بيان نعي : رحيل المناضل الشيوعي السوري الفلسطيني فارس مراد



المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
2009 / 3 / 10

دمشق ، نابولي ـ باريس
9 آذار / مارس 2009

بيان نعي :
سوريا تودع المناضل الشيوعي الكبير فارس مراد

ينعى "المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سوريا" إلى جميع المناضلين من أجل الحرية والتقدم في سوريا والعالم المناضل السوري ـ الفلسطيني فارس مراد الذي توفي صباح اليوم عن 58 عاما في مشفى دوما بعد معاناة مريرة مع المرض تسبب فيها اعتقاله لما يقارب ثلاثين عاما في سجون ومعتقلات الديكتاتورية في سوريا ، فضلا عن التعذيب الذي تعرض له في بداية اعتقاله في سجن تدمر الصحراوي.
وكان المناضل مراد اعتقل في 21 حزيران / يونيو من العام 1975 مع ثلاثة عشر مناضلا آخر من رفاقه في " المنظمة الشيوعية العربية " على خلفية مشاركتهم في التصدي للنفوذ الأميركي في سوريا ، فضلا عن استشهاد رفيق آخر لهم في مواجهة مع أجهزة النظام ـ الحارس الأمين للمصالح الأميركية والإسرائيلية في المنطقة .
قضى فارس مراد ستة عشر عاما من فترة سجنه في معتقل تدمر الصحراوي العسكري ، بينما توزعت الفترة الباقية على سجن صيدنايا العسكري وسجن عدرا ، وفروع أمنية تابعة لأجهزة المخابرات السورية ، قبل أن يطلق سراحه في 31 كانون الثاني / يناير 2004 بعد أن أصبح وضعه الصحي كارثيا .

نتيجة للتعذيب الذي تعرض له ، و لظروف الاعتقال الرهيبة في جحيم تدمر الصحراوي ، أصيب فارس مراد بحالة " التهاب الفقرات اللاصق " ، وهو ما نجم عنه انحناء في عموده الفقري وتصلبه بشكل منحن بزواية 45 درجة تقريبا ، وبنسبة عجز في الأداء الوظيفي ـ الفيزيائي للجسد بحوالي 70 بالمئة حسب تقارير الأطباء . وقد أدى هذا إلى ضغط كبير على الرئتين والقصبة الهوائية وصعوبة بالغة في التنفس .

ولد المناضل فارس مراد العام 1950 في مخيم النيرب قرب مدينة حلب لأبوين فلسطينيين ، وشارك منذ أن كان في المرحلة الثانوية في المقاومة الفلسطينية في الأردن ولبنان قبل أن يصبح عضوا في النواة المؤسسة لـ " المنظمة الشيوعية العربية " ـ فرع سوريا . ولم يمنعه نضاله السياسي والعسكري من الاهتمام بالجوانب الثقافية ، حيث انخرط باكرا في عضوية النادي السينمائي بدمشق ، وشارك في مجمل نشاطاته ، يوم كان علامة مضيئة في الحياة الثقافية السورية.

اعتقل فارس مراد في 21 حزيران / يونيو 1975 إلى جانب ثلاثة عشر رفيقا من رفاقه ، أبرزهم الكاتب والروائي عماد شيحة ، والمناضلة جميلة البطش وهشام القاسم وهيثم نعال ، الذين حكموا بالسجن المؤبد ، بينما أعدم خمسة من رفاقهم ، وهم غياث شيحة ( شقيق عماد) ، و علي الغضبان وعلي الحوراني ومحمد خير نايف و وليد عدوان . وقد استشهد رفيق لهم ( زهير شقير) خلال مواجهة مع أجهزة السلطة المدافعة عن المصالح الأميركية.

هذا وسيشيع جثمان المناضل فارس مراد عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر يوم غد الثلاثاء بتوقيت دمشق ، 10 آذار / مارس 2009 ، من مشفى بلدة دوما ، حيث من المنتظر أن يشارك في تشييعه المئات من المناضلين والمعتقلين السياسيين السابقين.

وإذا كان من مفارقة في الرحيل المفجع للرفيق والصديق فارس مراد ، وهو الذي قضى مع رفاقه ثلاثة عقود في سجون الديكتاتورية عربونا لصداقة النظام السوري مع واشنطن وانخراطه العضوي في مشاريعها المشبوهة في المنطقة ، فهو أن رحيله يتصادف مع اتصالات مكثفة بين النظام والإدارة الأميركية من أجل الحصول منها على تجديد الوكالة التي منحتها له منذ أواسط السبعينيات لإدارة مصالحها الأمنية في المنطقة ، قبل أن تسحبها منه ، ولو جزئيا ، قبل أربع سنوات!

الخلود لذكرى الرفيق والصديق فارس مراد ، ولنا الوفاء من بعده للقيم التي آمن وناضل من أجلها ، ولم يتخل عنها حتى النفس الأخير

في 9 آذار / مارس 2009

[email protected]