أسطورة الأنوثة



إبتهال بليبل
2009 / 3 / 18

كم توقفت وأنا أطالع مقولة لرجل أعجبتني كثيراً حيث ذَكَر فيها " لو طلب ألي أحدهم أن أعرف المرأة ، وأتكلم عليها لأجبت : هل يمكن أن نشرح عالماً منحنياً بواسطة المستقيم ؟ أو أن نحتفظ بالماء في أيدينا كي نعطيها شكلاً ؟ وهل يمكن الإحاطة بإحساسات الحياة ، والإحساسات الواسعة التي تصف المرأة بأنها المؤتمن عليها ، بفعل طبيعتها وذاتها ؟ ذلك أن من المتعذر أن نختصر المرآة في قوانين دقيقة ، مثلما أننا نعٌرف الدائرة بالمربع ، فالمرأة شبيهة بمحيط الدائرة الذي نحسبه بواسطة القطر : ثمة دائماً كسر عشري يفوتك إلى ما لا نهاية "..... حتماً أن لهذه المقولة معاني كثيرة وعميقة ، حيث أن المرأة تحكمها سياسية العاطفة الشخصية وهي دائمة البحث عن أنظمة البيت الإنساني ، وهذا البحث يحتاج إلى صبر فقد يطول كثيراً ، فهي من كثرة الصبر تصل لمرحلة التعسف في استعماله ، أذن المرأة هنا هي الزمن والصبر شقيق الزمن فيصبح الصبر مألوفاً إليها ، الصبر لا نهاية له عندها ، فحملها يعلمها الصبر ، فهي تمتلك جميع أنواع الصبر أبتدئ من صبر الحب إلى صبر الكره ، فبالرغم من أن صبر المرأة يكون لا حدود له ولا ينتهي في الحب والأمل والرعاية التي تمنحها للآخرين ، والغفران والرحمة التي تنعم بها ، ولكنه لا نهاية له في الحقد الذي تعاقب به ، في بعض الأحيان لشخص من الأشخاص ...
المرآة يا سيدتي تستشعر أي وجود إنساني فهي حدسية ، لأنها تحس بالأشياء، بصورة عامة ، وأنوثتها تلتقط جملةً من خلال الإحساسات ، فأنوثتها مستقرة وساكنة فهي شبيهة بالبحر العميق فيه تكمن حياتها الداخلية ، وعن طريقها تحس بالحياة ، وبطريقة مشخصة ومباشرة ...
فكل إبداع يحدث في داخل شخصيتها يكون مؤنث ، فعندما تبدع المرآة في عمل ما نجد هذا الإبداع قد أستخدم من الداخل لتطرحهُ إلى الخارج ، فهنا تكمن الأنوثة ، وكم قيل وسمعنا عن الأنوثة بأنها سلبية ، حتماً أن هناك خطأ فكري فادح في هذه النظرة ، حيث أن الناس لا يميزون بين السلبية والعطالة في أذهانهم ، وهذا خطأ قد أرتكب منذ زمن طويل ، حيث أكدوا أن المرآة مهيأة سلفاً للسلبية بفعل هرموناتها الأنثوية ، فنجد هناك ترجمة فورية في أدمغتهم الإنسانية عن المرآة مهيأة سلفاً للعطالة ، فالسلبية الحقيقية تكمن في التخلف والخلط الفكري بأن ينظر للأنوثة على إنها سلبية ، فمن الجوهري أن نفهم أن الأنوثة مصطلح ليس له علاقة على الإطلاق بأن الموجود الإنساني أمرآة ...
