واقع المرأة العربية في بداية الإسلام لم يعد بداية ....؟



مصطفى حقي
2009 / 3 / 26

ماقبل الإسلام لم يكن هناك ما يسمى بالجاهلية ، لأن العرب كانوا يؤمنون باليهودية والمسيحية ويطوفون حول الكعبة يعززون إيمانهم بمعتقداتهم ولكل إلهه ضمن جدران الكعبة يحجون إليها وفق معتقداتهم الغيبية ، كما يفعل المسلمون اليوم مع اختلاف الرموز ومصدر القوة والانبهار الجمعي .. وكان العرب مجرد قبائل بدائية متصارعة راحلة أبداً تبحث عن الماء الشحيح والكلأ والمرعى لتعيش وإبلها ومواشيها ، والقبائل القوية تخضع الضعيفة منها وتغزوها وتسبيها .. انها شرعة الصحراء صنواً لشرعة الغاب .. وفي مثل هذه المجتمعات الضيقة الجاهلة إلا من العادات والتقاليد العشائرية الموروثة فشروط الحرية الشخصية تكاد تكون معدومة لكلا الجنسين الرجل والمرأة .. وضمن محيط القبيلة فالمرأة كانت تابعة لسيدها الرجل رب العائلة وكم الحياة من حولها كان ضيقاً جداً .. خِيَم القبيلة الإ بل والمواشي وجلب الماء وتربية الأطفال وخدمة الأسرة وحق الزوج الأساسي وهو الحاجة الجنسية .. لا دولة .. لادوائر رسمية .. لامدن كبيرة .. لامدارس ولا تعليم .. لاإعلام لاأخبار سوى مايتداوله الناس شفاهاً من أخبار قليلة عن العشائر المجاورة .. فكل قبييلة تتلقى الأوامر من شيخها وتنفذه بدون تردد وفي كل أسرة يتبع الجميع سيد الأسرة أيضاً بلا تردد .. والقبائل المنتصرة في غزواتها تقتل من تقتله وتسبي الأموال وتسترق الأحياء رجالاً ونساءً وأطفالاً فالرق كان مباحاً واستمر حتى في الإسلام ولم يلغى .. وإن من شرّع وألغى العبودية والرق هم الكفار في أميركا بعد حروب طاحنة بين الشمال والجنوب .. أي أن شرعة تحرير الإنسان من العبودية جاء من أهل الكفر ثم تحوّل إلى شرعة دولية ولم يزل أهل الإيمان خجلين من الاعتراف بتحرير العبيد .. وأما المرأة في بداية الإسلام واستمراراً لم يكن لها أي من الحقوق سوى في خدمة الرجال وتربية الأبناء وإطفاء شبق الذكور .. وانطلاقاً من حظيرة القبيلة .. فدور المرأة كما ذكرنا هو للخدمة وللمتعة ودور الرجال للغزو والقتل وركوب الخيل واعتلاء النساء .. هذا كان حال المرأة في ذلك الوقت وكذلك حال الرجل ... ولكن بتقدم المدنية وانحسار دور القبيلة ونزوحها إلى المدن وتوسع الأخيرة وتنوع سكانها والخضوع لسلطة دولة وافتتاح المدارس وتوسع دوائر الدولة وإنشاء المعامل والمصانع وتنوع مطالب الأسرة وارتفاع النفقات وعجز ربّ الأسرة الرجل عن تأمين وكفاية حاجات الأسرة ، قدّم للمرأة خطوة بل خطوات لمساعدة العائلة مادياً بالدرجة الأولى لسد حاجات الأسرة عن طريق خرق أسوار سجنها التاريخي لتكون المنقذ في الوقت المناسب بدخولها ميدان العمل وكسب الرزق إلى جانب الرجل الذي فوجيء بدور المرأة الإيجابي كمعين مهم في تنشئة وإكمال دربها في الحياة وانكماش النظرية السلبية عن وظيفتها التقليدية إلى قفزة نوعية في إظهار قدرتها الفائقة في مسيرة الأسرة والتي كان يحجب تلك القدرة الخلاقة عبر قرون الظلام مفاهيم الجهل والتعصب الأعمى والفهم الخاطيء لدور المرأة وقدرتها الخارقة والتي في أحيانا كثيرة تكاد تفوق الرجال وتخرق نظرتهم الدونية إلى المرأة فإذا بها تبرز وبجدارة إنسانة متعلمة ومثقفة وتحتل مناصب إدارية وحكومية مهمة كمدرسة وتحمل درجة الدكتوراة في اختصاصها وتنصب كوزيرة وكقاضية وإعلامية وطبيبة حاذقة وتساهم في إجراء العمليات الجراحية مثلها مثل الرجال .. ان الزمن قد تحول في كافة مجالاته ، ولم يعد للماضي يدٌ في صنع الحاضر ، وكما تحول مجال الرجل من مجرد مقاتل غازٍ وممارس للجنس إلى مجالات حياتية متنوعة قد يكون آخرها القتل والغزو والمرأة تحولت إلى كائن معطاء في كل مناحي الحياة الخدماتية آخرها العبودية لمفاهيم السلف غير الإنسانية ففي تبدل الأزمان تبدل الأحكام ونمو وازدهار قيمة الإنسان الحضارية .