أول من ظلمت من النساء عند المسلمين فاطمة الزهراء !



سهر العامري
2004 / 4 / 1

حمل المتأسلمون الجدد أوزار القبيلة العربية بحق المرأة على ظهورهم من فيافي العرب ، وجاءوا بها من أزمان سحيقة معتمة الى زمن منير ، بهي ، طافت فيه النساء السماء من فوق رؤوسنا نحن الرجال ، ونظرن لنا من علٍ صائحات بلسان فالنتينا : ها نحن نسبح بين النجوم !
هذه الحقيقة الساطعة سطوع الشمس ، والمشرقة اشراقة القمر ، لا يريد نفر من منا في العراق ، وفي عالمنا العربي والاسلامي التسليم بها ، فالمرأة عند هؤلاء هو ذلك المخلوق الذي خلق للمتعة وللخلفة ، وما عدا هذا بات كل شيء حراما عليها ، فهي مخلوق ضعيف خلق من ضلع زائدة في الرجل ! وعلى هذا توجب عليها أن تظل تحت رحمته وحمايته ، فحين تنبري هي لشغل عمل ما، أو وظيفة من وظائف الدول تستفز مشاعر هؤلاء ، وتقوم قيامتهم ، متوجهين الى الدين ، محتجين بالذي فيه ، وبالذي ليس فيه ، قائلين : البيت هو مكان المرأة ، والحجاب هو سترها ، والمتعة ثم الخلفة هي وظيفتها !
الذي قادني الى هذا الحديث هو صرار هؤلاء المتخلفين على قتل وزيرة الاشغال العامة العراقية نسرين البرواري ، فقبل أيام تعرضت لمحاولة اغتيال من قبلهم في زيارة لها الى مدينة الموصل، وراح ضحيتها ثلاثة من حراسها الشخصيين ، وقبلها تعرض لمحاولة قتل أخرى وهي في زيارة لمدينة كربلاء ، فلماذا هذا الحقد الأعمى ، وهذا الاصرار على قتل ؟
يبدو لي أن الذي أغاض هؤلاء المتأسلمون الضالون كون الأنسة نسرين البرواري أمراة من نساء هذا الزمن ، اللائي امتلكن العلم والمعرفة ، ووزيرة قديرة بزّت الرجال من الوزراء في عملها الدؤب ، فهي دائمة الحركة ، تتابع أعمال وزارتها عن كثب ، متنقلة بين مدينة عراقية وأخرى ، وليس كما يفعل غيرها من الوزارء الرجال الذين أغرتم كراسي الحكم ، أو أخافهم الارهاب . ها هي نسرين على خلافهم ، مع جماهير النساء في الشوارع ، تناضل مع بنات جنسها من أجل اسقاط قانون جائر يريد أن يبحر بنساء العراق الى عهود خلت ، وها هي تلقي نفسها في مهاوي الردى ، تمضي للموت بخطى واثقة فتصده عنها الصدف ، وتكافح من أجل أن تثبت أن نساء العراق قادرات على العمل والابداع ، وأنهن يرفضن أن يكون البيت مقرهن ومستقرهن ، وبرغم من أنها لن تكون أول مظلومة عند المسلمين من النساء ، حين يفلح القتلة الجدد في الوصول إليها ، فقد سبقتها نساء كثر الى هذا الظلم الذي انزله بهن رجال القبائل تحت ظلال من الدين ، وتحت تفسيرات لنصوصه ما انزل الله بها من سلطان ، فإذا كانت النازية قد نهضت بافكار الفيلسوف الالماني نتشة ، في تقديس القوة ، وذم الضعف ، وذلك حين تبناها هتلر، فإن الارهاب القائم على القتل عند المسلمين قد قام على صول فكرية ، تلغي الاخرين بالقتل ، ففي مثال ابن لادن وقاعدته فإن اصولهم الفكرية قامت على الحركة الوهابية التي تشبعت بافكار ابن تيمية الذي احلّ لاتباعه قتل من لا يراهم هو ليس من الاسلام في شيء ، حتى لو اقاموا الخمس ، واذنوا جهارا ونهارا ، ولم يقف ابن تيمية عند هذا الحد بل مضى الى حوادث تاريخية مشينة اقترفها المسلمون الأوائل وقام هو بتبريرها فيما بعد ، فقد قاد رجل من المسلمين ، اسمه قنفذ العدوي ، وهو من الطلقاء ، وبامر من عمر قبل توليه الخلافة ، عصابة من الرجال ارادوا كشف ( تحري ) بيت فاطمة الزهراء بنت نبيهم محمد ، وبعيد موته بقليل ، هذا بعد أن حرموها من ارضها ( فدك ) التي تملكتها زمن ابيها ، وبعد أن ضربوها بالسياط واسقطوا جنينها من بطنها ، وأحرقوا بيتها عليها ، وحين منعت قنفذ العدوي وعصبة الرجال الذين معه من تحري دارها عنوة ، عادوا الى المسجد ليخبروا من أمرهم ، فصاح فيهم : ما لنا وللنساء ! ثم كان ما كان من اسقاط جنين ، واحراق للبيت. لقد مات فاطمة الزهراء كمدا بعد ستة أشهر من موت أبيها ، وبعد أن رأت من المسلمين ما رات ، وقد قيل انها مات ميتة جاهلية دون أن تعرف امام زمانها ، ودفنت ليلا ، ولكن حركة فكرية عقلانية للمعتزلة نهضت في البصرة بعد موتها بعشرات السنيين ، وزمن الخليفة المأمون ، أقامت محكمة للتاريخ ، وابطلت زيف وبطلان حجج من منعها حقها في ارضها ، وردت لها اعتباراها بذلك ، حين تسلم وريثها محمد من نسل بنها الحسن ، زمن المأمون ، ملكية فدك ، تلك الارض التي وهبها لها ابيها في حياته ، بينما نجد ابن تيمية ، وبعد عدة قرون ، قد برر تصرف الطليق قنفذ العدوي في تحري دار فاطمة الزهراء بحجة الكشف عن اموال المسلمين فيها ، وهو ذاته الذي كان يبيح لمريديه واتباعه قتل المسلمين من المذاهب الاخرى في الشوارع ، ودونما سؤال وجواب ، والعجيب أن الرحال المسلم والقاضي الشهير ابن بطوطة كان يروي بنشوة وفخر قتل فتوات ابن تيمية في دمشق لاتباع المذاهب الاخرى فيها دون جرم ، وعلى غير بينة ، وعلى هذا يمكن لي أن أقول : إن منظمة ، مثل القاعدة ، في افغانستان أو مثل ثار الله ! في البصرة ، تستقي من منابع فكرية على هذه الشاكلة ، لا ينتظر منها غير مطاردة النساء وقتلهن ، وكأني بهولاء ما زالوا يرددون ما قاله الأوائل من المسلمين : ما لنا وللنساء!!