المراة مواطنة ام لا؟ المواطنة اولا



نبيل ياسين
2009 / 3 / 9


احدى المشكلات الواقعية التي تشكل تحديا للفكر العربي هي ان كل ماهو فلسفي وثقافي وحقوقي يتحول الى سياسي وحزبي وايديولوجي. تحرير المراة ليس سلعة سياسية او ايديولوجية. والنسبة التي اعطيت لها في العراق تعتبر النسبة الاعلى بعد رواندا التي تحتل المرتبة الاولى في نسبة تمثيل النساء في البرلمان, حيث تصل الى 48 % في حين تتراوح في السويد وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة بين 14 الى 17 %.
السياسة كانت وراء تخلف وضع المراة في العالم بعد القبيلة. القبيلة في كل دول العالم هي تنظيم ما, اسرة , مجتمع, حزب, ثورة, فحتى الثورة الفرنسية اعدمت ابرز داعية لحقوق المراة وهي الكاتبة المسرحية اوليمب دي غوج التي اصدرت اول كتيب عام 1791 عنوانه اعلان حقوق المراة ومن مواده العشرة:
1- تولد المراة حرة ومساوية للرجل
2-ان مبدا السيادة يكمن اساسا في الامة وهو ليس الا اعادة توحيد المراة والرجل
10- بما ان للنساء الحق في اراقاء- منصة المقصلة فان المساولة تقضي بان لهن الحق في اعتلاء منصو الخطابة
ولم تعترف الثورة افرنسية بالحقوق التسعة ولكنها اعترفت بالحق العاشر فارسلت دي غوج الى الموت فاراقت منصة المقصلة واعدمت عام 1793 بتهمة مناهضة الثورة.
لقد كانت الفضيلة المدنية التي تحولت الى مواطنة عند كثير من الفلاسفة مثل ارسطو وشيشرون وغيرهما منقبة ذكورية لاشأن للنساء بامتلاكها.
اكثر من هذا يؤكد لنا تاريخ المواطنة ان عام 1916 وهو ليس بعيدا جدا عن تاريخ الديمفراطيات الليبرالية شهد في كندا حالة اعتبرت طبيعية فقد عينت امراة بمنصب القاضي في مقاطعة البيرتا. وحين ظهرت في المحكمة جرى الاعتراض على حقها في المكانة القضائية على اساس انها كامراة ليست (شخصا) بنظر القانون العام الانجليزي الذي لم يمنح المراة حق الانتخاب الا عام 1919 بعد نيوزيلندا التي اقرت هذا الحق كاول دولة عام 1897 وبعد ذلك بمائة عام في 2003 رفض البرلمان الكويتي مشروع قنون بمنح النساء حقوقا سياسية كاملة .
لقد كان اكثر الفلاسفة المثاليين رجعيين في قضايا المراة وافلاطون خرج قليلا عنهم في الجمهورية حين (سمح) للمراة ان تكون ضمن النخب الحاكمة.
لم تصبح قضية المراة قضية اساسية الا عام 1890 في امريكا حين اصبح مطلب حق المراة في الاقتراع هما على مستوى الولايات الامريكية.
نفتقر الى ماهو فلسفي , اي الى ماهو جوهري ليكون حقا وليس خلافا سياسيا بين هذا الحزب او ذاك.
العلمانية ادخلها العرب في صراع سياسي وحزبي بدون اي معنى فلسفي او حقوقي فحزب البعث وغيره من الاحزاب الشمولية القومية واليسارية ادعت العلمانية وخربتها بمصادرة الحريات والقمع والفكر الواحد والحزب الواحد والراي الوا واعلام السلطة الواحد وتعليم السلطة الواحد وثقافة السلطة الواحدة ثم انها تدعي العلمانية , تلك الفلسفة العظيمة التي تنطلق اساسا من فلسفة الحقوق الطبيعية واهميتها ووقفت ضد الكنيسة وطالبت بفصل الدين عن الدولة بسبب تدخل الكنيسة في الحريات السياسية والمدنية والاجتتاعية فيما الاحزاب الشمولية حلت محل الكنيسة فصادرت جميع الحقوق حتى حقوق الطبقة العاملة التي نادت بدكتاتوريتها.
