حجاب المرأة بين التقاليد الاجتماعية، والبيئة، والموروث الديني.....41



محمد الحنفي
2009 / 3 / 14

إلى:

• الحوار المتمدن في جرأة طرحه للمواضيع الشائكة، والساخنة، التي تقف وراء حركة الفكر التي لا تنتهي.

• كل امرأة ناضلت من أجل إعادة النظر في القيم التي تكرس دونيتها.

• من أجل امرأة بمكانة رفيعة، وبقيم متطورة.

• من أجل كافة الحقوق الإنسانية لكافة النساء.

دور التقاليد العشائرية، والاجتماعية، في تحقيق فرض الحجاب:.....27

وهذه النتيجة التي قادنا إليها التحليل، تقود إلى طرح السؤال:

هل يؤدي إجراء انتخابات حرة، ونزيهة، إلى تمكين كل شعب من شعوب البلاد العربية، وباقي بلدان المسلمين، من فرض احترام إرادته، عن طريق اختيار مؤسسات تمثيلية حقيقية.

وهل يؤدي ذلك إلى إيجاد حكومة ترعى مصالح الشعب في كل بلد عربي، وفي باقي بلدان المسلمين؟

إن هذا السؤال المتفرغ إلى سؤالين يكاد كل منهما يكون رئيسيا، رغم ما يمكن أن يقال عن ارتباطهما الجدلي، يطرح إشكالية الديمقراطية في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين.

هل توجد ديمقراطية حقيقية قائمة على أرض الواقع، وبمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية؟

أم أن ما نسميه بالديمقراطية في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، هو مجرد ديمقراطية الواجهة، التي لا تعني شعوب هذه البلدان بقدر ما تعني الجهات الخارجية؟

ففي الحالة الأولى، نجد نجد أن إجراء انتخابات حرة، ونزيهة، يمكن أن يؤدي إلى فرض احترام إرادة الشعب في كل بلد من البلاد العربية، ومن باقي بلدان المسلمين، عن طريق اختيار مؤسسات تمثيلية حقيقية؛ لأن تلك المؤسسات، ستعمل على إيجاد حكومة من أغلبية المؤسسة التشريعية التي ترعى مصالح الشعب، وستعمل على ملاءمة القوانين المحلية مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وستعمل على إيجاد مخططات سنوية، تقوم الحكومة بالإلتزام بها، من أجل تحقيق طموحات الشعب في التمتع بالحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، وفي كل بلد من البلدان المذكورة.

أما في الحالة الثانية، فإن الانتخابات لا تكون حرة، ولا تكون نزيهة ولا تؤدي إلى فرض احترام إرادة الشعب، وفي أي بلد من البلاد العربية، ومن باقي بلاد المسلمي،ن ولا تفرز مؤسسات تمثيلية حقيقية، بقدر ما تفرزها على مقاس الطبقات الحاكمة، الساعية إلى تحقيق طموحات أي شعب من الشعوب المذكورة، ولا تفرز حكومة من أغلبية المؤسسات التشريعية، بقدر ما تخدم مصالح الطبقات الحاكمة، عن طريق إصدار قوانين مجحفة بحقوق الشعب، لخدمة مصالح الطبقات الحاكمة المستبدة بالاقتصاد، والاجتماع، والثقافة، والسياسة.

فإيجاد حكومة ترعى مصالح الشعب، رهين بإجراء انتخابات حرة، ونزيهة، فارزة لمؤسسات تمثيلية حقيقية.

أما إذا لم تكن الانتخابات إلا مزورة، أو قائمة على شروط غير سليمة، فإن الحكومة لا تعبر عن احترام إرادة الشعب، ولا تخدم مصالحها، بقدر ما تخدم مصالح الطبقات الحاكمة في كل بلد من البلاد العربية، ومن باقي بلدان المسلمين.

وبناء على قيام أحد الاحتمالين، فإن الشعب سيتمتع بكافة حقوقه الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، أو سيحرم من تلك الحقوق جملة، وتفصيلا، مما يفرض على كل شعب المزيد من النضال، وعلى جميع المستويات، من أجل انتزاع المزيد من الحقوق التي لا بد أن تمكنه من فرض احترام إرادته.

