عيد المرأة



خالد عيسى طه
2009 / 3 / 17

عيد المرأة

تمر السنوات والاحتفالات بتقدير واحترام دور المرأة العربية بشكل عام والعراقية بشكل خاص ولكن للاسف كثيرا من هذه الاقلام هي ذاتها غير متاكدة
من نفسها في اعطاء المراة حقها الحقيقي ومكانتها في هذا المجتمع الذكوري , دعنا نلقي نظرة بسيطة على حالة المراة العراقية التي هي اشد بؤسا واكثر
تعاسة واعمق قسوة في تعامل الحياة معها وخاصة في العراق , ايام الحرب التي دامت ثمانية سنوات مع ايران وايام كابوس الحكم الصدامي الجائر الذي
اهان المراة بتشريع قوانين تسمح بقتل المراة بحجة الشرف وكانت هذه الاحكام تطبق على المناضلات اللواتي رفضن الخضوع لاكاذيب الحكم الديكتاتوري
وطالبوا بصرف الادوية المخزونة للمواطن المحتاج ورفضوا عملية تخزينها الى ان تنتهي صلاحية الاستعمال وكان العقاب هو القتل والصاق تهمة البغاء
وكانت تقطع رؤوسهن من قبل رجال الامن وخاصة ضد الصيدلانيات والطبيبات , اليوم اصبحت المراة تحت رحمة العمائم السوداء منها والبيضاء
والخضراء , الكثير من الناس لا يعلم بان السيد عبدالعزيز الحكيم قد غافل مجلس الحكم المؤقت وصاغ قانونا فيه من المساويئ والافكار الرجعية بحيث
ترجع المراة العراقية الى العصر الحجري , لقد كان السيد الحكيم قد استلم رئاسة المجلس لمدة شهر وطلب مناقشة قانون الاحوال المدنية والشخصية في
المجلس واكد بان اليوم ستتم مناقشة القانون ولا يجري التصويت عليه فخرج عددا من الاعضاء لغرض تناول طعام الغذاء واثناء خروجهم طلب التصويت
وكانت النتيجة عشرة اصوات مع القانون واحدى عشر صوتا ضد القانون مطالبين بالغائه, والغريب ان بول بريمر شخصيا وبتاثير من سكرتيرته الاشورية
رفض التصديق على القانون هذا ,الذي كان يريد ارجاع المراة الى عصر العبودية لقد كان قانون الاحوال المدنية والشخصية قد صدر في زمن الزعيم
عبدالكريم قاسم وبتاثير مباشر من اليسار العراقي الممثل بوزيرة البلديات المرحومة د نزيهة الدليمي وبتاثير كبير من تاييد اليسار العراقي بواسطة المسيرات
الجماهيرية الصاخبة التي وقفت الى جانب المراة العراقية لقد كان قانون الاحوال الشخصية قفزة نوعية حضارية انسانية تقدمية لانصاف المراة
1-- اعطى عبدالكريم قاسم الى المرأة العراقية حق السكن في البيت سنتين متواصلتين بعد حصول الطلاق
2-- اقر الزعيم عبدالكريم قاسم بان لا اعتراف باي زواج يبصم عليه معمم باسم الدين وهذا يعبر عن راي شخصية وطنية عسكرية اذ يقول كيف نستطيع
ان ننسب الطفل شرعيا الى ابيه وليس هناك كتاب مستند وموثق رسميا تحتفظ المحكمة والدولة بنسخة منه ,وبعد فترة قصيرة اصبح كل زواج خارج المحكمة
غير معترف به واصبح لزاما على الجميع تثبيت زيجاتهم في المحاكم
3-- لقد كان الزعيم عبدالكريم قاسم اول رئيس دولة عربية وشرق اوسطية الذي عين وزيرة نسائية والتي هي المناضلة د نزيهة الدليمي وللحقيقة والتاريخ
انقل هذا الكلام عن خالي المرحوم عبدالسلام العطار الذي شغل منصب وكيلا لوزارة البلديات انذاك وكان لا يحب اليسار ولا الشيوعيين الذي قال وبالحرف
