توفير عوامل قوة شخصية المراة في المجتمع



عماد علي
2009 / 1 / 17

كما هو الحال للانسان بشكل عام فان شخصية المراة ناتج لمجموعة من العوامل الموضوعية و الذاتية لها ، و ربما تختلف من مكان لاخر حسب القيم المعتمدة في المجتمع الذي ولدت و ترعرعت فيه. و للمراة بحد ذاتها ظروف خاصة بها ، و يمكن التمييز بين مقومات قوة شخصيتها باختلاف خصائص و مميزات المجتمع الذي تعيش فيه . اذن يمكن تحديد عوامل متعددة لتشخيص مستوى قوة شخصية المراة و هي تظهر للعيان من تعاملها مع الواقع و التزامها بما تؤمن و هي التي تعبر عما يجول في فكرها و ذاتها و بثقتها بنفسها فيما تتناول القضايا العامة في المجتمع او ما تخصها ، و تتقدم بكل ما فيها من الصفات المميزة للدفاع عما تهم المجتمع و مصالحها الخاصة ايضا .
من المعلوم ان المراة تتسم بطبيعة بايولوجية تختلف شيئا ما بحيث تفرض عليها التعامل مع الحياة وفق ما تحتاج اليها من القوة و الرصانة و انسجام مع مميزاتها و ما يجب ان تمتلك لتبرز قوتها الشخصية و هذا لا يعني ان تكون ممتلكة لقوة جسدية ، و انها ليست بادنى من الرجل قطعا و من اي جانب كان .
من اهم العوامل الحاسمة لرفع مستوى شخصية المراة و هي جوانبها المعنوية كامتلاكها للثقافات المتعددة و كفاءات وافرة وقدرات ذهنية وعقلية متفهمة لما في الحياة من كافة المجالات العلمية والادبية بشكل توفر لها القدرة ، و تملكها الصفات المطلوبة لغور سبر الحياة العميقة ، و يجب ان تتميز في تحليلها و تشخيصها لما تواجهها من التحديات بافكار و تصرفات عقلانية بعيدا عن الخيال و الروحانيات المفرطة التي تهتم نسبة كبيرة منهن بهذا الجانب و اكثر من اي فكر اخر، و هذا ما توسع الطريق لما ينتسب اليهن من الصفات التي لا تليق بهن و بمهامهن الرئيسية في الحياة بشكل عام .
عندما تكون المراة صاحبة شخصية معينة و تكون صاحبة افكار ومطالبة للحقوق و طارحة و عارضة للقضايا و محللة للمشاكل و مفسرة لما تكون فيها من الامور التي تحيط بها و متعضة من التاريخ و ما اثرت على حياتها ، و هي مؤدية و منفذة للواجبات لا غبار عليها و متمتعة بما تستحق من الامتيازات باكمل وجه و لها موقعها في المجتمع و نتاجاتها او انجازاتها واضحة المعالم و التاثير ، و عاملة و مشتغلة بطاقاتها في المجتمع وبحيويتها باخلاص و تفاني في العمل . هذا فيما يخص صفاتها العامة و ما تربطها بالمجتمع و متطلباتها ، اما صفاتها الخاصة الذاتية التي يجب ان تمتلكها لتتكون لديها قوة الشخصية هي ان لا تكون مستغَلة و هي قادرة على التعبير عما يجول في خلدها و ما تفكر و تعتقد ، و لها اراء وتصورات و اعتقادات و تنبوءات و مواقف كما لها المشاعر والاحاسيس الملهفة الخاصة التي تساعدها على اداء الواجبات بشكل مميز ، و القوية الرزنة هي التي تفكر بعقلها اكثر من عاطفتها ، و تعبر عن رايها و ما تحس بها في الوقت المناسب و هي من السمات المميزة لقوة شخصية المراة .
اما الصفات التي تؤدي الى ضعف شخصيتها هي الخجل وحبس المشاعر و كتم الاراء و الالتزام بالصمت و الكبت و الانعزال تحسبا شديدا لاراء الاخر او تهيبا لشخصية المقابل خوفا من تشكيكه لها . و الشخصية المميزة التي يمكن ان تتصف بها المراة من خلال امكانها التعبير عن الرضا و الثناء والشكر لما يُبدر من الاخرين دون تردد ، و هي من الصفات التي تعجز اكثرية الشخصيات الرجالية لتعبير بها ، ولهذا يحس من يتعامل مع الرجال بالغبن اكثر من التعامل مع المراة .
المراة القوية تؤدي دورها في الحياة بشكل مميز و افضل و اتقن ، وهي تدخل غمار العمل بتحدي و مواجهة للصعوبات ، و عندما تكون متميزة بالاستقلالية في الفكر و العمل و غير تابعة و مستقلة في الاعتماد على الاقتصاد الذاتي و محاولة الابداع و الابتكار و محاولة و مصرار على التثقيف المستمر و التطور الذاتي و نافعة للاخر و متعلمة و معلمة و لها مكانة و دور يُشار لها من بعيد ، يمكنها تقديم الاكثر في الحياة.
اما العوامل المساعدة لتقوية شخصية المراة بعد الاعتماد على نفسها ، فهي تقع على عاتق السلطة و المجتمع و المؤسسات و المنظمات المدنية التي من واجبها توفير الارضية و المستلزمات الخاصة لتوفير مقومات قوة شخصية المراة و تطورها بعدة طرق و اساليب حسب مستويات الخطط و البرامج المعتمدة عالميا و الاخذ بنظر الاعتبار خصوصيات كل مجتمع و نظرته الى المراة . و سينعكس حاصل جمع عمل كل المهتمين و الملمين بتطوير و تقوية شخصية المراة بشكل ايجابي و بمراحل على شخصية و كيان و دور المراة و تعزيز مكانتها في الحياة ، و بدورها تؤثر على عقلية و فكر الرجل ، و هذا يعني انه يؤثر على المجتمع و ثقافته و طبيعته و مستوى تقدمه ، و هذا ايضا ما يفرض علينا ان نعمل من اجل توفير عوامل تقوية شخصية المراة من اجل نفسها كشخصية قوية هي احساسها الذاتي بتعاملها و قوة عقليتها و تصرفاتها و فوق هذا و ذاك هو عدم احساسها بالضعف او نقص ما في اي جانب من امكانياتها و تكوينها .