مناضلة عراقية غيبتها الميليشيات الطائفية



علي الشمري
2009 / 3 / 17

بمناسبة اليوم العالمي للمرأة لا بد وأن نخبر حواء بأن بناتها في العراق الجديد متساوين مع الرجل في القتل والتغييب والتهجير, , قصة حقيقة وليس من نسج الخيال حدثت قبل عامين في مثل هذه الايام, وفي سيطرة الكوفة للشرطة العراقية المندسة فيها ميليشيات طائفية تعمل لجهات أجنبية, ...
لقد خطفت أم لثلاث أولاد تنحدر من عائلة سنية للابوين وعلى الرغم من أرتباطها بزوج شيعي نجفي من عائلة دينية وأدبية معروفة لم يشفع لها من اصرار الطائفيين حرمانها من حق الحياة وتربية أولادها, وجرمها الوحيد الذي ضبط معها والذي بموجبه عوقت عليه هو وطنيتها وحبها للوطن ونبذ الطائفية ومقتها, والتفاني بأخلاص لاجل النهوض بواقع المرأة العراقية المزري في ظل حكم البعث سابقا و أحزاب الاسلام السياسي بعد سقوط النظام.أنها الام والاخت والزوجة والمربية ( أخاء أبراهيم الصميدعي),...

أم علي وردة عراقيه . تفتحت على ضفاف دجله في مدينة الصويره جنوب بغداد قبل أكثر من خمسة عقود وفي بساتين الصويرة خطت أولى خطواتها . طفلة جميلة مفعمة بالحياة لأبوين تعلما في الحزب الشيوعي العراقي حب الوطن والتضحية من اجله بالغالي والنفيس والاصطفاف بالكامل مع القضايا العادلة للناس الشرفاء والانحياز للفقراء والمعدمين من أبناء هذا الشعب .كانت تصغي لكل حديث كان يدور بين والدتها ألسيده ( لطفيه محمد توفيق النقشبندي والسيدة حياة حسن النهر) ووالدها المربي الفاضل(إبراهيم الصميدعي )ورفاقه في لقاءاتهم الحزبية أسرة لاتتحدث إلا بالشأن العام وهموم الناس هذان الأبوان الفاضلان كان ثمرة لقائهما إخاء إبراهيم الصميدعي وهي عنوان للتآخي العربي الكردي الذي يخوض نضالا لا هوادة فيه من اجل عراق المستقبل عراق الغد الديمقراطي . كان عمرها خمسة سنوات يوم زار مدرستها الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم حيث أنشدته أغنيتها المفضلة ( عبد الكريم كل القلوب تهواك أحنه فداك نحمي حماك عبد الكريم ) يقبلها الزعيم فتنطبع ألقبله حبا للوطن ووفاء للزعيم وتنتقل مع والديها إلى بغداد حلم الاسره ومعهم الموروث الثقافي لمدينة الصويره وما أن تستقر أمورهم في بغداد ويتحقق حلمهم الصغير يظهر فوجئتا ذلك الغول ألبعثي لينقض على ثورة الفقراء ثورة الرابع عشر من تموز ويستشهد القائد الملهم وأمل الجماهير الزعيم عبد الكريم قاسم وتتبدد أولى أحلامها وتدفع الاسره ثمن حبها ووفائها لثورتها وزعيمها وحزبها سجنا وتعذيبا كما عذبت وقتلت معظم الأسر ألوطنيه . لكن حب الوطن ظل ينموا وينموا عند أخاء إبراهيم الصميدعي أم علي تسوقها أقدارها إلى القاهرة فالجزائر فدمشق وتحط رحالها في كردستان العراق عام 1992 لتقول (( كردستان هي المكان الحقيقي لتحقيق التغير المنشود ))


في كردستان ساهمت أم علي في تأسيس أول رابطه لنساء العراق التنظيم النسوي للقيادة الوطنية للحركة الاشتراكية العربية كما ساهمت بتحرير صحيفة نداء الشغيله والبث الإذاعي والتلفزيوني لصوت العراق الموحد وتلفزيون العراق الموحد . كانت لا تعرف الملل والكلل في كل نشاطاتها التثقيفية والتنظيمية وهي لاتؤمن إلا بالعمل الميداني وهي كما تقول (( الانظمه الدكتاتورية لا تسقطها معارضه تناضل في الفنادق الفاخرة في كل من دمشق وطهران ولندن )لم تكن في يوم من الأيام تحلم في إن تكون بعيدة عن ارض الوطن أو ترغب في عيشها كما تحلم الأخريات في أوطان ألغربه . عالمها العراق وفي عام 1996 وعند دخول قوات النظام البائد إلى مدينة اربيل كان عليها الهم الأكبر في التخلص من مخازن الاسلحه ومساعدة أسر المقاتلين بتوفير ملاذ أمن لهم والانسحاب إلى مناطق أكثر أمنا . وما أن اسقط النظام حتى شدت الرحال لتكون على ارض الوطن لا من اجل إن تقتطف ثمار سقوط الديكتاتورية بل من اجل إن تقف في وجه الاحتلال الأمريكي لتبدأ مرحله جديدة من النضال مرحلة غيب فيها الوعي الوطني وأصبح الترحيب في الاحتلال سمة المرحلة كما هو التعصب الطائفي والقومي وفي خضم ألمرحلة هذه ووسط هذه الأجواء أختطفت أم علي من قبل مليشيات التعصب الديني . في مثل هذه ألأيام ومنذ عامين واليوم وعندما نستذكرها نستذكر ثلاثون عاما من النضال لامرأة شجاعة كانت مثلا رائعا للأمهات العراقيات ,..
ألا تستحق مثل هكذا أمرأة شجاعة ودؤبة المطالبة بالكشف عن مصيرها من قبل منظماتنا النسوية في العراق ؟؟؟ أين دور المرأة البرلمانية العراقية وأختها في النضال تغيب ؟؟ أين أصحاب الضمائر والمبادي للوقوف بوجه الوحش الديني الكاسر الذي ما زال يفترس خيرة نسائنا المناضلات من اجل رفعة وسمو المرأة العراقية ؟؟فأذا كانت منظماتنا النسوية عاجزة, فنطالب المنظمات الدولية للمرأة بمطالبة الحكومة العراقية للكشف عن مصيرها, عسى أن يسلم رفاتها الى ذويها , أو أن يطلق سراحها أذا كانت على قيد الحياة,
وليعلم المتخلفون أصحاب الافكار الرثة , أن كل بلادي العراق بستان تطرزه زهور جميلات من نون النسوة, وعندما تقطف واحدة , تتفتح المئات من الورود الزاكيات بعطرهن, لتضفي مسحة جمالية تلون المشهد العراقي بأجمل الالوان.............