المرآة كائن إنساني ويحمل طاقة حيث أن الكثير من علماء النفس أكدوا أن الطاقة ليس لها جنس وبذلك تكون النتيجة ليس لها مع ذلك أهمية ، لان الطاقة التي لدينا شيء وطريقتنا في استخدامها شيء آخر ، فلدى كل وجود إنساني في هذا الكون كمية معينة من الطاقة ينبغي عليه أن يستخدمها بطريقة تخلق له التوازن والفاعلية والصحة وتحقق الشخصية ، ولكن قد يكون استخدامها إيجابي أو سلبي وقد يدير طاقاته إدارة جيدة أو رديئة وقد تجمعهُ أو تشتتهُ ، فالأسف نحن لم نتربى إذا صح القول على كيفية استخدام طاقاتنا ، فنحن لا ننظر إلى ( الآلة الإنسانية ) أولاً ثم بعد ذلك إلى سلوكنا ، بل يحدث العكس ، نقوم بتشغيل الآلة قبل إدراك مقدرتها على ذلك ، فتربيتنا تقضي علينا تطبيق عبارة ( يجب عليكِ ) دون محاولة في النظر هل باستطاعتنا ذلك ؟؟؟
الكثير منهم وصف المرأة بأنها كالبحر، هل حاولت يوماً معرفة سبب وصفها بذلك ؟؟ البحر هو الماء ، والماء يتصف بأنه أكثر كلاسيكية وأكثر التصاقاً ، وأكثر واقعية في الغالب والبحر عميق وحذار من هياجهُ فهو غدار أيضاً ولا يترك من يعوم فيه دون توخي الحذر منه ، فثمة هنا خصائص أنثوية منها إيجابي ومنها سلبي تستحق منهم أن يفكروا بالبحر حال ذكر المرآة ...
صورة المرآة التي يحملها الرجل معه دائماً لا تفارقهُ ، فهي الأم والحبيبة ، فدورها إذا كان متوازن ، يكون ذا أهمية عظيمة جدا ، ذلك أن أول صورة يحملها الرجل في داخله هي تلك الأم التي يبقى على ذكراها إلى أن تنتهي وجوديته الجسدية ، فهي جذوره وهي باقي أبداً يتخوف من العدم ومن المرآة ، فهما يذكرانه بالموت والحياة على سبيل الحصر ، فخوفه من المرآة يجعله يرسم لها صورة يحولها فيها إلى مخلوق جميل ويحول ظلامها إلى نور فيتغزل بها ويكتب القصائد والأشعار عنها ...
كما أن هناك أمور في الحياة تجعل منا نؤكد خوف الرجل من المرآة نفسياً منها على سبيل المثال أكثر مصممي الأزياء من الرجال ونادراً ما نجد امرأة مصممة أزياء عالمية ، فهو بقدر المستطاع يحاول أبداء مشاعره لها واهتمامه بها من خلال تحويلهن إلى دمى مطيعة لكل ما يقوم بتفصيله الرجل لها ، وبما أن المرآة لها قابلية الالتصاق فنجدها تلتصق بكل ما يجعلها أميرة جميلة ، أولاً لإرضاء غرورها وأخيراً لشعورها بوجوديتها فهي كما قلنا حدسية وتستشعر كل شيء إنساني ...
التملق والابتسامة والملاطفة هو فعل ذكي جداً لفتح الطريق إلى أعدائنا الجدد وهذا ما يفعله الرجل عندما يقدم للمرآة هدية تضفي لهندامها جمالاً أو عطراً تعشقهُ..
فالرجل يخاف المرأة الحرة والقوية لذلك يتخلص الرجل من هذا الخوف عندما تصبح المرأة شيئاً مستعبداً ، فيستخدم حيلة بسيطة ولا شعورية بأن يقول لها كوني أجمل امرأة في العالم وأرتدي كل شيء ترغبين به لكي تبقي هادئة فأكون ساعتها أنا مرتاح وبعيداً عن مخاوفي الداخلية ...
فالنساء عجيبات فهن قادرات على أعظم التضحيات وعلى أشد ضروب الدمار، يرعبها السكوت ويخنقها التجاهل ، كلامها نظرات ، فالرجل يخاف المرآة لأنه حتماً يعاني من رهاباً عميقاُ مما تمثله المرأة له يقال في الغالب عن أحد المصادر التاريخية أن المرآة دمرت الأسطورة القديمة ، أسطورة الأنوثة ، حين نالت استقلالها وأن الرجل القديم لم يعد ينظر إلى المرآة على إنها موجود مثالي ، وحلم بعيد المنال وشيطان حبيب ....