ليسمع وعاظ ألمنابر وفقهاء ألفتوى ... قتلت ابنتها خوفا من ألطلاق !!



حامد حمودي عباس
2009 / 1 / 10

عنما اقدمت امرأة من احدى الدول الاسكندنافية على ذبح ابنائها الاربعه اهتز ضمير العالم أجمع وتناولت وكالات الانباء وبتكرار ينم عن الاهتمام الكبير نبأ تلك الحادثه ، وقد اتضحت دواعي الجريمة فيما بعد حينما صرحت الام بانها قامت بفعلتها لفرط حبها لابنائها ولكي تطمئن على مصيرهم بعد موتها انتحارا ، وقالت للقضاة بعد صدور الحكم بانها ليست مكترثة للقرار بحبسها مدى الحياة كونها ستعيش مع مأساتها ما تبقى لها من عمر.. أما الجريمة الاكثر روعا وجسامة والتي لم يحاسب الجناة فيها ولم تنشر الا عن طريق هواتف الموبايل كنوع من التسليه والفضول ولم تنشر في جريدة ولم تنقلها قناة تلفزيونيه وكأنها قضية عابره لها ما يشبهها في عالمنا العربي المأزوم بأعرافه الباليه ، تلك الجريمه التي تقول تفاصيلها بأن أحد الازواج ( المتدينين حتما ) ولدت له زوجته عددا من البنات ، ولضيقه ذرعا بالبنات عملا بوصايا فقهاء خطب الجمعة فقد قام بتهديد زوجته الحامل بانه سيطلقها لو ولدت له بنتا اخرى ، وانتظرت الام قدرها لا تفكر حتما بالذهاب الى المستشفى لمتابعة سير نمو الجنين كما يفعلن نساء الكفار في بلاد الغرب ، وبقيت المسكينة تعد الايام وبنفس متعبة تتمنى أن يعود الزمن الى الوراء ليلغي حملها مرة واحده ، فهي تعلم مقدار سطوة زوجها وعصبيته ومدى تمسكه بتعاليم دينه وحرصه على تنفيذ تعاليم السماء باطلاق اللحية واهانة الشارب ، وتدرك كيف أنه لا يستهين أبدا بالخروج عن أسس الشريعة حسب فهمه لها فلا يسمح لها مهما كانت الاسباب أن تطل بوجهها من شباك أو باب أو تكلم أحدا حتى من وراء ستار، لانها تمتلك صوتا فيه غنه قد تفتن من تتحدث معه ويشتهيها ولو عن بعد .. مرت الايام ثقيلة عليها حتى جاء اليوم المحتوم لتلد بنتا وكأن رب العرش قدر لها أن تكون أدات اختبار لايمان زوجها وصدق انتمائه لعقيدته ، كانت ولادتها عسيرة لان النفس البشرية تتناغم مع أحاسيسها عند القيام بأي فعل .. واحتارت ولا يعلم أحد بحيرتها لانها كانت تخاف من البوح بمرارة سرها الدفين .. لم يحظر والد الطفلة ساعة الولاده ، وسارع بالابتعاد عم مسرح
( الجريمه ) كي لا يواجه العار الجديد ، الانثى الجديده ، ومن يدري ؟ .. فلربما اعتكف في محرابه يضرب كفا بكف لا يقوى وللاسف على الاستجابة لجاهليته الاولى فيأد تلك المخلوقة المكروهة ويتخلص من تبعة الخوف عليها حين تكبر ومن المحتمل ان تفتن رجلا او تبتسم بوجه مخلوق فتقع الكارثة ، واستسلمت الام المذنبة لمصيرها بانتظار أن يقول رب الاسرة كلمته الفصل ، وما اسهلها من كلمه لا تستوجب سوى النطق بها ثلاثا لينتهي كل شيء.
وليقينها بأن التهديد سينفذ لا محاله ، وانها ستكون مطلقة بعد حين لا تعرف متى سيحل ولكنه آت لا ريب فيه ، فقد قررت الانتقام .. وممن ؟ .. من الرضيعة التي جلبت لها العار .. وكيف ؟ .. بابشع طريقة لم تتضمنها ملفات الجرائم في التاريخ . لقد حملت شوكة طعام من المطبخ وانهالت بها طعنا في جسد الرضيعة وهي في مهدها.. لم تترك مكانا من الجسد الغض الا واحدثت فيه ثقبا حتى عيونها المغمضة والتي لم ترى للدنيا لونا ولا معنى ، كان هدفها الوحيد هو ان تعبر للزوج الغاضب بانها تشاطره الاستنكار لولادة كيان مسخ اسمه انثى ، ولذا عليه أن يتفهم موقفها الرافض كموقفه فلا يطلق.
المصيبة الكبرى والحدث الجلل الاخر هو أن رواة الحادثه أكدوا بأن تلك المرأة لم تجري مقاضاتها غير أنها طلقت وانتهى الامر ، وأن الزوج لم يمسه قانون ولم يستدعى الى مركز للشرطه .
لقد أحسست بأنني لو كنت صاحب القرار فلسوف اقضي بسلب الحياة منه فورا قبل أن أحاسب زوجته ، فكلاهما .. المرأة وابنتها ضحيتان لذلك الوغد المتوحش ألممسوخ عن شريحة واسعة الحدود في مجتمعاتنا لا زالت تسرح وتمرح لتخرب الفكر والدين والارض وتحرق الشجر وتقتل الثقافه ،انهم اولئك التجار بالعقيده وفقهاء الزور هم السبب الحقيقي وراء كل حيف يقع على النساء في بلادنا . اذ ليس لآي منصف هدفه اصلاح المجتمعات العربية وغير العربية في مشرق الوطن الكبير ومغربه الا وأن يشير باصبع الاتهام الى وعاظ أخذوا على عاتقهم متبرعين منافقين تقديم النصح للناس ، ونصبوا انفسهم ممثلين لانبياء الله على ارضه دون وجه حق وهم ينثرون دعاواهم في كل لحظة عبر مكبرات الصوت وقنوات التلفزيون وفي مجالس يعدون لها ألقصد منها ترسيخ أعراف ليست بالية فحسب وانما تحمل في ثناياها كل شرور المعرفة ان كان للمعرفة شرور ، انهم يزرعون في ادمغة الشباب والاباء والامهات وحتى الاطفال ثمرات ألتأخر واليأس والامساك بترهات لم يقل فيها كتاب مقدس ولم يبشر بها رسول ، كل ذلك لينعموا بخير أصوله مستلبة من حقوق الاخرين ، فالفرح حرام والتنعم بالحياة حرام ، والهزل يذهب الهيبه .. والرقص المعبر والغناء المعبر حرام .. واحترام المرأة حرام ..وعدم ضربها لتأديبها حرام .. وولادة الانثى من الكبائر .. والتباكي ان لم يستطع المرء البكاء ثواب عند الله .. والتجهم والتلبس دوما بمسحة جافة على الوجه من دلالات الايمان حتى قال عمر بن الخطاب لقد تركنا ثلاثة ارباع الحلال مخافة الحرام . انهم يحملون ذمة ثقيلة في كل كلمة نشاز يقولونها من على منابرهم تسهم في هد المجتمع والنخر فيه والتسبب في قتل ابرياء ليس لهم من ذنب سوى انهم لا يمتلكون سلاح المعرفة ليردوهم الى جحورهم مدحورين ، وستبقى مجتمعاتنا مغلوبة على امرها دون أمل برقيها ولحاقها بركب الشعوب المتقدمة ما دامت منابر الوعظ وفقهاء الفتاوى ينعمون براحة البال واطلاق الرأي كما يشتهون .