الاجهاض في المستشفيات الحكوميه انقاذ اكيد لحياة المرأه



ناديه كاظم شبيل
2009 / 7 / 5

لو سألت اي امرأة في مختلف ارجاء العالم السؤال التالي : ماهي اسعد لحظة مررت بها . فسترد عليك وبدون تردد : لحظة سماعي اول صرخة لطفلي بعد المخاض . ولو حضرت تلك اللحظة لقرأت في وجه الام تعابير يعجز القلم عن وصفها ، فرغم تجربة المخاض القاسيه ورغم الامه التي لا تطاق ، تنسى الام وبلحظة واحده كل مامرت به وتنتبه الى اجمل لحن في الدنيا ، صوت صراخ وليدها الحبيب ، تسأل الطبيب بلهفه ان كان صغيرها يشكو شيئا ، تتلقفه بحنان ، تشمه مغمضة العينين لتشم فيه اجمل عطر في الكون ، تقبله ، تنتشي ، تقبل اليد التي ساعدتها ولتكن يد الطبيب او الممرضه او الفراشه لا يهم ، فكلها اياد سعت لحماية احب مخلوق اليها ، ثم ماان يتلقف بفمه الصغير ثديها حتى تتساقط دموعها مدرارا تردد في قلبها دعاء خفيا : ربي اطل عمري لاجل هذا المخلوق العاجز الصغير.

ولكن ولاسباب قاهره لا تحددها الا المرأة الام نفسها ، تضطر المرأة الى اسقاط هذا الطفل، وفي حدود معرفتها القاصره عن ادراك المخاطر الجمه التي تنتظرها . وهذا النوع من الاجهاض يطلق عليه الاجهاض الجنائي او المفتعل ، فيه تستعمل المرأة محرض لتفريغ الرحم من الطفل ، كحمل الاثقال او استعمال دش مهبلي حار ، او الذهاب الى القابله لوضع انبوب يبقى في الرحم ليومين وعند حركة الام يدور هذا الانبوب الرقيق ليزيل الجنين وبعدها تواصل القابله تنطيف الرحم ، او قد تلجأ الام الى استعمال العقاقير الطبيه التي لها تأثير سلبي على الحامل ، او استعمال العقاقير التي تسبب الاسهال الشديد مما يؤدي الى تقلصات شديده في الرحم قد تؤدي الى الاجهاض .

من مضاعفات الاجهاض المتعمد او الجنائي حدوث صدمه عصبيه لدى الام نتيجة الالم الشديد من ادخال اجسام غريبة في الرحم او حدوث نزف شديد نتيجة تمزق او اختراق لجدار الرحم او لعدم تفريغ الرحم بالكامل او نتيجة تلوث المهبل والرحم وقنوات فالوب نتيجة استعمال ادوات غير معقمه وقد تؤدي الى العقم مستقبلا .

في مجتمعاتنا العشائريه ، يحكم على الفتاة الحامل خارج نطاق الزوجيه بالذبح او الرجم ، حتى وان كان المغتصب من المحارم . ولا تعفى الفتاة من القتل حتى وان كانت تحمل البراهين والادله على انها كانت ضحية اغتصاب عدة رجال في ان واحد،ولاحول لها ولا قوه على ردعهم ، ولكن رغم هذا يكون مصيرها القتل في معظم الاحيان .

او قد تلجأ الام للاجهاض لفقدانها الزوج نتيجة الحروب الطاحنه وقلة ذات يدها كما يحصل الان في العراق ، فرغم مسؤوليتها عن اعالة عدة اطفال ترفض القادم الجديد رحمة به من حياة قلقه مضطربة تنقصها الطمأنينة وتفتقر الى كل خير وبر.

او قد تلجأ الى الاجهاض لتحملها مسؤولية الانخراط في العمل لاجل اعالة اطفالها وترفض ان يقف هذا الطارق الجديد حجر عثرة في طريقها ، فيمنع الخير عن اخوته ليفوز هو بقلب وعواطف الام بصورة اكبر من اخوته لانه لم ير وجه والده الراحل ، فتحاول تعويض خسارته ضعفين ، لذا يكون من الافضل للجميع اجهاضه قبل فوات الاوان .

حرمت الاديان الثلاثه الاسلام والمسيحيه الاجهاض باعتباره قتل متعمد ، واجازته اليهوديه ، قبل الشهر الثالث ، وبعض المذاهب الاسلامية اجازته قبل مرور اربعين يوما على انقطاع الطمث اي قبل ان تخلق فيه الرح ، وكان السبب الرئيسي في التحريم هو الحفاظ على حياة الام لخطورة النتائج التي قد تؤدي الى موت الام في معظم الاحيان .

الان ونحن نعيش عصر التقدم الطبي السريع الذي يكفل للام السلامه التامه في عمليات الاجهاض ان تمت في المستشفيات و تحت اشراف طاقم طبي ، حيث التعقيم والنظافة واستعمال التخدير لمنع تعرض الام للصدمة عند استعمال الاجهزه الطبيه ، وحيث تتم عملية الاجهاض دون خوف وتكتم كما هو الحال في الاجهاض السري الذي تقوم به القابله ، اطالب ان يكون الاجهاض مباحا في المستشفيات الحكوميه في بلداننا العربيه ، لاجل انقاذ حياة الاف النساء اللواتي يقتلن بصورة متعمده من قبل وزارة الصحه المسؤولة الاول عن حياة هذه الاعداد الغفيرة من النساء .

يناقش البرلمان السويدي قضية اجراء الاجهاض للنساء اللواتي يمنع او يحرم في بلدانهن الاجهاض لاسباب دينيه او قانونيه وذلك حفاظا على حياة المرأة ، ارجو ان تسير الدول العربيه في هذا المسار الانساني وتوفر للمرأة السلامه وتساعدها على تخطي اكبر عقبه قد تمر بها وتمنعها حقها في الحياة ، وذلك عن طريق الاجهاض الطوعي والاختياري وفي ردهات المستشفيات الحكوميه .