أين دولة القانون من المادة 41 في الدستور العراقي ؟



بلقيس حميد حسن
2009 / 5 / 18

نـشرت وسائل الاعلام يوم 14-5-2009 بيانا اطلقنه مجموعة من البرلمانيات العراقيات والنساء الحريصات على نسيج المجتمع العراقي وعلى تطبيق دولة القانون التي ننشدها جميعا لتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية , وجاء البيان مطالبا بالغاء المادة 41 من الدستور العراقي وقد وقع البيان من قبل الاخوات :
ميسون سالم الدملوجي, تانيا طلعت كلي, زكية اسماعيل حقي, عالية نصيف جاسم, سامية عزيز, كميلة ابراهيم بادي, شذى العبوسي, د.أسماء الدليمي..
لم تكن هذه المرة الاولى التي تنادي بها برلمانيات معروفات بنشاطهن الواضح لالغاء المادة 41 من الدستور, والاحتكام للنزاعت الأسرية لقانون الاحوال الشخصية العراقي القديم مع التعديل الذي يتناسب مع حاجات المجتمع العراقي اليوم وضرورات التطور المرحلي , وذلك من اجل عراق متحضر ينظمه دستور وقوانين تكفل للجميع حرية الحياة والعمل على اساس المواطنة لا على اساس الانتماء والتحزبات والمحاصصات الطائفية .
لقد صرخت مجاميع النساء وتنظيماتهن بالاضافة الى منظمات حقوق الانسان كثيرا حول تعديل المادة 41 في الدستور العراقي, لكننا لم نجد اذانا صاغية لكل الصيحات , وقد كتب في ذلك العديد من الناشطات والاحتصاصيات والمفكرين والكتاب والحقوقيين والصحفيين والناشطين الاجتماعيين والانسانيين, كما نظمت بحوثا لدراسة الدستور والرغبة في تعديله كما جرى ذلك على سبيل المثال لا الحصر في مؤتمر دعم الديمقراطية الذي نظم في لندن 2005 وقدم به الكثير من المهتمين بحوثا ومداخلات وافكارا حول الدستور نشرت في وسائل الاعلام العراقية , ولكن دون جدوى , فهل ان الاهتمام بالطقوس والشعائر وممارستها اهم من تنظيم حياة الاسرة العراقية المختلطة من طوائف وانتماءات عديدة؟
وهل هي اهم من حل الخلافات والنزاعات بين الأسر العراقية في جميع المحاكم وتسهيل حلها من قبل القضاة واصحاب الشأن ؟
هل على المسيحي ان يوكل محاميا مسيحيا لحل خلافاته مع اسرته وعلى الايزيدي اللجوء لقاضي ايزيدي وعلى الصابئي ان يوكل محاميا صابئيا او رجل دين صابئيا؟ وماذا لو كان هذا او ذاك من رجال الدين جميعا غير مؤهلين لفهم حقوق الانسان والعدالة الاجتماعية ونحن نعلم ان رجال الدين على اختلاف انتماءاتهم من مسلمين وغير مسلمين لم يكونوا جميعهم قضاة وحكاما عادلين , بل هناك منهم من استغل عباءة الدين تسخيرا لمصالحهم الشخصية , وكل واحد منا ربما لديه حادثة من تلك في حياته , واتذكر هنا ان امراة من جيراننا وجدت في حديقة بيتها يوما دجاجة , فسألت جميع الجيران عنها وبعد ان ايقنت ان لا احد ادعى ملكيتها واحتارت المرأة بالحلال والحرام المحاط بملكيتها للدجاجة , فما كان منها = وهي المرأة الورعة= الا وذهبت بالدجاجة الى شيخ الحي او رجل الدين الذي يعقد قران الناس في المدينة, وحدثته عنها فقال لها هاتها لان ليس لها صاحب فهي من حقي, واعطت المرأة الفقيرة الدجاجة للشيخ الغني وصاحب المال والجاه, وهذه الحادثة حقيقية عايشتها في صغري واعرف المرأة واعرف الشيخ ايضا ولا ادري لماذا استكثر الشيخ الدجاجة على الفقيرة وضمها لنفسه موقنا انه الأحق بالمال الضائع , وعلى هذه الشاكلة سيتم الفصل في القضايا الشخصية , فما اكثر القصص الواقعية التي تتحدث عن شيخ فرق بين امرأة جميلة وزوجها ليتزوجها هو, وماذا ان كانت العائلة من امرأة مسيحية او يهودية ورجل مسلم , حيث يسمح الاسلام الزواج من كتابية ؟
لا ادري مالفائدة من المادة 41 في الدستور ان كنا نريد شعبا لاتتجاذبه الانتماءات , ولا تتصارعه المذهبيات والشعائر والطقوس المستفزة التي تجعل العراقيين يعيشون لماضي اكثر مما يعيشون الحاضر ؟
مالفائدة من ترك اهم الامور والنزاعات الأسرية الى الشيوخ دون القانون الموحد والمحاكم الحضرية, لا سيما واننا نعلم ان الاسرة نواة المجتمع, فان صلحت صلح, وان العدالة بين الناس اساس الملك, والا مامعنى الحكومة ومامعنى الدستور ان تركنا حل النزاعات لأهواء الشيوخ دون ضابط قانوني ينظم حقوق الناس ؟