجها خدامين عند سلطة دايتون وخدمة الاحتلال، هل تعلمي لو ذهبت للمحكمة استطيع ان اطلقك فورا، لان ما قمت به هو خيانة وبوح لاسرار زوجك. وكان عليك ان تحفظي السر، وان يفاجأ الجميع بالموضوع".

ثم جلس الحاج عطية هادئا واخذ يسبح ويستغفر الله ثم قال فجأة .. "الله يسامحك يا أم القعقاع .. يا بنت الحلال انتي تشاركيني القيام بعمل انساني كبير، تخيلي راح تيجي البنت ميسون بنت ابو صالح تخدمك وتحطك بعينيها ، بعدين يا حرام صار عمرها 24 سنة ولا احد تقدم لها حتى الان، بالرغم من انها حلوة ودمها خفيف" ..
اروى ماذا قلت ماذا قلت ..؟؟
قلت انها يعني لطيفة وبنت ناس .. ودمها خفيف يعني راح تحبيها .. وخفض الحاج من صوته وهو يقول .. بعدين يا بنت بيني وبينك وما راح تكلفنا شيء انا حكيت مع ابوها واتفقت معاه " وهي بنت جيراننا والله امرنا بالستر على "ولايانا"، فما في داعي للضجة والضجيج خلي الامور مستورة، لما نخلص كل شيء الجميع سيعرف.

اروى لم تعرف للنوم طعما .. ولم يطبق لها جفن على جفن "كيف يقول انها حلوة وخفيفة دم .. بعدين شو ما حدن تقدم لها وعمرها صار 24 سنة ..؟ ما اغلب البنات بعمرها غير متزوجات.. شيء بيحير يا أروى .. والله انا خايفه اجيب لحالي مصيبه؟."

مر الوقت ثقيلا بطيئا .. وفقدت اعصابها عدة مرات اثناء اعطاء الدروس للتلميذات في المدرسة.. ولم تصدق ان الدوام انتهى .. وغادرت المدرسة على الفور، وبسرعة غيرت ملابسها؟، وذهبت الى بيت جارتها سلوى تبثها همها.
"يا سلوى هاد ابو القعقاع كأنه تجنن .. بيقول عن ميسون بنت ابو صالح انها حلوة وخفيفة دم".
"ليه هو راح بتجوز ميسون ؟."
نعم
"طيب .. والا شو بدك يقول عنها .. ؟؟."
يعني اذن هو بدو يتجوزها لانه بيحبها . وليس كما يقول لكسب ثواب فيها ، وابعاد شبح العنوسة عنها؟"
"يا مجنونة .. هو كل شيء يقوله تصدقيه.. ضحك عليكي وألبسك الخمار وصدقتيه .. طيب ها أنا احلى منك ، وهاي شعري على كتفي مين بيقدر يقرب مني ، والان جاي يضحك عليكي ويقولك انه عايز يحل مشكلة العنوسة في البلد ..؟ شو عاملك مضحكة .. قولي له استحي يا شايب عيب عليك وحرام، انت عندك ست اكوام لحم" ..
"بعدين تعالي لاقولك اذا عايز يحارب العنوسة خليه يتبرع بتزويج شاب ينوبه ثواب ليوم الثواب، والله حرام عليكي تكوني جامعية .. وشو كمان معلمة يعني مربية اجيال. روحي يا شيخة شوفي شوية غنم ارعيهم".
"طيب انصحيني شو اعمل ..؟"
"هدديه .. قولي له بترك البيت والاولاد وبمشي .." قولي له بجرجرك في المحاكم .. وببهدلك عند الناس". قولي له طلقني قبل ان تتزوج.
لكن الا يوجد في ذلك مخالفة للدين ولاوامر الله ..؟؟
ماذا تقولين يا أروى .. هل اوصلك الحاج "الحماسي" الى هذه الدرجة من الغباء .. ماذا بك من سوء او نقص او ضعف او مرض ليتزوج عليك .. اخشى ان يكون اقنعك ان الزواج باربعة شرط من شروط الايمان بالله ..؟؟