دعونا نرى الامور بشكل اكثر تاريخية:
حقوق المراة موضوعة حديثة نسبيا ظهرت في نهايات القرن التاسع عشر : المفارقة ان الملكة امرأة تحكم امبراطورية بينما القانون لايسمح للمراة بممارسة السياسة او الدخول الى البرلمان.
اساطير متداولة بطريقة انشائية لن تحل المشكلة مثل المراة نصف المجتمع , والمراة ام واخت وزوجة, والمراة انسان مثل الرجل
المراة حالة تاريخية مثل المجتمعات التي تعيش فيها.ماهي فلسفة المجتمع لنعرف ماهي حالى المرأة. فلسفة المجتمعات الاوروبية وصلت الى حد التساوي في الحقوق.واضافت اليها حالات تفوق في بعض الاحيان في الرعاية الاجتماعية والخدمات.لم تتم المطالبة باعتبار المراة ذكرا و ولم اام المطالبة باعتبار المرأة مسترجلة وهذه من مشكلات تحرير المراة في العالم العربي .
ومن المشكلات الاخرى ان تحرير المراة بدأ اجتماعيا وثقافيا كما لدى قاسم امين وجميل صدقي الزهاوي ومعروف الرصافي وانتهى سياسيا داخلا في صلب الصراع السياسي والايديولوجي في العالم العربي.ليس الحجاب ضد تحرير المرأة وليس السفور تحريرا لها.مايحرر المرأة هو الايمان الحر بالحقوق المشتركة بين جميع افراد المجتمع.الايمان بالحرية الشخصية حتى لو كانت هذه الحرية الشخصية تقود المرأة الى مخدع الزوجية لتكون زوجة فقط. فهذا خيارها الحر اذا كان دون اكراه. لذا ليس جريمة ان تسمع نساء يعتبرن الحجاب حالة حرية. دعوهن ينلن حريتهن لكي تنال الاخرى حريتها في نزع الحجاب. اقول ذلك لان معظم الاراء السياسية تطلق من الحجاب والتدين لتدين حالات اضطهاد المراة. بينما تضطهد المراة السافرة في عنف منزلي يجعلها في احط درجات الكرامة وتضطهد المراة في بعض الدول العربية والاسلامية وهي غارقة في اغلى الحلي ورافلة في ابهى الثياب وساكنة في افخم القصور ومحاطة باتفه المجلات ومع هذا يحرم عليها قيادة السيارة كما في السعودية.
المراة في العراق اليوم لاتحتاج الى تحرير من لباس الرأس وهي تخرج الى مساطر النساء لتعمل في اشق اعمال البناء وتتعرض الى تحرش جنسي وخرق اعتبارووصل الامر الى ان تعمد نساء لبيع اطفالهن دون ان تكون هذه القضية على برامج الاحزاب السياسية ولا على برامج منظمات المجتمع المدني الفاسدة المشغول اكثرها بكيل المديح للسلطة والوزارات لانها تقبض من هذه الجهات وتتسى ان في العراق ثلاثة ملايين ارملة يفتقرن الى ابسط التشريعات الضامنة للحصول على رغيف الخبز وغرفة السكن وحماية الاطفال.وفي العراق برلمان يمثل اغلب الاحزاب السياسية التي صدعت رؤسنا عن مبادئ وشعارات انسانية من اجل الشعب والوطن تشغل نفسها بتشريعات لتقاعدها ورواتبها والحصول على قطع اراضي وامتيازات وجوازات سفر دبلوماسية مدى الحياة بينما اكثر من 12 مليون امراة في العراق ( نسبة الاناث 60 بالمئة من السكان بسبب الحروب والاعدامات والتفجيرات والاغتيالات التي لاتجد اية دراسة من الاحزاب) يعانين من غياب الحقوق بما فيها حق الحصول على راتب تقاعدي لشهيد او قتيل سقط في الميدان.
لايمكن الحديث عن المراة في يوم المراة فحسب.ولايمكن الحديث عن المراة من خلال منظمات سياسية وايديولوجية تحول الاطار الحقوقي والثقافي للمراة الى سلعة سياسية. ان الحديث عن حقوق المراة هو حديث عن حقوق المواطنة الاساسية , الحقوق السياسية والحقوق المدنية والحقوق الاجتماعية. وبدون بحث مبدأ المواطنة لن يكون هناك حق للمراة لان الرجل في العالم العربي وبلدان الشرق الاوسط ودول كثيرة في العالم لايملك حقوق المواطنة.