هل المرأة نصف المجتمع حقا؟



كاظم الحسن
2009 / 2 / 9

تكاد الامم التي تظلم المرأة، يكون اكثرها حديثا ودفاعا عن حقوقها وحريتها. ومن يفوق انظمة الاستبداد في الدفاع عن الحريات وحقوق الانسان والعدالة والديمقراطية والوطنية؟ وكل شيء تفتقده، تعوضه في الادبيات السياسية ومن منطلق (اكذب، اكذب حتى يصدقك الناس). واوضح بحث اجرته مارغريت هيرمان، استاذة علم النفس والعلوم السياسية في جامعة اوهايو ستيت، ان صدام استغل الشعارات الوطنية ليس لدفع العراقيين لخدمة وطنهم، ولكن لحماية حكمه. واعتمد البحث، في الوصول الى هذه النتيجة، على عبارات وردت في اجابات صدام في ستين مقابلة صحفية معه وقارنها مع عبارات مماثلة في مقابلات صحفية مع(86رئيس دولة) من مختلف انحاء العالم. وحقق صدام في خانة الوطنية(اي تكرار عبارات وشعارات وطنية) سبعين نقطة، بالمقارنة مع اربعين نقطة لباقي حكام العالم! فالازدواجية التي يعيشها الفرد في المجتمع الذكوري تجعله يعتقد ان من تربطه به وشائج الدم والنسب والتاريخ لايمكن ان يعامله بقسوة وتنكيل، لاننا لانعترف باخطائنا ونعتبر ثقافتنا هي الاحسن والاصلح في (العالم على الرغم من كل الانحطاط والهوان والتخلف الذي نعيشه ولم تعد الاقنعة والاغطية التي اصابها التهرؤ ان تحجبه عن اعين الناظرين. ونرى ان الكثير ممن يتغنون بالمساواة ليل نهار هم اكثر من يضطهد المرأة ويصب جام غضبه عليها ويمارس كل اشكال القمع بحقها. ان اغلب الندوات والامسيات التي تكون فيها قضايا المرأة محور النقاش والحوار، يتفق الجميع على ان المرأة نصف المجتمع وبالتالي لها ذات الحقوق التي يتمتع بها الرجل. وحين ننظر الى المرأة في الاسرة او العمل او الحياة العامة نرى نقيض ذلك تماما، وان نصيب المرأة من الظلم يفوق ما يتعرض له الرجل بمراحل كبيرة بل انها مستودع الاضطهاد الذي يلقي كل من اصابه القهر، حمولته عليه، على اعتبار ان المرأة هي الطرف الاضعف في المجتمع الابوي. احد الاشخاص حدثني قائلا: انه لم يجد المرأة المناسبة التي تكون شريكة له في عش الزوجية، وحين قلت له ماالسبب؟ قال لي انه يريد: امرأة جميلة ومثقفة وربة بيت وتخدمه بالطريقة التي تخدم والدته اباه! وكان الدكتور علي الوردي يقول عن ازدواجية الفرد العراقي: ان الفرد العراقي في البيت هو(ملا عليوي) وفي الشارع والجامعة هو(دون جوان)، فهو يريدها عشيقة حسب الطلب، وان رفضته، يتهمها بعدم الوفاء والتلاعب بمشاعر الاخرين، وان قبلت الدور، يرفض الزواج منها. هكذا يريد البعض من المرأة ان تنشطر الى نصفين لسواد عيون الرجل، على الرغم من امتيازاته في تعدد الزوجات ورفضه تعدد الثقافات والاصوات.اي انه يريد ان تكون المرأة تقليدية في المنزل تعود الى القرون الوسطى، وحداثوية في الشارع ومكاتب العمل. تقول الفيلسوفة الفرنسية مونيك كاستيو: ان ما يتهدد دول العالم الثالث هو نمط من ائتلاف النسق ما قبل الحديث والنسق ما بعد الحديث، وهو يفضي الى تآكل وانهيار الدولة الوطنية الوليدة، التي لاتزال اسس السيادة والمواطنة فيها ضعيفة وهشة. وربما نرى في السياسة والتي هي اصل الداء، المشكلات نفسها التي تعاني منها المرأة والطفل والاقليات، اي جميع الفئات التي لم تثبت حقوقهم في الدساتير، وان ذكرت، فان ذلك غالبا ما يكون بشكل غامض وضبابي ويتحمل معاني شتى. ونقصد بالسياسة، هي ما نسمعه عن الاخوة والتضامن وتطابق وجهات النظر، ولكن بعد منتصف الليل تسمع البيان رقم واحد، واتحاد الفرع بالاصل، وحروبا ليس لها اخر. اي صفوة القول ان من يريد ان تكون حقوقه مصونة وغير قابلة للتقلبات عليه بالضمانات فضلا عن النصوص القانونية لان المؤمن لايلدغ من جحر ...