عادت اروى الى البيت وقد استرجعت بعض الطمأنينة واستردت بعض شجاعتها وحيويتها وشقاوتها ايام الجامعة .. وامسكت بالخمار ومزقته بعصبية .. سألتها ابنتها الصغرى عما تفعله قالت لها "بدي اطلع من المخيم بدي ارحل واسكن بالمدينة .. واطلع من القبر اللي قبرني فيه ابوكي وانا حية".
وتظاهرت بالقيام ببعض الاعمال المنزلية حين دخل ابو القعقاع المنزل، ولم تعره الاهتمام المعتاد .. فسال ما بها .. قالت .. باختصار ما فيش زواج .. ويلعن ابو العنوسة .. وخلي كل البنات يعنسوا وبالذات هذه بنت ابو صالح ..
امسك بيدها وسحبها لغرفة النوم بعيدا عن أعين الاطفال، وليس عن آذانهم خصوصا بعد ان ارتفعت حدة النقاش بينهما.
قال : "كل هذا من أم عمر مش هيك ..؟؟ لكن انا سوف اريها .. ان ما امسكت جوزها وبهدلته ما بكون انا الحاج عطية ابو القعقاع .. ".
قالت : انت ما بتبهدل احد الا نفسك رجال مثلك صار على حافة الخمسين بدو يتجوز واحدة بعمر بناته .. ولماذا.. ؟؟ عشان يقضي على العنوسة .. طيب اعطي الفلوس لشاب وخليه يتجوز و"بينوبك" ثواب ويمكن لهذا السبب وحده تروح على الجنة ..

قال: احترمي نفسك يا فاجرة .. والله اني برمي عليكي يمين الطلاق.

قالت: ارمي يمين الزفت، شو فاكر نفسك .. اصلا انت بتموت من الجوع .. فلولا راتبي ما لبست ولا أكلت .. ولا عملت حالك مختار ..

في اليوم التالي قصت اروى على صديقتها سلوى ما حدث بالتفصيل .. وقالت "خلاص مش راح اسكت .. اصلا انا كنت ساكته على كل بلاويه .. لكن بعد اليوم ما راح اسكت .. والله في اشياء لو احكيها "لأجرسه" وكل حاجة يجيب لي عليها حديث ساعة قال ابو هريرة، وساعة قال البخاري.. وكله كذب بكذب .. وانا اقول يلا عيب يا بنت .. برضه بيضل زوجك .. لكن يجيب لي ضرة .. والله لو على رقبتي ما راح يصير".
طيب اهدأي اهدأي .. "الافضل ناقشيه بهدوء مثلا يقول انه زواجه لمحاربة العنوسة قولي له اصلا نحن من بين الشعوب التي تتميز بان عدد الذكور اكثر من عدد الاناث، 53 بالمئة ذكور و47 بالمئة اناث، يعني كل بنت يقابلها شاب وبيفضل 6 بالمائة من الشباب ليس لهم بنات .. يعني المفروض احنا اللي يكون عنا تعدد ازواج مش الرجال..
ضحكت سلوى وأروى كما لم تضحكان من قبل .. واحمرت خدودهما خجلا .. وتابعت سلوى وهي تحاول السيطرة على نفسها . يعني يا "هبلة /عبيطة بالمصري/ وخبلة بالعراقي/ هادا جوزك عينه زايغة .. بدو ياخد حصته من الحوريات في الدنيا قبل ما يروح عالجنة ،لقطع ايدي اذا شافها.

ضحك .. ضحك .. تتلوى السيدتان .. تمسكن بأيادي بعضهن بعضا. سقطت احدى اكواب الشاي عن الطاولة .. انكسر الشر.. انكسر الشر .. تقول ام عمر وهي مستغرقة بالضحك..

قالت اروى وهي تحاول ان تتمالك نفسها .. لا لا في حل افضل .. لكن هذا يحتاج الى اتفاق انابوليس جديد مع اسرائيل تسمح من خلاله باستيراد 200 الف صبية من طاجكستان والشيشان وافغانستان .. وكل بلاد ستان .. يزوجوهن للشيوخ اللي مثل ابو القعقاع .. فربما يخلفوا منهم الخليفة المنتظر.

بعد كل موجة من الضحك كانت السيدتان تقولان " اللهم اجعله خير .. اللهم اجعله خير " ففي الثقافة الشعبية السائدة في المنطقة الفرح ممنوع .. واذا حدث فقد يكون علامة على حدوث مصيبة.

الحاج عطية .. ابو القعقاع شاهد أم القعقاع وهي تدخل البيت بدون خمار فوقف مندهشا .. وبعد برهة صمت، وفيما هي تتجاهله تماما سألها كيف تخرجين من البيت بدون خمار؟.

قالت " والله قررت ارحل من البادية .. واسكن المدينة .. اذا عايزني تعال اسكن معي، واذا مش عاجبك .. روح اسكن مع بنت ابو صالح، وان شاء الله بتلبسها شوال، وبتتجوز عليها 15 ، ربما ان شاء الله على ايدك بتنحل مشكلة العنوسة بفلسطين .. وبس تخلص من عنا .. روح على بلد تانية "بينوبك" ثواب بالعوانس ..فالجنة في هذه الايام تحت اقدام العوانس .. وفوق رؤوس اللي مزبطين لحاهم .. وما بيقطعوا فرض .. ولا يتأخروا على العزايم ..".

ملاحظة : شكرا للصديق الذي زودني بالمعلومات