في سلب حقوق المرأة (الموروث الثقافي نموذجاً)


فوزية الحُميْد
2009 / 6 / 10

الإنسانية صفة مشتركة في الإسلام , ومساحة واسعة للمشاركة بين الذكر والأنثى كإنسان مكلف ومسؤول . وهو الدين الذي يدعو إلى المساواة الكاملة بين الجنسين في الحقوق والواجبات والمشاركة الإنسانية ,وفي تحرير المرأة من كافة أنواع
التمييز ضدها. وما يلفت أن الموروث الثقافي ما زال يشكل الذهنية العربية في التعامل مع حقوق المرأة وواجباتها.
- حيث المشكلات تتشابه و تتضخم وتنمو وتستمر !! بعكس الدول المتقدمة التي تعمل على المعالجات باستمرار, وفي اهتمامها بدراسة الحالات والظواهر للعمل على تطويرها من خلال تطبيق الدستور الذي يضمن حق الجميع في المشاركة الإنسانية . وهنا الفرق!! أن الموروث الثقافي العربي يساعد على تهيئة المجتمع الذكوري ويخلق في سياق المراحل الحالة نفسها !!
حيث تتكرر التصرفات والأفعال التي تطال إنسانية وكرامة المرأة, وفي سلب حقوقها تحت غطاء الإسلام!! منها على سبيل المثال عدم تكافؤ الفرص بين الرجال والنساء في الحصول على عمل , والمفهوم السائد عنها كعورة , هذه المفردة المغلقة بقيت دون تفكيك لماهية العورة !!حتى ظننا ظلها عورة!!! وفريسة سهلة الصيد !! و في تعرضها للعنف بأشكاله !! وهي تصرفات غير منطقية ومدعومة من تراث بليد ومريض!! أهمل مفهوم الإنسانية في صورتها الناصعة مقابل أنانية مفرطة, وغير متعقلة .هذا الموروث الثقافي الذي يحتاج لقراءة واعية ونهضوية تؤهل المجتمع العربي للخروج من أزماته المتعددة .والعمل على رؤى عادلة , ولمستقبل أكثر إشراقا.
- وفي مجمل الحالات يقدم الموروث الثقافي المرأة بطريقة هزيلة, وغير موضوعية, بفضل انتشار بعض الأحاديث الموضوعة والضعيفة على طريقة (شاوروهن وخالفوهن )!!! وهناك العديد من القضايا الشائكة التي شرعها الخالق وتجاهلها المخلوق بجاهلية أخرى ,وبميزان القوة والضعف .لقد منح الخالق الإنسان خياراته في كافة الأوجه بما فيها نفسه . فليس من المعقول أن يتصرف الآخر في حياتك وخياراتك !!وهي نظرة تتنافى مع العقل. هذه الخيارات لم تفعل في معظم المجتمعات العربية كما أرادها الله .
و مازالت المرأة في حالات عديدة راضية مطمئنة لوضعها المخزي, حيث تتحرك بعصا الرعية .هذه العصا التي مسخت شخصيتها, وحولتها لامرأة تابعة لا تحسن التصرف . نتيجة ثقافة اجتماعية وأسرية تحكمها وتتحكم فيها الأعراف أكثر مما يحكمها الدين. ثم ما علاقة العرف بكل هذا؟ وكيف تكونت سيكولوجية التمييز المبنية على الذنب لتحمي المرأة من الوقوع فيه ؟ وكأنها أيضا الطرف الوحيد المعني بذلك!!! وإحالة المرأة الى رذيلة تمشي على الأرض !!! هذه الأرض التي وهبها الله للإنسان كي يعمرها, ولم يتركها للتمييز بين الجنسين !!! وأين مفهوم التكليف من المرأة؟؟ قال تعالى (والْمُؤْمِنُونَ والْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ)، [التوبة: 71] ولو تم التمعن في هذه الآية لكنا خير أمة على مسار التقدم . أنها آية التكليف والإصلاح في آن!! .ومما يلفت النظر أيضا بأن المنتج الإسلامي في جلَه عن المرأة لا علاقة له بالإسلام , ولكنه يمثل رغبات وتطلعات أصحابه !! ليحول المرأة إلى مسخ آخر. وليعكس صورة الإسلام في مفاهيمه ليسقطها على المرأة بالشكل الذي يريد .حتى اختلطت المفاهيم والرؤى مابين الخلوة والاختلاط وكشف الوجه والعورة , وتحول الدين إلى منظرين في إنتاجه !هذا التنظير الذي أساء إلى الإسلام في جوهره ,وذهب ببصيرة الإنسان!
و تعدى مسألة الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور متشابهات !!وتم إنجاز الفقه على ضوء المتشابهات وباب سد الذرائع !!وهكذا لعب الموروث الثقافي في تداخله مع المتشابهات لعبة خطيرة!! في مقابل إنصاف الإسلام للمرأة منذ أربعة عشر قرناً !وكان حظ المرأة في التحرر من كافة أنواع التميز هو العصر الأول للإسلام وهي من وجهة نظري فترة التنوير, وفترة تحرير المرأة ,وبعدها عدنا ( لجاهلية أخرى ) تؤسس للظلم وسلب الحقوق! هذا الظلم الذي تشكل بفضل الموروث الثقافي المبني على الإقصاء وثقافة العنف والهيمنة!! وهو إساءة للقرآن الذي هو المرجع الحقيقي للإسلام .ونتساءل عن مشاركة المرأة في المنتج الفقهي الإسلامي , المعني بالحقوق والواجبات!
فرغم تفوق المرأة في المنتج الثقافي الأدبي . ظل المنتج الفقهي محصوراً على الرجل حيث يوجد الفقيه العالم في عدم وجود الفقيهة العالمة !! مما أدى إلى كتابة الفقه من وجهة نظر ذكورية وفي غياب الطرف المعني!! , ونتساءل أين فقه المرأة؟ إن معظم ما لدينا فقه العادة الذي ظل يكرر نفسه لقرون!! وبالتحديد ما بعد العصر النبوي !!!! وهي انتكاسة للإسلام في جوهره ,(الإسلام الحدث الأعظم بلا شك )! والسؤال الأهم أين هو المشروع النهضوي الإسلامي في قراءة الموروث الثقافي؟؟