المرأة ويوم 8 آذار - لن أتحدث اليوم سوى عن الورد المزروع خلف الريح



دينا سليم حنحن
2009 / 3 / 12

أرسل أحر التهاني الى عقل المرأة في يوم عيدها وأدعو له بالسلامة!
أليس هو يوم مطالبة المرأة بحقوقها، فان راح العقل فماذا تفعل بالحقوق، فالعقل زينة!



لن أستتر خلف أسماء لامعة دونّت وتكرر تدوينها، فقد مللتها، بداية من كيلوباترا، مرورا بالخنساء وانتهاء بالمغدورة بنازير بوتو. بل أطالب بأسماء جديدة تتخطى منصة المعقول في زمن اللامعقول.
وهل للمرأة العربية أن تتخطى ثوب الحداد لتقف على منصة العالم المكشوف وتقول أعيدوا لي ما فقدته!



ترى
كيف احتفلت المرأة في فلسطين؟ أكيدة أنها لبست أفضل ما عندها من ثوب أسود، أو ربما غادرت الى الحقل لتساعد رجلها في قطف بعض الباذنجان الأسود، كي تعيل أسرتها ولم تعرج لتتذوق العنب الأسود، لا داعي للتذوق، فالعنب الطازج والمخمر أصبح من اختصاص الفقراء فالأغنياء في الغرب، يتناولونه في أعياد المرأة وفي العطل الأسبوعية، التي تأتي سريعا، عطلة بعد عطلة، كما هو الحال في الشرق الأوسط قتل بعض قتل، وموت بعد موت، وقبر بعد قبر، وأتساءل، هل بقي مكان للقبور، أخشى أن تبنى القبور طوابقا، أخشى ذلك! لكني أقول للمرأة وعلى لسان فكتور هوجو :( أيتها المرأة إن صغر العالم فأنت تبقين كبيره).



وكيف كان لها هذا اليوم في لبنان؟ وأنتهز الفرصة وأقول لمي شدياق، كلنا معك، وكلنا أصابعك التي بقيت تكتب، وكلنا عقلك الجميل، فالعقل جمال!



هلا استراحت المنصات والمنابر من وجوه الرجال، ولمّ لا تحتلها وجوه بيضاء جميله حالمه مبتسمه مثل وجه المرأة التي دائما تطالب بالاستقرار وعودة الحب الى الارواح الميتة، فقلب المرأة يتسع لكل حب آتٍ وحنانها يفوق كل التصورات، دعوا المنصة تحتلها المرأة يا أيها الرجال، فعصركم جلب لنا الكثير من الظلام، إننا نحلم بالنور، ألم يقل (شكسبير) أن المرأة هي كوكب يستنير به الرجل ومن غيرها يعيش الرجل في ظلام!



وهل احتفلت المرأة في العراق، ألا تزال الأمهات تقص لأطفالهن قصص الألم المستمر؟ ماذا سنقول لها، كل عام وأنت بخير، وكيف ستكون بخير وقد فقدت الاعزاء، هل نقول لها، يعيده عليك، ماذا سيُعاد عليها؟ القتل، الموت، الاقتناص، الارهاب، القمع، الذل، التهجير والخ الخ الخ من الحكايا المفزعة.



قال أحدهم بعض النساء تموت في الثلاثين وتدفن في الستين)، في الغرب يلغي هذا الكلام!



كانت جولتي اليوم مع إحدى النساء الأستراليات اللواتي وجهن لي الدعوة ولعدة صديقات الى بيتها لنرى مشروعها التي أقامته بعد أن أحالت نفسها الى التقاعد، والاحتفال بيوم المرأة معا، المرأة هنا تحتفل لأجل نفسها، ويحتفل بها العالم متفاخرا بها، ومنجز صديقتي كان (عملاقا) لا يساوي أي منجز بسيط تقوم به المرأة العربية أثناء الحروب، وانتشار الجوع، ووقت الفقر، ووقت التدهور الاقتصادي، وحيث تكون معيلة لظروف معيشية سيئة يخلقها لها الرجل، عدا عن فترات الاستقرار، تزرع الخضروات في حديقة بيتها كي تكسب قوت الغد لها ولأطفالها. أما صديقتي تزرع الزهور (وليس بيديها)، والمرأة في بلادي تتشقق أصابعها وتدمى وهي تقطف الخضروات من الحقل.



مشروع صديقتي زرع الزهور النادرة، في مزرعة كبيرة خاصة بها، يعمل فيها عشرة أشخاص وتراقبهم من بعيد، بأظافرها الاصطناعية المطلية بثلاث ألوان وردية.
وحقل الزهور أشبه بأن يكون جزء من حدائق (قصر فرساي) في فرنسا، والمكوث هنالك لفترة طويله يضرّ المصابين بحساسية الربيع.



بدأت بمقارنة الأشياء وأنا أقسو على عقلي، أرى زميلتي في الخمسين من عمرها، متأنقة، فخورة بنفسها، تعاني من الحيوية الزائدة، ضحوكة مبتسمة، وأنا صامتة أمامها. همست في أذني ورائحة عطرها ينخر أنفي فعقلي، فكما قلت سابقا العقل هو الحياة، ألحت في سؤالي عن صمتي ولم أجد لها جوابا تفهمه، فمن أين أبدأ بالسرد، ماذا اشرح لها، وإن قلت، كم سنة سأبقى أبوح وأقول؟ ربما ألف سنة، وهل أعيد (أمجاد) المرأة (شهرزاد) وما صنعته في عقل الرجل (شهريار)، قلت في عقلي، اصمتي يا دينا، فالعقل زينة الحياة، فصمتُ، لكن ليس الى الأبد.