رأي في الحجاب ...



شامل عبد العزيز
2009 / 5 / 26

سيدتي : الإسلام الوهابي منتج بدوي لأعراب الجزيرة ؛ وهو ما يجعل العالم بأسره يدرك أنه غير قابل للتطور ولا يمكن تدجينه ... يمكن فقط إستبداله بمنتج ثقافي أرقى .... الدكتور طارق حجي ...
هذه بداية رسالة شخصية من الدكتور طارق حجي وصلتني عبر بريدي الألكتروني .. قدم فيها مقالة للدكتور احمد الصراف رجل الأعمال والكاتب الكويتي المعروف.. وأنا بدوري أحببت أن أنشرها على موقع الحوار المتمدن لما أراه من فائدة وهي مهدأة إلى كل امرأة ... أتمنى أن تنال رضى بعض القراء الأعزاء...

".. بين العلم أن المرأة تختلف عن الرجل، وخاصة مع بلوغها سن الشباب حيث يعروها "المحيض" الذي تتأثر به أفعالها ومشاعرها، فتطرأ عليها مجموعة من العوارض منها "تبلد الحس" وتكاسل الأعضاء وتخلف في "الفطنة" وتقل قوة تركيز الفكر لديها! واشد على المرأة زمان الحمل.. ولهذا جعل الدين القوامة للرجل على المرأة"!
كتاب"التربية الإسلامية" الصف 12 وزارة التربية الكويتية

كنت أميل دائما للحياد من مسألة الحجاب واعتباره موضوعا شخصيا يتعلق بمن ترتديه. ولكن بالتمعن أكثر في الموضوع والبحث بصورة أعمق في خلفيات الحجاب التاريخية، وجدت أن قضية "الحرية الشخصية" في مسألة الحجاب أكثر تعقيدا مما كنت أعتقد، وأن المسألة بحاجة حقا للتصدي لها بالنقد الواضح والصريح بعد أن أصبح الحجاب رمزا سياسيا من جهة وموقف شديد التخلف والتعسف ضد نصف المجتمع من جهة أخرى.

يقول المفكر الصادق النيهوم في كتابه الإسلام في الأسر، أن المرأة المسلمة عندما تتحجب، آملة أن تفوز برضاء الوعاظ، فإنها في الواقع، لا تلبس عباءة فقط، بل "تتقمص" شخصية مستحيلة، أول مفاجأة فيها، أنها شخصية لم يخلقها الله!

ويقول بأن حجاب المرأة -مثل ختان الذكر- فكرة محلية جداً، لم يعرفها أحد سوى سكان الصحراء في العالم القديم، ولم يكن يحتاج إليها أحد سواهم، لأنها ليست فريضة دينية حقاً، بل مجرد إجراء وقائي لمكافحة العدوى لجأت إليه شعوب الصحراء بسبب ندرة الماء بالذات. وقد تحدد هذا الإجراء في ختان الذكر، لمنع تلوث الغرلة، وعزل المرأة في الحجر الصحي، خلال فترات الطمث والولادة، وهو إجراء طبي حكيم نجح في حصر أمراض تناسلية فتاكة كان من شأنها (وقتها) أن تزيد من أخطار الحياة في الصحراء. لكنه ليس إجراء دينياً، ولم يصبح فريضة لها علاقة بالدين، إلا على يد اليهود، خلال الألف الثانية قبل الميلاد..

وهكذا تحولت الأفكار النافعة إلى وصايا سماوية، وبالذات من خلال نصوص مقدسة في كتب اليهود، عندما كانت المرأة في نظرهم، ولا تزال لدى الغلاة منهم، نجسة متى ما دخلت مرحلة "الطمث"، الذي أعتبر دينيا مرضا معديا وناقلا له ويجب عزل أو حجب ناقلته عن الآخرين
وكذا الحال معها بعد فترة الإنجاب، حيث تعزل 40 يوما إن أنجبت ذكرا وضعف ذلك إن أنجبت أنثى، وكل ذلك إمعانا في إذلالها والحط من مكانتها من خلال الإيحاء بأن ما يخرج من المرأة من دم ليس ظاهرة طبيعية، بل لعنة ربانية متعمدة، لا بل وأصبح مع الوقت جسد المرأة بكاملة خطيئة يتطلب منها، ومن وليها، إخفاءه عن أعين الغير.

