نساء نسي التاريخ تكريمهم



ديما احمد صالح
2009 / 3 / 23


نساء نسي التاريخ تكريمهم لا يتحدث عن الشهداء من النساء أو المناضلات اللواتي شاركن بالحروب والعمليات الفدائية،لكن المقصود بهذا العنوان اللاجئات الفلسطينيات أمثال جدتي وجداتكم.نساء عانين معاناة لا يستطيع الرجال احتمالها.

المشكلة أن التاريخ عادة يركز على النساء اللواتي كان لهن دور بارز مثل مقاومة الإحتلال أومن قمن بعملية استشهادية أو من لهن كتابات وأشعار بارزة.
أما دور المرأة الفلسطينية اللاجئة فلم يأخذ حقه واعُتبر تحصيل حاصل!!فلم يتم تقدير نساء نسيوا أنهم نساء.نساء وجدوا انفسهم وعائلتهم فجأة بلا بلد! بلا مأوى! بلا هوية!بلا مستقبل!
أي كابوس هذا؟ما طينة هؤلاء النساء اللواتي تكيفن مع أوضاع عجز الرجال عن تحملها !! و شاركن بكل أنواع النضال حيث حافظن على شعب،سياسة،تاريخ، ثقافةوتراث وقمن بنقلها من جيلٍ إلى جيل.

إن اللاجئة الفلسطينية مختلفة عن الرجل من حيث أنها عانت من ثلاثة انواع من التميز:التميز حسب النوع الاجتماعي،التميز على أنها لاجئة والتميز على اساس ان ليس لها دولة.وبالرغم من دور المرأة الفاعل إلا أنه كان على حساب حقوقها ومساواتها مع الرجل حيث أُعتبرت هذه المطالب غير مهمة وتتراجع أمام الأهداف الكبرى مثل التحرير،المقاومة،إقامة الدولة،حق العودة،تقرير المصير وتحرير القدس.ولقد تراجع دور اللاجئة الفلسطينية في مجمل النواحي السياسية ،المدنية،الاقتصادية،الاجتماعية،الثقافية والتنموية عام 1993 عندما تراجع النشاط السياسي للتنظيمات في أوساط اللاجئين مما أدى إلى مزيد من التمييز الإجتماعي وعدم المساواة للمرأة اللاجئة.

بالرغم من الدور الكبير للاجئة الفلسطينية إلا أنها لم تظهر وخاصة بسبب أن الأدبيات التي ناقشت موضوع اللجؤوالتهجير واللاجئين لم تركز على المرأة اللاجئة،كما يوجد نقص في المقابلات الشفوية في روايات النساء مقارنة للرجال في معظم الدرسات التي تم عملها في السنوات الماضية،بالإضافة إلى إهمال التاريخ المدون للتاريخ الإنثي والذي وصفته روز ماري صايغ بتاريخ الجماعات المستثناة من المعرفة،من الثقافة العالية والسلطة وبما أن المرأة هي الأقل تعليماً ووصولاً للسلطة من الرجل،لذلك تم تهميش روايتها.

إن المرأة الفلسطينية اللاجئة لم تكتفي بدورها الإنجابي وإنما شاركت بالنضال والمقاومة مثلها مثل أي رجل ولم يرف لها جفن،كما شاركت بالدور المجتمعي،الدور الإقتصادي،الدور الثقافي والسياسي.

وبما أن المادة هي الأهم في عالمنا حيث أن الإنسان إن لم يحصل على المال فلن يحصل على الطعام،وإن لم يحصل على الطعام فلن يأكل،وإن لم يأكل فلن يعيش،لذلك فإن ما يهمنا في هذا العُجالة هو دور اللاجئة الفلسطينية الإقتصادي.وهذا الموضوع قد تم التركيز عليه بشكل كبير في كتاب ربيحة علان علان "من القرية إلى المخيم ،دور المرأة الفلسطينية اللاجئة في الحفاظ على العائلة 1948 – 1962 .
ويتحدث هذا الكتاب عن الدور الاقتصادي العظيم للمرأة اللاجئة (الريفية) حيث كانت تقوم بواجباتها الانتاجية والخدماتية داخل البيت وخارجه (قبل ال 48 ) مثل الخبز،الزرع،العناية بالحيوانات والخياطة خاصة مع وجود نظام التجنيد الإجباري في نهايات الحكم العثماني حيث كان يؤدي إلى خسارة من عشرة إلى عشرين ألف رجل سنوياً نتيجة حروب تركيا مما جعل لعمل المرأة دور أساسي في إستمرار الأسرة.

بعد حرب 1948 فقد المهجرون الفلسطينيون كل شئ (الأرض،الدخل،البيت)مما جعلهم في أزمة إقتصادية كبيرة.وسنوات اللجوء الأولى كانت قاسية حيث لم يتم تقديم المساعدات الدولية بالشكل المطلوب ولم يكن للأنروا دور مؤثر بعد.مما أوقع معظم الرجال بحالة من الضياع والتيه والضعف فإضطرت النساء اللاجئات أن يقُمن بكافة الأدوار من توفير طعام،شراب وكساء من المدخرات والمصاغ التي حملنها معهن والإستمرار برعاية الأسرة والإنجاب الخ.
إلى جانب معاناة المرأة اللاجئة كان من الواجب عليها أن تتحمل معاناة ومطالب باقي أفراد الأسرة.لقد إضطرت أن تعمل في البيوت لتوفر الطعام ،أن تتسول،تعمل في الحصاد وغيره.
ثم استقر اللاجئين في المخيمات التي تجمّع فيها معظم اللاجئين الريفيين، وذلك بعد أن حلت الوحدات السكنية الثابتة في أواخر الخمسينيات مكان الخيام، كما وسادت مع بداية الستينيات حالة من الهدوء العسكري والسياسي في المنطقة - فلسطين وما حولها.وأصبح للأنروا دور واضح وثابت مما خفف بعض الأعباء التي كانت من مسؤولية المرأة الفلسطينية اللاجئة.

لقد استطاعت المرأة الفلسطينية اللاجئة أن تتأقلم مع الظروف الصعبة - خاصة في سنوات اللجوء الأولى - التي مرت بها وأن تدعم أسرتها بكافة النواحي،حيث خرج من أسر اللاجئين شباب متعلمين ناجحين بالرغم من الحياة الشاقة التي عاشوها،ويعود الفضل بهذا بشكل كبير إلى دور اللاجئة الفلسطينية التي حاربت وناضلت وحافظت على استمرارية أسرتها وحافظت على قضية اللاجئين ونقلتها من جيل إلى جيل.