أين نحن وحق ألمرأة بامتلاك علاقات جنسية قبل ألزواج ؟!



حامد حمودي عباس
2009 / 3 / 9


ثمة تصويت ظهر مؤخرا على موقع ألحوار ألمتمدن موضوعه ( هل تؤيد أن تكون للمرأة علاقات جنسية قبل ألزواج واعتبار تلك ألعلاقات شأنا شخصيا ليس لاحد ألحق بالتدخل فيه ؟ ) .. وقد برزت نتائج وقتية كون - التصويت لم ينتهي بعد - بينت أنه ومن بين 2597 مشارك صوت 31 % بنعم وجائت كلمة لا نتيجة 59 % من الاصوات في حين صوت 8 % بكلمة من الممكن و2 % قالوا لا ندري .
لقد كان موضوع ألتصويت صادما بحق عند أول تماس له مع المتلقي والذي لم يتعود في مخيلته أن يواجه هكذا موضوع يحمل من ألخطورة الشيء ألكثير ، حتى اولئك المحسوبين على جبهة حاملي الفكر الداعي الى سبل الحداثة والتوجه بمجتمعاتنا صوب مواقع متقدمة ، هم أيضا لم يألفوا أن يوجه لهم سؤال كهذا وبشكل مباشر يحتاج الى موقف ليس من السهل عليهم اتخاذه وبدون مقدمات تتهيأ من خلالها نفوسهم وتربيتهم وارثهم المتأصل في الاعماق البعيدة من ماضيهم التربوي ، كي يقرروا فجأة هل يبيحون علاقة جنسية مفتوحة على مصراعيها في مجتمع أحرق وبشراسة كل صلة له مع سلوكيات الاباحية المطلقه .. أم أنهم يعارضون ذلك ، سيما وحين لا يتطلب منهم الاقرار من عدمه سوى ضغطة زر . ولم أستغرب حيال ذلك الفرق ألكبير بين عدد الذين قالوا لا واولئك الذين صوتوا بنعم ، اذ أن الاقرار بجواز ممارسة المرأة للعلاقات الجنسية قبل الزواج هو ليس أمرا من أليسر الوقوف معه ونحن لا زلنا وعلى كافة مستوياتنا الثقافية والاجتماعية نحمل في ثنايا عقولنا الباطنة ارثا تربويا يمنعنا من الاختلاء بالمرأة في مكان منعزل مهما كانت الاسباب ، ونحس جميعا بالحرج لو حدثت هذه العزلة حتى لو كانت رغما عنا وحتى لو كانت لا تحمل في حيثياتها شيئا له صلة بعلاقة جنسيه .
ثم ما هي دواعي القفز من فوق حواجزصلدة مؤسسة على هيكل ضخم من الموروثات القديمة والتي يتشرب بها ومنها واقعنا الاجتماعي ومنذ عصور موغلة في القدم لا تبيح لنا هكذا وبقدرة قادر أن نتخطى عتباتها بدون مقدمات موضوعية تنتمي لواقعنا المعاش ؟ .. فالمرأة في مجتمعاتنا لا زالت تنوء بأثقال أعراف لا تعينها على أن تبتسم في الشارع ، فكيف نحاور امكانية أن تطير بجناحين سحريين لتبلغ حيزا خياليا يبيح لها أن تتذوق طعم الجنس مع رجل قبل الزواج ؟! .
يقينا بأن ألمجتمعات المتقدمة في اوروبا والغرب قد أفلحت وعبر مراحل طويلة تخللتها تجارب لا تحصى بأن تنتقل وعلى مهل من حالة قديمة الى اخرى جديدة من العلاقات الانسانية ومنها العلاقات الجنسيه ، وأستطاعت هذه المجتمعات أن تجعل من العلاقات الجنسية باعتبارها أرقى حالات التواصل البشري لتكون حلا بعد أن كانت مشكله ، حيث أزاحت عن كاهلها كل الموروثات المعرقله لحركة ألتجديد ، وقامت بتنظيم صلتها بالفكر ألديني منطلقة من رفض صيغ التسلط ألكنسي القديم لتضع لنفسها نواميس مختلفة تماما تدفع بها للتحرر ألعقلي وألجسدي باتجاه ألقدرة على الخلق والابداع ، وعمدت الى ارساء نظم حديثة بدل التمسك بالموروث الرجعي ، مما جعل الفرد الاوروبي والغربي عموما يحمل ميزة التفاعل مع قوانين الحياة بشكل أكثر تجددا وبنفس متفتحة يملؤها التفاؤل . فأين نحن من هذا حتى نمسك بنهاية ألخيط ونقوم بالتحليق فورا وبلا استعداد في فضاءات غريبة علينا ولم نعشها ولا تمت لدرجة وعينا بصله ، بحيث نغفل كوننا لا زلنا في دائرة العراك عن جدوى الزواج من أربعة نساء من عدمه فنقوم بمناقشة جدوى التجربة الجنسية بلا زواج ؟! .
انني أعتبر – وهذا رأي شخصي – بأن ألخوض في مضمار كهذا الان هو استغفال للقوى ألمعنية بالتحرر في منطقتنا من قبل قوى الردة الفكرية وعلى اختلاف أشكالها ومذاهبها حتى تهيء لنفسها مبررا منطقيا لا ستفزاز الجماهير وامتلاك أمضى سلاح يسهل عليها البدء بردم جميع منابع الفكر التقدمي مستخدمة عنصر ألدين وألاخلاق كوسائل يسهل توظيفها لقتل المناضلين والفتك بهم وتشريد
الالاف من أسرهم بدعوى ألكفر وألالحاد ، ونحن في العراق طالما عانينا من ردة كهذه حينما استخدم الفاشيون والقوميين المتسلطين خلال فترات حكمهم فتاوى ألقتل التعسفي بمباركة متواصلة من رجال ألدين ، وقيامهم بترديد شعار ( ألشيوعية كفر والحاد ) سيء ألصيت على مسامع ألعامة المعدمة لتوجيههم صوب تمزيق لحمة المجتمع ، والوقوف بوجه كل فكرة تقف موقف الضد من تسلط الانظمة الدكتاتورية المقيته .

ألمرأة اليوم تنشد أن تنعم بشيء أسمه التحرر الاقتصادي والتخلص من براثن الفقر والجهل والتسلط الذكوري البغيض ، وتحلم منذ زمن طويل بسن قوانين تأخذ بعين الاعتبار رعاية مباديء حقوق الانسان وتقوم بتنظيم علاقتها بأطراف المجتمع الاخرى على أساس ألمساواة ، والاعتراف بآدميتها وتحرير رفيقها الرجل أيضا من قيود ألعوز وتهيئة الظروف الملائمة لحصوله على عمل يوفر له ولاسرته قوتهم بكرامة وعزة نفس ، وهي واثقة كل الثقة من أنها لو تعدت فعلا عتبة ألحاجة الاقتصادية وخطت نحو التسلح بوعي معرفي يحميها من الزلل أثناء ممارستها لحياتها فانها حتما ستختار رفيق حياتها ألمناسب كما تهوى أن يكون ، دون ألحاجة لممارسة علاقة ستؤدي بها الى مهالك ألدعارة ألمنظمة وتجعل منها سلعة لهو فحسب .