( الكوتا ) خطوة لابد منها



صلاح بدرالدين
2009 / 3 / 11


لو تابعنا برامج وخطط وشعارات أحزاب ومنظمات حركة المجتمع المدني العاملة منها في أطر التحرر الوطني أو في المجتمعات الأكثر تقدما في الظروف السرية تحت ظل قوانين الطوارىء والأحكام العرفية وأنظمة الاستبداد أو في أوضاع توفر هامشا للعمل الديموقراطي التي تهدف لانتزاع حقوق الشرائح والفئات المحرومة المعرضة للاضطهاد في البلدان المختلفة ( مثل المرأة والقوميات الأصغر عددا والأقليات الأثنية والدينية ) طوال التاريخ وحتى في الأزمنة الحديثة نرى أن المطالبة بالاعتراف والتمثيل النسبي تتصدر أجندتها اعتراف بالوجود أولا والمعاناة ثانيا والحقوق ثالثا والتي لن تتحقق الا بتجسيدالتمثيل النسبي العددي لتلك الفئة أو الشريحة أو المكون من خلال النص الدستوري في كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية وقد نرى في بعض البلدان وصول المرأة في دورات معينة الى البرلمان بواسطة السلطات الحاكمة أو الأحزاب وتخفق في الوصول في دورات أخرى لارتباط المسألة بمزاج الحكام والأحزاب وعدم توفر مايلزم التمثيل النسبي دستوريا وقانونيا الذي من الصعوبة تخطيه أو تجاهله .
هناك بلدان عديدة حددت نسب التمثيل للمرأة والفئات والمكونات الأخرى في السلطتين التشريعية والتنفيذية وحتى في الجهاز القضائي وتمخضت عنها نتائج مشجعة على صعيد المشاركة والحراك الاجتماعي وتحقيق المنجزات في ظل المساواة والوحدة الوطنية ولابد هنا من توضيح أن معظم الحالات التي تتم فيها الاقرار بالتمثيل النسبي ( الكوتا ) لايعني التوقف عند الرقم المحدد وعدم تجاوزه بل أن المواد الدستورية والاشتراعية تنص على " أن لايقل التمثيل عن الرقم المحدد كذا " وهذا يعني أن النسبة ليست جامدة بل قابلة للزيادة ومن حق أي مكون أو حزب أن يرشح في قائمته نساء أو شخوصا من القوميات والأقليات التي تحددت لها نسب التمثيل ومن حسنات ( الكوتا ) أيضا وبمجرد تحديده يعني الاعتراف الرسمي بالوجود والحقوق والسماح بالتعبير عن الذات والمعاناة والمطالبة بالحقوق حسب الارادة الحرة وعبر الشرعية وتفادي عزلة تلك الفئات والشرائح بتفاعل قضاياها مع الهم الوطني العام وايجاد الحلول التوافقية التي تحظى بارادة الغالبية على ضوء المصالح الوطنية العليا وهي ضمانة استراتيجية للحفاظ على تلك المكاسب والانجازات وتطويرها دائما وأبدا ولاأخفي هنا أن الحركة القومية الكردية السورية التي أنتمي اليها تناضل منذ نصف قرن من أجل تحقيق أحد أهدافها الرئيسية وهي الاعتراف بالوجود الكردي رسميا ودستوريا وتمثيله حسب نسبته من سكان البلاد وهي 15% في كافة المؤسسات والقطاعات في الدولة السورية وكنت قد طرحت تجربة اقليم كردستان العراق كنموذج في هذا المجال على صفحات – الحوار المتمدن – حيث قرر البرلمان بأن لايكون – كوتا – النساء أقل من 30% بدلا من 25% وكل من الشعب التركماني والشعب ( الكلداني السرياني الآشوري ) بخمسة مقاعد والشعب الأرمني بمقعد واحد وعمر عضو البرلمان بخمسة وعشرين بدلا من ثلاثين .
موضوع بحثنا يتعلق أساسا وبمناسبة عيد المرأة العالمي ب – كوتا – النساء ولكن من حيث المبدأ فان ذلك النظام مفيد ليس للمرأة فحسب بل يسري تأثيره الكبير في مختلف الشرائح الوطنية كخارطة طريق للحل السلمي الديموقراطي لقضاياها .