الغاء المادة 41 من الدستور العراقي والالتزام بقانون الاحوال الشخصية مهمة وطنية آنية



سعاد خيري
2009 / 5 / 24

صيغ الدستور العراقي الحالي في ظل الاحتلال من قبل هيئة يرأسها الحاكم الامريكي بريمر ومن قبل لجنة شكلها على اسس المحاصصة الطائفية والقومية، وفي ظروف غير طبيعية من التوتر والانفلات الامني والقصف الوحشي لقوات الاحتلال للعديد من المدن العراقية والاعتقالات. وعمل على الاستعجال في اجراء انتخابات برلمانية عامة لاقراره، ولاستكمال العملية السياسية الضامنة لادامة الاحتلال . وجرى اقرار الدستور رغم عدم مساهمة اربع محافظات في الانتخابات البرلمانية وعدم تصويتها على الدستور. وجرى الاستفتاء عليه في غضون عشرة ايام، تصاعد خلالها القصف للعديد من المدن العراقية المناهضة للعملية السياسية ، فضلا عن اطلاق حملة اعلامية جبارة سخرت فيها المرجعيات الدينية لتحريم الامتناع عن الاستفتاء على الدستور او رفضه، ودون اعطاء المجال والوقت الكافي لجماهير الشعب لدراسة اهم وثيقة تتحكم بمصيرهم، حاضرا ومستقبلا . فالدستور العراقي الحالي يحوي العديد من الالغام التي تفجر وحدة ارضه وكيان شعبه، ومليء بالتناقضات بدءا من ديباجته حتى اخر مواده فضلا عما حشده من مواد لعرقلة تعديله. ورغم اضطرارهم لاضافة المادة 142 التي تعد بتعديل الدستور خلال ستة اشهر من اقرار أي تعديل واجراء الاستفتاء عليه فقد مرت ثلاث سنوات دون اقرار أي تعديل، بل دون اكمال مراجعة 80% من النصوص الدستورية المختلف عليها .
ولا شك بان المادة 41 من الدستور العراقي الحالي، التي يشكل نصها ذروة التناقضات واخطر الالغام . فقد جاءت تحت شعار حرية جميع مكونات الشعب في بناء كيان الاسرة وفقا لشرائعها، تشويها لشعار الحرية باستعباد المرأة ووضعت بنصها الكامل اشد الالغام مفعولا، لتمزيق وحدة الشعب العراقي على اساس ديني وطائفي فضلا عن التمييز بين المكونين الاساسيين لشعبنا بالتمييز بين المرأة والرجل في الحقوق والوجبات و باخضاع المرأة لعبودية دائمة في البيت والمجتمع ، والى شل نصف المجتمع عن النضال الوطني والمساهمة في بنائه وتقدمه الاقتصادي والاجتماعي ، وترسيخ تقسيم المجتمع على اساس ديني وطائفي في بنا خليته الاساس، العائلة . والمادة 41 من الدستور جاءت لتلغي احد اهم انجازات شعبنا في ثورة 14/ تموز/1958، قانون الاحوال الشخصية الذي حصلت عليه المرأة العراقية بنضالها المتظافر مع نضال كل القوى الوطنية من اجل تحررها كجزء من نضالها من اجل تحرير الوطن والمجتمع، ونسيان دروسه. فقد لعبت المنظمة النسوية الرائدة رابطة الدفاع عن حقوق المرأة دورها التاريخي في توعية وتعبئة الجماهير النسوية في المدينة والريف وتدريبها على مختلف اشكال الكفاح الوطني والعالمي في التمهيد للثورة الوطنية الديموقراطية وحماية منجزاتها وتطويرها . وجرى تطبيق قانون الاحوال الشخصية والعمل على تطويره في ظروف تصاعد النضال الجماهيري في ظل ثورة 14/تموز وفي خضم النضال من اجل تحقيق برامجها التحررية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية . بل ولاسدال ستار النسيان على ذلك التاريخ المجيد وتلك التضحايات الغالية وعن استيعاب دروسها. ولاسيما ما اثبتته تجارب شعبنا بان تنفيذ افضل القوانين يتوقف على صيانة حرية الوطن والشعب وتظافر جميع قواه الوطنية. فلم يحم قانون الاحوال الشخصية المرأة العراقي من الاستعباد والقتل والاغتصاب في ظل الانظمة الدكتاتورية والهيمنة الامبريالية . فقضية تحرير المرأة وهي ركن اساسي في تحرير الوطن والمجتمع، كانت دائما الميدان الاول لاجتياح اعداء شعبنا . فقد الغى انقلاب شباط الفاشي عام 1963 قانون الاحوال الشخصية واقترف بحق المرأة افضع الجرائم. واستعادته المرأة العراقية في السبعينات بتظافر نضال جميع القوى الوطنية، دون ان تتوقف يوما عملية التلاعب في بنوده والعمل على تعديله تطورا وتراجعا وفقا لزخم الحركة الوطنية عموما ونضال المراة خصوصا .
واليوم ورغم مرور ست سنوات على هيمنة قوات الاحتلال وجميع القوى الرجعية بجميع فصائلها العنصرية والدينية والطائفية لادامة هيمنتها واستعبادها لشعبنا باشاعة الارهاب والقتل الجماعي والتضليل الديني والاعلامي وتأزيم جميع المشاكل المعيشية وخلق مختلف اشكال الازمات، ورغم تفاقم الضحايا ولاسيما المرأة والطفل، يتصاعد التحرك الجماهيري لاسترجاع الحقوق المغتصبة، بمظاهرات واعتصامات جماهيرية وفي طليعتها النضالات العمالية وتبوء العديد من العاملات مواقع متقدمة في الحركة النقابية واخيرا تحرك مجموعة من منظمات المجتمع المدني ولاسيما المنظمات النسوية وصولا الى عدد من البرلمانيات للمطالبة بالغاء المادة 41 من الدستور العراقي . لجأت الحكومة بدعم جميع القوى الرجعية المتلفعة بالقومية والدين والطائفية الى التمسك بالمادة 41 لتهديم اسس وحدة شعبنا من خلال اقامة خليته الاساسية العائلة على اسس التميز ضد المرأة واستعبادها، وتفريق صفوفه على اسس دينية وطائفية وشل نصفه عن النضال الوطني لاضعاف الحركة الوطنية . ولذلك تصبح المهمة الانية لجميع القوى الوطنية ولاسيما المنظمات النسوية تصعيد النضال المتعدد الاشكال والوسائل وفي جميع الميادين، في المدينة والريف، في الشوارع والمعاهد والجامعات، في المعامل والمزارع ، في البرلمان والحكومة ، في منظمات اجتماعية وديموقراطية وطنية وعالمية وفي المنظمات الدولية من اجل الغاء المادة 41 من الدستور العراقي والعمل بقانون الاحوال الشخصية الذي اقرته ثورة 14/تموز بل والعمل على تطويره وفقا للقوانين الدولية ومقتضيات العصر .