المراة والقهر الاجتماعى فى السودان



منال حمد النيل
2004 / 4 / 4

تعانى الانثى فى كثير من المجتمعات السودانية من قهر اجتماعى توضع لبناته الاساسية منذ نشاتها الاولى فى اسرتها . فمنذ الطفولة الباكرة يبدا تمييزها عن اخوتها الذكور , وحتى عندما تكون فى رحم الغيب .. لم تولد بعد . يتمنى الاب ان ياتى مولوده ذكرا !..وبينما يكون لاخوتها الذكور مطلق الحرية فى اللهو الطفولى البرىء تبدا محاصرتها هى بالاوامر والنواهى , التى تحد من حركتها وسلوكها العفوى . كما يتم التعامل معها بالعنف لدى اقل هفوة بينما يحدث العكس تماما مع الذكور , فالاب لا يحب ان يربى نزعة الخوف فى ابناءه الذكور بالضرب ..بينما يحرص على تربية وتغذية هذه الغريزة فى البنت .فهى عار . فعندما يولد ذكر يتباهى به الاب باعتبار ان الذكر سندا له فى المستقبل ...ولا تخرج من فمه عند ولادة انثى سوى عبارات الدعاء التى يبتهل بها الى الله .بان يجعل هذه البنت من الصالحات ؟!..فافتراض الاسرة دائما ان البنت مجلب للعار , وان الولد مصدر قوة وسند تدحضه الظروف الاقتصادية والاجتماعية التى مر بها السودان . اذا ان المراة الان تعول الكثير من الاسر سواء كانت اسرتها هى نسبة لظروف زوجها او وفاته او حتى هربه من المسؤلية او..اواسرتها ابويها واخوتها الصغار بعد تدهور اوضاع والدها او وفاته وتخلى اشقائها الذكور عن مسئوليتهم تجاه الاسرة ..فالمراة اليوم فى السودان مسئولة عمليا عن مهام كان يؤديها الرجل ولكن حتى الان على الرغم من مسئوليتها هذه لم يتم الاعتراف بدورها فى المجتمع اذ لاتزال مقهورة ..على الرغم من المبدا الحى ان السائد اقتصاديا هو السائد اجتماعيا الا اننا نجد ان الرجل لا يزال فى كل الاحوال يمارس قهرا عنيفا على المراة حتى وهى تحمل عنه اعبائه ؟!..
التحولات العميقة التى حدثت فى المجتمع السودانى بسببالضغط الاقتصادى والاجتماعى وهيمنة الفكر الدينى طوال السنوات الماضية جعلت وضعية المراة تزداد سؤا اذ اصبحت عرضة اكثر للاستغلال بسبب الحاجة او الخوف .. ومع رياح التحولات التى اكتسحت كل العالم ( ثورة حقوق الانسان والديموقراطية )اصبح على المراة فى السودان ان تتحرك بصورة اكثر فاعلية لاستغلال هذا المناخ لتحقيق مكتسبات لصالح المراة ولاسترداد حقوقها التى انتزعت منها سواء بواسطة التشريعات او العادات والتقاليد البالية الرثة ..
اذا كان ما قلناه على ضؤ حياة المراة فى شمال السودان فان المراة فى اجزاء اخرى من السودان تعانى ما هو اسوا ..ففى غرب السودان نجدها تعمل فى الزراعة والاعمال الشاقة بينما لايعمل الرجل شيئا بلياخذ ثمرة عملها الشاق ومجهودها ليتزوج به من اخرى وربما ثالثة ورابعة ...وفى جنوب السودان تعامل المراة كما تعامل الحيوانات بل الحيوانات تعامل بصورة افضل فى الجنوب لانها ترتبط بالنظرة الاجتماعية للحيوان (كلما زاد عدد الابقار التى يمتلكها شخص ما فهذا يعنى ان سلطته على المجتمع زادت )وغنى عن القول الوضع البائس الذى تعيشه المراة فى شرق السودان وجبال النوبة وجنوب النيل الازرق ..فعدم استقرار هذه المناطق بسبب الحروب الاهلية وعدم تنميتها وتدنى الوعى الاجتماعى العام . تضافر كل ذلك ليترتب عليه عدم وعى المراة بحقوقها ما جعلها تفتقر للوعى بحقوقها ووجودها نفسه كانسان . حيث ترتفع نسبة الامية الى اعلا درجة يمكن تصورها فى هذه المناطق وحيث تعمل العادات الضارة والتقاليد البالية على تحجيم دور المراة واخضاعها ما يجعلها تعيش النفى الوجودى ككائن انسانى بصورة اكثر بشاعة مما تعيشه المراة فى الشمال ..
ان المهمة الاساسية التى يجب ان يلتفت اليها قادة المجتمع المدنى فى السودان بعد احلال السلام . هى جعل رفع القهر الاجتماعى عن كاهل المراة من اولوياتهم التى يجب ا تمضى فى خط واحد مع برامج التنمية والسلام .. فرد الاعتبار للمراة بالتوعية والتعليم وتعريفها بحقوقها . والدور المبدع الذى يلعبه مفهوم الحرية .. الحرية كقيمة تفجير للابداع والخلق : يظل من الاساسيات التى ينبغى الالتفات اليها . خاصة ان هذا القرن هو قرن المراة , فالمراة عانت لعهود طويلة من كافة اشكال القهر والظلم والتمييز وان الاوان لمناهضة كافة اشكال التمييز ضد المراة . لتحصل على حقوقها ..