الواحد لم ار وزيرا نزيها مثل الدكتورة نزيهة الدليمي التي وهبت خبرتها وطاقتها وتفانيها وكل جهدها للوزارة مما جعلها في مقدمة الوزراء المتميزين
4-- اتفق الزعيم الراجل عبدالكريم قاسم مع قوى اليسار من اجل انصاف المراة التي كانت شوارع بغداد تهتز تحت اقدام نساء الشعلة والثورة في المسيرات
الجماهيرية , وهناك الكثير من الايجابيات الا انه ارتكب خطأ واحدا وهو مساواة المراة والرجل في الارث اذ ان العراقيون لم يصلوا الى الوعي الذي يمكن
ان يتقبلوا شيئا يتناقض مع حكم القران الكريم ومع ذلك كان زمن الزعيم الراحل عبدالكريم قاسم يمثل بداية لعصر ممكن ان يكون ذهبيا لولا الانقلاب الفاشي
عام 1963
لنرجع الان الى القاء الضوء على ما اراده السيد عبدالعزيز الحكيم .....لقد اراد السيد ان يثبت النقاط السيئة الاتية
1-- اراد ان ينشيئ محكمة لكل طائفة اي محكمة للمذهب السني لعقد الزواج ومحاكم للمسيحيين وللصابئة والشيعة والخ اي يصبح عدد اعضاء محكمة التمييز
العليا تعادل اكثر من ثلاث فصائل من الجيش
2-- عدم تسجيل الزواج في اية دائرة رسمية ويكون المعمم هو الموثق والمرتب للزواج وهو الذي يضفي الشرعية على الزيجات
3-- اراد السيد الحكيم اخضاع المراة للرجل حتى في الموافقة على سفرها اي العبودية باسم الدين والعمامة
لقد كانت هناك ضجة كبيرة على هذه التصرفات وعلى ان بريمر كان اكثر حرصا على حقوق المراة من اهل العمائم واذكر في هذه المناسبة اني كنت في
برنامج تلفزيوني مع السيدة سلوى القزويني حيث جرى حوارا بيني وبين السيد الوزير من الائتلاف حامد البياتي وقد وجه لي سؤالا ونحن على الهواء
لماذا تدفعك الطائفية للاعتراض على قانون مستمد من القران ؟ وسالته كيف يستطيع تبرير موقفه من معارضة قانون الاحوال الشخصية والمدنية الذي
انصف المراة ؟وكم كنت سعيدا عندما اشتركت معنا في الحوار السيدة التقدمية الديمقراطية ميسون الدملوجي التي تمثل الشخصية الوطنية وايدتها السيدة
سلوى القزويني الناشطة النسائية الديمقراطية والمعروف بان النساء في جنوب العراق يقومون باكبر المظاهرات التي يطالبون فيها بحقوقهن المغتصبة
السؤال هو كيف اراد الذين سيسوا الدين تدمير المراة العراقية وارجاعها الى الظلام الحالك للعصر الحجري ؟ان المراة العراقية هي الام والزوجة والاخت
والابنة هي امانة في اعناقنا , ان من يتذكر مظاهرات باب الشيخ في عام 1952 وكيف ان الشهيدة ضواهن احتدمت في معركة ضد الشرطة واتهمت بحرق
مركزالشرطة وحكم عليها بالاعدام شنقا حتى الموت ,وكنت وكيل الدفاع عنها واني افخر بان اكون قد اشتركت في الدفاع عن الحق انذاك ولو انها مساهمة
بسيطة ومشيت على نفس الطريق الذي نهجته الى يومنا هذا من اجل حصول المراة العراقية على حقوقها والتي تعيش اليوم اصعب فترة من تاريخ نضالها
واثبات وجودها وجدارتها للوقوف صفا واحدا مع الرجل المطالب بالسيادة والاستقلال السياسي والاقتصادي والفكري من اجل مستقبل افضل

المستشار القانوني خالد عيسى طه المحامي رئيس منظمة محامون بلا جدود