وقد ساهم المجتمع الذكوري برمته وسهــّل، من خلال مختلف وسائل التربية والتعليم والإيحاء، ومقدمة المقال كمثال على ذلك، ومن خلال النصوص الدينية، سهل من استجابة المرأة لهذا الوضع وتقبلها لفكرة "نجاستها" وضرورة قيامها بإخفاء جسدها وصورتها وصوتها عن الآخر، وأن ترضى عن اقتناع بأن تلزم بيتها، وأن لا تخرج من غير عباءة أو حجاب يغطي جسدها بكامله، لكي لا تفسد إيمان الرجل وتقواه!

ويعود المفكر الصادق النيهوم للقول بأن الحجاب، بالرغم من أنه أصبح الآن فريضة إسلامية، يدعو لها الوعاظ علناً باسم الإسلام، إلا أن هذه الدعوة ليس مصدرها النص القرآني، بل مصدرها الواعظ المسلم الذي يتكلم "بنفس عبراني، دون أن يدري.
ويقول بأن فكرة أن المرأة مخلوق نجس هي كارثة تحققها فكرة الحجاب على ثلاث مراحل رئيسية، في الأولى تتعلم الطفلة أن الطمث نجاسة. وفي المرحلة الثانية، تكبر الطفلة، لكي تصير شابة وتتعلم أنها شخصياً قد أصبحت نجسة، وبات عليها أن تدخل في الحجاب. وفي المرحلة الثالثة، تكتشف المرأة المحجبة أن الحياة وراء الحجاب مجرد نوع من الموت العلني، في عالم خاو، ومفرغ عملياً من معنى الحياة..وهو اكتشاف لا تستطيع المرأة أن تواجه أبعاده بأي قدر من النجاح، إلا إذا عبرت الخط الفاصل، وماتت سراً من دون أن تدري!

ولهذا تصبح قضية الحجاب فكرة قاتلة للنفس يجب ان لا نقبل بها على أنها مجرد تصرف شخصي. فالمجتمع لا يترك عادة لأي فرد أو أكثر بالتصرف بطريقة كارثية لمجرد أن ذلك من صميم حقوقهم الشخصية. فلا خيار مثلا في موضوع التطعيم ضد وباء ما، ورفض المصاب تناول الطعم لتعلق الأمر بحقوقه الشخصية مثلا أمر غير مقبول على الإطلاق طالما أن الخطر يشمل المجتمع برمته، وبالتالي يصبح التطعيم فعلا إجباريا وضد إرادة الفرد وحريته الشخصية، وكذلك يجب التعامل مع الحجاب.

فالمرأة المحجبة لا تختفي وراء حجاب فقط لشعورها بأن ذلك من الدين، بل بسبب ما تعرضت له، عبر سنوات طويلة من التربية والتعليم المنزلي والبيئي، من أنها تشكل مشروع "عار" على أهلها، وهذا شكل عقلها وأحالها إلى مخلوق مريض، وهي بالتالي ليس بإمكانها أن تربي جيلا يمكن الاعتماد عليه في شيء..
وحال أمتنا ومصيرنا المظلم منذ قرون خير شاهد على ذلك.

ملاحظة: لو كانت المرأة التي يعروها المحيض قليلة الفطنة متبلدة الحس أيام معدودات في الشهر، كما تذكر كتب التربية والتعليم في مدارس الكويت، فلِمَ تعاقب المرأة بقية الشهر على ذلك؟ وما ذنب الطفلة، أو المرأة بعد سن المحيض؟ وكيف نفسر نجاح مئات السيدات كقادة وإداريات مبدعات ورؤساء دول عظيمات، وعلى مستوى العالم أجمع؟؟