الأولوية لحرية المجتمع أم المرأة؟



كاظم الحسن
2009 / 3 / 5

عندما كانت الحرب الباردة مستعرة بين الدول الاشتراكية والرأسمالية، طرحت فكرة الفرد والمجتمع وايهما له الاولوية، في مسيرة النظام السياسي، وكانت قضية الفرد هي محور ومركز النظام الرأسمالي وما يتبع ذلك من خصوصية وملكية فردية اما النظام الاشتراكي الذي غلب المجتمع في اطروحاته فلقد كانت الشمولية هي الطابع الخاص له، وذات الشيء يطرح الان بشأن المرأة وحريتها وكيفية البداية والانطلاق، وهل ان تحرير المجتمع يتقدم عليها ام العكس؟.

وهل المرأة وصلت الى مرحلة الوعي الذات، واذا كان الامر كذلك فانه يفقد الاراء التي تتحدث عند سيطرة الرجل عليها ويطرح قضية المساواة وما يتبع ذلك من اقرار بعدم التفاضل بين القدرات العقلية والعلمية للرجل والمرأة، وان القضية نسبية كما جاء في اللقاء الذي اجرته صحيفة الصباح مع عدد من اساتذة جامعة بغداد الذين اكدوا اهمية حرية المرأة في هذه الفترة الحرجة التي يمر بها العراق.


الأنوثة عقدة

يقول د. فيصل غازي مجهول / كلية الاداب/ قسم الفلسفة: ان التحرر الاقتصادي يعطي قوة للمرأة وهذا يقودنا الى ان المرأة مساوية للرجل في مسائل علمية كثيرة لابل هي افضل منه في مجالات كثيرة لكن سيطرة الرجل مسألة تاريخية اجتماعية قبل ان تكون قانونية او سياسية او دينية.
لكن في كثير من الاحيان تكون الانوثة عقدة كبيرة، يسهم المجتمع كله في تنميتها بما فيها النساء انفسهن، وتلك مسألة تخص التربية والتثقيف التي تبدأ من البيت والمدرسة وهناك اسباب دينية من الصعب تجاوزها.
ويعتقد ان المرأة باستطاعتها الحصول على حقوقها من خلال انخراطها في العمل وتكون جزءاً من مجموعة، كأن يأتي شخص ويدافع عن حقوق المهندسين وهو بالتأكيد يدافع عن حقوق الجميع ومثل هذا باقي المهن ولكن تبقى هناك حقوق للمرأة بوصفها امرأة .
وفي ذات الشأن اكدت د. زينب حمزة/ قسم العلوم التربوية والنفسية/ جامعة بغداد اهمية المرأة بذاتها ضمن محيطها الخاص وانتهاء بحقوقها في الحياة العامة، فكم ناضلت وصبرت وصابرت على مر السنين، وقدمت ماقدمت، وهي بحاجة الى ان تسعى لكي تقنع الرجل بحقوقها، ومصطلح الدفاع عن حقوق المرأة، هنالك الكثير من المفاهيم يتم تداولها بصورة خاطئة، فالحرية مفهوم واسع وفضفاض ويجب ان تكون هناك محددات وضوابط لكل مفهوم فالكثير يفهم حرية المرأة على انه القيام باعمال محظورة، اذن المسألة ليست دفاعاً ولا انتزاع حرية او حقوقاً بل هو بناء تدريجي مستمر ومتواصل فالتغيير دخل وبنسب متفاوتة في النظام القيمي والاجتماعي والاقتصادي والمعرفي في المجتمع العراقي، فهناك جانب يسير بسرعة وهناك جانب يحتاج فترة اطول للتغيير ومسألة حقوق المرأة وحريتها هي بالتأكيد احد الجوانب التي تنالها حتمية التغيير.
وترى ان المساواة مفهوم نسبي وهناك فروق فردية بين اثنين من نفس الجنس نفسه فما بالك في الفرق بين الرجل والمرأة، والمساواة مفهوم خاطىء لاليمثل حقوق المرأة، فمن تطالب بالمساواة انما تقتل حقوقها وتذيبها في جدل عقيم حول قدرات الرجل وقدراتها، فهناك امور المرأة اقدر على انجازها اكثر من الرجل، فالمرأة لاتقل عن الرجل ذكاء واجتهادا وليست دونه استعدادا وابداعاً فلماذا تنزل بهذه القدرات الى المساواة، لكل دوره ولكل مجاله اما المطالبة الحقيقية تكمن في تكافؤ الفرص في التربية والتعليم والمهن والمشاركة الفاعلة في الحياة العامة.


فخ التقسيم البايولوجي

فيما اعربت د.اسيل عبدالستار / قسم التاريخ / كلية التربية / جامعة بعداد: عن تفاؤلها بمستقبل المرأة في العراق، فمع تعدد قنوات المعرفة وتزايد وتيرة التطور السياسي وانفتاح العراق على افاق رحبة من التعددية الثقافية كل ذلك سوف يصب في محطة الوعي بالذات والتخطيط لمرحلة ما بعد الوعي والادارات من دون السقوط في فخ التقسيم البايولوجي للمجتمع ورفع شعارات معركة يتيمة طالما جرت اليها بقصد او فقط لاظهارها كائنا ضعيفا يجهل الخوض في ميادين اخرى.

