دور المراة الهام في تحقيق دولة مدنية حديثة



عماد علي
2009 / 3 / 18

كما هو حال الرجل او اكثر، فان للمراة مكانة اكثر اهمية في مسيرة تقدم اي بلد و تطوره لاسبابها المعلومة، و استنادا على دورها في البيت و المدرسة و المجتمع بشكل عام . فمن الضروري ان تتوفر مقومات تنفيذ الخطط و البرامج و الاجندات الخاصة لمساعي الشعوب في تطوير مجتمعاتها و اجيالها و في مقدمتهم المراة التي لها دورها الفعال في بناء الاسس و القاعدة الصلبة للدولة الديموقراطية العلمانية المدنية الحديثة ،و هذه بديهية لا غبار عليها و لا تحتاج لجهد معين لمعرفتها ، اما الاهم هو مكان العمل الخاص بالمراة و التي يكون لها التاثير الكامل على التغييرات الجذرية في البنية التحتية و الفوقية لاي مجتمع . و المرحلة التاريخية الحالية في العديد من المناطق في العالم توفر لحد ما الفرص امام امكانية تحقيق التساوي التام و عدم التمييز بينها و بين الرجل ، و ربما الواجبات الاساسية التي بامكان المراة تنفيذها تزداد و تكون اكثر دقة و اتقانا في الاكثر المجالات تاثيرا على تطور اي شعب ، في حال تمكنت من الحصول على اليات عملها .
من المعلوم ان دور المراة يختلف من مجتمع لاخر وفق المستوى الثقافي و الاجتماعي العام و النظام السياسي المعتمد ، او من حيث تباين الطبقات في المجتمع ، بحيث وضوح تقاسم الطبقات و الفئات يكون لغير صالح المراة عندما تكون المرحلة التاريخية متنقلة ، اي المجتمع بحاجة الى تحقيق اهداف تخص الحياة المعيشية لكافة مكونات المجتمع و الوصول بها الى بدايات التساوي و الخروج من عصور الاضطهاد و الظلم و السيف المتسلط على رقابه من قبل الحكومات الاستبدادية . و عندما يتوصل الوضع الاجتماعي الى حال يمكن المراة ان تجاري الرجل و تواكب كافة الاحداث ، و لا تقل اهميتها في كفاحها من اجل تحقيق اهداف الشعب بشكل عام و امنياتها بشكل خاص، انها تكون العامل الحاسم لتغيير الشعوب و الوصول بها الى العلى . و في تلك الاوضاع يمكنها ان توازي الرجل و يمكنها ان تعمل جنبا الى جنب مع الرجل لوضع اللبنات الاولى في بناء الدولة المدنية المنشودة ، و التي يمكن فيها تجسيد و ترسيخ ما حققته و تمنع و تسد الطريق امام اي محاولة لاعادة او الرجوع او الارتداد عما وصلت اليها و ضد ما حققته .
و في الحقيقة ، ان كنا اكثر واقعية و صراحة يمكننا ان نعلن ان مسالة حقوق المراة هي في ازالة الفروقات و تاخر المجتمعات اقتصاديا و ثقافيا و اجتماعيا و هو كاسباب موضوعية اضافة الى تغيرات التي اجريت على دورها عبر المراحل التاريخية ، و ورثنا الاسوء فيما يخصها عن الماضي ، من التخلف و اخفاء دورها في الحياة الى غير ذلك من العوامل ، بالاضافة الى عوامل ذاتية تخص بها ، و عدم امكانها من اللحاق بالرجل في تحقيق امانيها لحد اليوم و في كافة المجالات ، و لم تتحقق اهدافها الا ببناء الارضية الديموقراطية و نظام علماني مدني حديث ، للخروج من الواقع الماساوي المرير في هذه المجتمعات و الوصول بالمراة الى بر الامان .
من المقومات الاساسية الواجبة التوفير هو الفكر و الفلسفة الضامنة لمستقبل الشعب بكافة فئاته ، و بوجود المؤسسات و توفر الحاجات و الضرورات الاساسية الرئيسية . و عند المراحل المتنقلة الوسطية نحتاج الى منظمات مدنية علمبة في خدمة تطلعات المراة ، و الخطوة الاساسية هي رفع نسبة المتعلمات و العاملات في جميع شؤون الحياة بالاضافة الى اهتماماتها المنزلية .
عند تقييم الوقائع التاريخية المتعددة يمكننا ان نثبت بانه لا يمكن تقدم المجتمع و نجاح اية خطة نحو الامام الا بمشاركة المراة الفعالة و دورها الجذري في انطلاقة اية عملية تقدمية ، لكونها العامل الجذري الفعال في البيت و المؤسسات و بها يمكن تربية و تعليم و تهيئة جيل مراد تقدم المجتمع به ، و لا يمكن بناء مجتمع مدني علماني حديث الا ببناء و انبثاق جيل صاحب عقلية منفتحة ذو امكانية للعبور بالمرحلة و اتباع الخطوة الاخرى ، و لا يمكن هذا مطلقا الا بوجود دور المراة الفعال الحقيقي من حيث اختيار النظرية و الفكر او اختيار الاليات و الاساليب و الضروريات او تطبيق الفكر و الفلسفة وجوهر الهدف المنشود ،و ما يهدف اليه الانسان في حياته الخاصة والعامة لاخذ حقوقه و تحقيق امانيه ، و للمراة اختصاصاتها المتعددة و لها القدرة العالية في تنفيذ سلطاتها في جو من الحرية و السلم و الامان ، و هذا يتطلب التوافق بين المظهر و الجوهر .
و كم شاهدنا من الانظمة و الفلسفات و الافكار التي ادعت خيرا و تشدقت بالمساواة و هي تقدمية في الشكل ، و عند التطبيق و كشف المضمون راينا انه مخالف في الارض الواقع لما هو المامول .
فان لم نكن منحازين الى اي نظام او فلسفة ، فيمكننا ان نعلن هنا ان الثقافة البروليتارية الحقة هي الضامنة لحقوق المراة و مشاركة الجميع في تطبيق الفلسفات العلمية و الثقافية اليسارية العامة ، و هي الاكثر اهتماما بما يهم المراة بل تقدم لها ما لمصلحتها و مستقبلها ، و بها يمكن اعادة توازن المجتمع و تدقيق مركز ثقله لتساوي المشاركة من كافة الفئات في البناء ، و وضع الحجر الاساس لبلاد صاحبة مجتمع مدني ديموقراطي علماني حديث .