برلمانيات الكوتا والعشائر والديمقراطية



مالوم ابو رغيف
2009 / 3 / 8


تسائلت وانا اشاهد الفضائية العراقية لهذا اليوم عن دور المراة في دولة العراق الديمقراطية الحديثة التي يكرر مفهومها رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي، فاي حداثة واي ديمقراطية والحكومة ورجال الدين وشيوخ العشائر الذي ينوي المالكي ويخطط ان يجعل منهم قوة اسنادية في احكام قبضته على مقاليد الحكم، ينظرون الى اكثر من نصف الشعب ( النساء) نظرة دونية انتقاصية.
بالطبع لا يمكن لنا ان نتوقع ان يحضر شيوخ العشائر او زعماء القبائل نسائهم معهم الى مؤتمر او ان يصحبونهن الى مكان عام، ليس لان المجتمع لا يتقبل هذا، بل لان النفسية والروحية والدينية البائسة للمكون العشائري والقبلي ترفض هذا وتعتبره نقيصة معيبة وواقعة مخجلة الى ابعد الحدود. المراة في العرف العشائري والديني هي حرمة، والحرمة هي ملكية شخصية خاصة ليس لاحد ان يراها وليس لها حق التصرف بنفسها بعواطفها وميولها، حتى بما يخص ملبسها وزينتها، فالرجل يقرر لها كل شئ و يملك وثيقة استغلالها بأمر الهي. الرجل في المجتمع الشرقي العشائري الاسلامي المتخلف قوام على المراة وصي عليها مرشد وموجه ومالك وليس زوج واب وحبيب واخ كما درج الناس على ترديد ذلك.
واذا طرق اذهاننا تساؤل عن التناقض في تصريحات حكام العراق من الاحزاب الاسلامية بين التأكيد والاصرار على اعطاء دور قوي وفعال للعشائر في الحكم وفي المجتمع والتاكيد على الاخلاقية العشائرية التي منها سوق المراة مكرهة كفصل اودية وكذلك الاخذ بالثأر وغسل العار وبين تبجحاتهم بالديمقراطية وحقوق الانسان والمساواة، فان تسائل اخر يثار ايضا عندما نشاهد نساء الكوتا البرلمانية اللواتي لم ياتي بهن ملاك اسلامي لا شيعي ولا سني انما ملاكا امريكيا فرض الكوتا النسائية بالتلويح ليس بجهنم بل بقوة الحرمان من المشاركة في اكل كعكعة العراق الدسمة لكل معترض على نسبة النساء في الحكم وفي البرلمان، تسائل وملاحظة فيما اذا كانت هؤلاء البرلمانيات العراقيات هن عازبات او مطلقات او عوانس!
فاذا كان البرلمانيون الرجال ومن منطلق اسلامي عشائري قروي متخلف يعتقدون ان النساء حرمة وان المراة مكانها البيت ودائرتها المطبخ ومنصبها فراش الزوجية ويخجلون من اصطحاب نسائهم معم حتى في مسيرات اللطم الحسينية او الزيارت الدينية، فما الذي يمنع النساء البرلمانيات ان يظهرن مع ازواجهن او اخوانهن او ابنائهن.؟
ما السر في ذلك.؟
هل يخجل ازواجهن او اقربائهن الظهور بمظهر التابع لهن الاقل مكانة منهن، مع ان النساء في حالتنا هذه وصلن الى اعلى المناصب ويستلمن اعلى الرواتب كبرلمانيات ووزيرات!؟
ان هن اللواتي يخجلن من ازواجهن لاسباب نجهلها؟

لذلك لا يمكن لنا تصور ان تجلس امرأة عراقية على كرسي برلماني في واقع الحال الاسلامي الحالي دون رحمة الكوتا التمثيلية. صحيح ان هذه الكوتا التي فرضت على الاحزاب الاسلامية اتت بالنطيحة والمتردية، وصحيح ان اختيار الاسماء في القوائم المغلقة جائت بناء على توصيات وقرارات ليس مبنية على كفاءة المراة ورهافة حسها السياسي والحقوقي والديمقراطي، انما مبنية على الطاعة والامتثال والانصياع الكامل للفهم المذهبي لرئيس الحزب وموافقته طائفيا حتى لو اختلفت القناعات، لكنها، اي نظام الكوتا التمثيلية فتحت شباكا في قلعة المراة الاسلامية المظلمة، شباكا قد مكن لبعض الضوء من النفاذ الى عقلها المحجور عليه بقصص الايمان الحمقاء وتعاليم التراث البلهاء وجعلها تحس ببعض متع المشاركة السياسة وتعلوا بصوتها وسط نحنحة النواب الاسلاميين لتعلن رغم امتعاظ النواب المعممين ورغم قناعاتها هي ايضا بان صوتها ليس بعورة كما تقول تعاليمها الاسلامية.

لكن كيف لنا ان نغير من النظرة السائدة الدونية للمرأة في ظل هذا المد من الاحزاب الاسلامية التي تتخذ من المصالح والمنافع ادوات اغراء وجذب لزيادة نفوذها في المجتمع؟
كيف لنا ان نخلق عند الناس استعدادا وفهما حضاريا متحررا من فلسفة الراكب والمركوب العشائرية غير مقيد بمبدا القوامة والوصاية الاسلامية بعيدا عن تعاليم نسائكم حرث لكم فاتوا حرثكم انى شأتم القرآنية؟
هل يوجد افضل من المدرسة، من تدريس الديمقراطية وحقوق الانسان كمادة دراسية اكانت في المدارس الابتدائية او في الثانويات او في الجامعات!
بذلك نحن لا نخلق ارضية مدنية ديمقراطية لجيل جديد، بل نؤثر على العائلة التي ستتعلم من بناتها وابنائها تعاليم الديمقراطية والمساواة واحترام المراة، ستتوقف الام عندها عن توريث بنتها التخلف والخضوع للرجل. وعندها سنتخلص من نظام الكوتا التمثيلية ولن تصل او يصل الى البرلمان الا الاكفاء والكفؤات عبر انتخابات تتنافس بها المؤهلات والقدرات وليس الاسماء والقوائم.