وللحرية شروط هذا ما اوضحه د. محمد عبدالله / قسم الفلسفة / جامعة بغداد: الذي اشار الى اهمية ان تدافع المرأة عن حقوقها بشرط ان لا تتجاوز على حقوق الاخرين لان حرية الانسان تنتهي مع بداية حرية الاخرين.

واضاف: المرأة حققت الكثير من الانجازات ولا تختلف في قدراتها العقلية والعلمية عن الرجل مع وجود فارق بايولوجي، بل انها وصلت الى مرحلة النضج الاجتماعي وهي قادرة على الدفاع عن حقوقها، من خلال تحقيقها الكثير من الانجازات الاقتصادية والسياسية.


مجتمع ذكوري

من جانبه اكد د. حسين الشيخ / قسم الفلسفة / جامعة بغداد:ان المرأة تمثل نصف المجتمع وان القوانين الوضعية قد اعطتها المزيد من الحقوق، الا ان ذلك لا يخلو من تعقيدات وعراقيل تعترض مسيرتها لاننا نعيش في مجتمع ذكوري وهي تراتبية فيها الرجل اولا في المقاييس الاجتماعية واذا اريد التحرر للمرأة فان ذلك يرتبط بحريتها اي الانطلاق من التراث الى المجتمع وليس العكس وهذا يتطلـب تحررهـا الاقتصادي، علـى ان ذلك سوف يؤدي الى مشاكل اجتماعيـة ويهدد التراتبية السائدة تاريخيا في المجتمع.
و يرى التدريسي على عبود / قسم الفلسفة/ جامعة بغداد: ان المرأة مـا زالت ترضخ تحت الحكم والسلطة الذكورية للمجتمعات الشرقية وذلك ما سحب نفسه على المرأة في العراق ودليل ذلك وشواهده اكبرمن ان تعد ومنها حضور المرأة المقيد والقليل بل شبه المعدوم في النشاط الاجتماعي والثقافي والسياسي فبالنسبة للمجال الاجتماعي لم تجد لها مكانا يساعد في حل مشكلات المجتمع المحلية ومنها(مشاكل الاطفال، الامومة...) علما ان الحضور الثقافي يكاد يكون معدوما، فأين المرأة العراقية المثقفة التي يمكن عدها قبالة المثقفين الذكور وما هو نتاجها الثقافي في العراق، لذلك فهي الان في مرحلة مهمة جدا من تاريخها في العراق وهي مرحلة الوعي بالذات وذلك الوعي هو ما سيعيد لها مكانتها وهو على الاكثر ما نفتقده الان.
واضاف، ان حقوق المرأة هي الجزء الاهم من حقوق المجتمع وذلك لانها تمثل المكبوت والممنوع ومن ثم الغائب فايجاد الحقوق يسبق تعميمها او المطالبة بها بشكل اوسع.
الوعي بالذات

وقال التدريسي محمد هاتو/ قسم الفلسفة/ جامعة بغداد : ان قضية المساواة بين الرجل والمرأة نسبية ولايمكن اطلاقها على المجموع، وان ذلك يرتبط بمدى وعي المرأة لتراثها، اي الحكم على ذاتها بالعدل، وهذا بالضرورة يقودنا الى توفر هامش من الحرية في المجتمع وهو يسبق حرية المرأة اي ان الحرية تبدأ من المجتمع الى الفرد وليس العكس. من هذا نستنتج ان تحرر المجتمع سوف يخلق قاعدة اجتماعية متينة تؤدي الى ضغوط مؤثرة في المؤسسة السياسية وبهذا تستطيع المرأة انتزاع حقوقها تلقائيا من خلال هذا الجدل الصاعد نحو قمة الهرم السياسي.
الحرية

اوضحت الطالبة اسلام جهاد/ مرحلة ثالثة/ قسم الفلسفة/ جامعة بغداد: ان الحرية هي خلاص المرأة، وعيشها على هـداية العقل وتجنب الخضوع للاهـواء، فالانسان لايستطيع ان يكمل نفسه او يرقي اخلاقـه ويصـل الـى اهدافـه الا اذا كان حراً.

الا ان حرية المرأة على مدى التاريخ كبحت بحكم قوانين وتقاليد الرجل الشرقي الا ان ذلك لاينفي وعيها بذاتها الذي جعلها تدافع عن حقوقها وتفانيها في اثبات وجودها على انها عنصر مكمل للرجل واحيانا مساوية له حتى وان اعتبر الرجل هذا مساً برجولته فالمرأة نصف المجتمع بل هي المحرك له.

واضافت ان لاحرية للمرأة مالم يتحرر المجتمع فكيف تدافع عن حقوقها في مجتمع غير متحرر فكرياً او اجتماعيا او اقتصاديا.
وخلاصة القول، ان من استطلعنا اراءهم أكدوا ضرورة التحرير الاقتصادي للمرأة وكبح تقاليد الرجل الشرقي وضرورة اشاعة ثقافة المساواة واكـدوا ضرورة تحرر المرأة مـن الظلـم الاجتماعـي واخيرا اعربـوا عـن تفاؤلهـم بمستقبل المرأة فـي العراق وقدرتها على المساهمة في بناء التجربة الديمقراطية.