وفي حالة احتمال قيام حكومة منبثقة عن احترام إرادة الشعب:

فهل تقوم هذه الحكومة بالانفتاح على المعارف المتقدمة، والمتطورة، والمؤدية إلى تراجع الاهتمام بالمعارف التقليدية ،الفارزة لظاهرة الحجاب باشكاله المختلفة؟

إن أية حكومة تأتي كإفراز لانتخابات حرة، ونزيهة، لا يمكن أن تكون إلا منفتحة على المعارف المتقدمة، والمتطورة، من اجل التماس وسائل خدمة مصالح الشعب الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية؛ لأن الوسائل المذكورة لا يمكن إدراكها وإدراك نجاعتها إلا بالمعرفة المتقدمة، والمتطورة، بقطع النظر عن كونها من إنتاج البورجوازية، أو البورجوازية الصغرى، أومن إنتاج منظري الطبقة العاملة، أو لها علاقة بالعلوم، والتقنيات الدقيقة. وبالمعرفة التي لها علاقة بوسائل التقدم، والتطور في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.

ومعرفة من هذا النوع، وهذه أهميتها، لا يمكن أن تقوم إلا على أنقاض الاهتمام الزائد بالمعارف التقليدية المتخلفة، المنتجة لأشكال أدلجة الدين الإسلامي، وأشكال الاهتمام بالخرافة، وفي جميع المجالات، وعلى جميع المسويات، ولمؤدلجي الدين الإسلامي، وللأحزاب، والإطارات التي ينتظم في إطارها هؤلاء المؤدلجون، الذين يتحملون كامل المسئولية في إنتاج كافة مظاهر التخلف التي سجنت البلاد العربية، وباقي بلدان المسلمين في إطارها، لقرون طويلة، ولعقود القرن العشرين. ويمكن أن تستمر في سجن هذه البلاد في العقود، والقرون المقبلة. والمعارف التقليدية المتخلفة التي يقوم على أنقاض الاهتمام بها الاهتمام بالمعارف المتقدمة، والمتطورة، هي التي تقف وراء إشاعة أشكال حجاب المرأة كمظهر من مظاهر التخلف الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، الذي تعاني منه المرأة.

ومعلوم أن انفتاح حكومة منبثقة عن انتخابات حرة، ونزيهة، على المعارف المتقدمة، والمتطورة، لا بد أن يؤدي إلى اشاعة هذه المعرفة التي تقوم بكنس المعارف التقليدية من الوجود، وعلى جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثاقفية، والسياسية، حتى تصير المعارف التقليدية في ذمة التاريخ، ومن أجل ضمان قيام أسس التطور المعبر عن قيام ديمقراطية حقيقية. ذلك التطور الذي يعمل هو بدوره على إنتاج قيم نقيضة للقيم المنتجة لحجاب المرأة كتقليد اجتماعي، وكواجب ديني، من أجل تكريس انعتاق المرأة من أسر الحجاب، كتعبير عن انعتاق المجتمع، برمته، من أسر التخلف.

أما إذا كانت الحكومة في أي بلد من البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، غير منفرزة عن انتخابات حرة، ونزيهة، كما هخو قائم، فإنها لا تاخد من المعارف المتقدمة، والمتطورة، إلا ما يخدم المصالح الطبقية للطبقة الحاكمة، مع الحرص على إشاعة المعارف التقليدية المنتجة لظاهرة الحجاب بأشكاله المختلفة، حتى يستمر التخلف في شموليته، باعتبار ذلك التخلف هو عين التمسك بالدين الإسلامي. وهو أمر، في واقع الحال، لا علاقة له بالدين الإسلامي.

ولذلك فالتمسك بقيام حكومة منفزة عن انتخابات حرة، ونزيهة، يعتبر مسألة أساسية بالنسبة لأي شعب من شعوب البلاد العربية، ومن شعوب باقي بلدان المسلمين، من أجل الانخراط في حضارة القرن الواحد والعشرين، بما لها، وما عليها، من منطلق أن الحكومات المستبدة لم ترع إلا التخلف، الذي أنتج لنا ظواهر الإرهاب المختلفة، وفي جميع أنحاء العالم، والذي لا يمكن التخلص منه إلا بالتربية على الديمقراطية، وحقوق الإنسان، وباعتبار المعارف المتقدمة، والمتطورة، لتحديث مجالات الحياة المختلفة، التي تتيح الفرصة أمام الانفتاح على العصر الذي نعيشه، ومن أجل مغادرة دهاليز، وكهوف العصور الوسطى المظلمة.